ولد الشاعر علي محمود طه الملقب بالمهندس في مدينة المنصورة, مركز محافظة الدقهلية عام 1902 من أسرة ثرية تحظى بسمعة
طيبة بين أهالي المدينة وبعد أن أنهى دراسته الأولية آثر بتشجيع من والده أن ينتسب إلى مدرسة (الفنون التطبيقية) فتخرج منها عام 1924، وعيّن عقب تخرجه في دائرة هندسة المباني بمدينته ومن هنا أطلق عليه معارفه لقب المهندس من دون أن يدرس الهندسة المدنية.
وبعد مرور سنوات على تخرجه راح يرتقي في الوظائف الحكومية فكان أن عين مديراً لمعرض وزارة التجارة المصرية ثم مديراً لمكتب وزير التجارة ثم أميناً عاماً للمجلس النيابي المصري في زمن الملكية وأخيراً عين وكيلاً لدار الكتب المصرية وكان ذلك في عام 1949، وقد شهد هذا العام المذكور أيضاً رحيله عن عالمنا.
وبالرغم من قصر عمره إذ إنه لم يعش إلا 47 عاماً، قدم إلى ديوان الشعر العربي باقة من القصائد الخالدة لعل أشهرها أغنية الجندول التي لحنها وغناها الفنان المرموق محمد عبد الوهاب في مطلع الأربعينيات من القرن العشرين ولاتزال هذه القصيدة ترددها الشفاه حتى يومنا هذا وقد جاء فيها:
يا ضفاف النيل بالله وياخضر الروابي
هل رأيتنّ على النهر فتىً غض الإهاب
أسمر الجبهة كالخمرة في النور المذاب
إن يكن مرّ وحيا من بعيد أو قريب
فصفيه وأعيدي وصفه فهو حبيبي
ويرى الشاعر عبد الله يوركي حلاق صاحب مجلة (الضاد) الحلبية أن شاعرنا كان يمتاز بعاطفة تسيل كالينبوع الثر النمير.
عرف ببراعته الفائقة في اصطياد المعاني العصية وانتقاء الألفاظ الملائمة لها.
وكان يحلق كالنسر الجبار في أبعد أجواء الخيال ويمهر الفصحى بما يرضيها ويسر أعلامها ومحبيها:
إذا ارتقى البدر صفحة النهر
وضمنا فيه زورق بحري
وداعبت نسمة من العطر
على محياك خصلة الشعر
جنّ جنوني لها وما أدري
تجدر الإشارة هنا إلى أن علي محمود طه المهندس كان من الأعضاء البارزين في مجلة (أبولو) التي أسسها في القاهرة الدكتور أحمد زكي أبو شادي
أما أعمال الشاعر فهي: الملاح التائه وليالي الملاح التائه وزهر وخمر، وأغنية الرياح الأربع ، فضلاً عن كتاب نقدي أطلق عليه اسم أرواح شاردة ويتضمن دراسات عن كوكبة من الشعراء العالميين أمثال شارل بودلير وبول فيرلين.