تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أبو زيد الهلالي بين الفانتازيا والحكاية الخاطئه

ملحق الثقافي
28/3/2006
عبد الكريم رزوق

لكي نجيب على هذا السؤال لابد لنا من تساؤل كيف استطاع هذا النص أن يمر من تحت أنظار لجنة دراسة النصوص المختصة دون أن تلمحه عين لجنة حماية التراث؟!

بل هل وافقت لجنة توثيق الاعمال التاريخية على هذا العمل التلفزيوني بما فيه من تحريف وتشويه للحقائق؟! يبقى السؤال برسم الجواب، تابعنا المسلسل لاهتمامنا بالتاريخ وبأيام العرب، لاحباً بالتشويه والفانتازيا،رغم اطلاعنا على سيرة بني هلال وتغريبتهم، وكنا مع كل حلقة نشعر بطعنة في جسد التاريخ من جهة، وخيبة ترتسم على الوجوه، إذ إن الحقائق تبدلت عما هي في السيرة، وظهر العبث واضحاً وغير مقنع في مجريات احداث المسلسل. لاأدري على أي مصدر اعتمد كاتب المسلسل في هذا الانحراف؟! في الحقيقة ما جاء في سير أحداث مسلسل« أبو زيد» طعنة بالتاريخ،هكذا يفهم النص شاء الكاتب أم لم يشأ، لأن كل نص تاريخي يُكتب أو ىُعرض على شاشة هو بمثابة وثيقة عن ماض العرب وحياتهم،وأعداء الامة يتعلقون بأية شهادة زور دون التحقق منها، في حين يعمد كتاب الغرب ومنهم /الأمريكان/ الى خلق تاريخ حافل بالبطولات والفضيلة من وحي الخيال، وهم على ما عليه من الإرهاب ضد الشعوب والغدر كل ذلك ليصنعوا لأجيالهم تاريخا لم يكن موجودا بالأصل هذا حال من لم يملك تراثا لو أثرا يعتز به فكيف الحال بنا ونحن نملك إرثا عظيما نحسد عليه، مابال كتاب هذه الايام يشنون حربا على تراثهم ليفقدوه قدسيته برؤى قوامها المزاج وهذا ما يسعى اليه اعداء الحضارة العربية ويدفعون لأجل ذلك الملايين من أجل إفراغ العرب من تاريخهم الذي يجلونه في حقيقة الأمر..ألم نتخلص من هوس الفانتازيا بعد؟ الكاتب الناضج هو الذي إذا تناول عملاً تاريخياً أو حكاية تاريخية شعبية معروفة يحافظ فيها على الفضيلة والقداسة ويثاب إذا أضفى على النص شيئا من روحه النبيلة لانه يعلم أن ما يكتبه سيكون مسجلا في ذاكرة الاجيال ممايزيد من تمسكهم بتاريخ الأجداد وإلا سيكون معولا هداما وقلما مأجورا يخدم أعداء الأمة وينفر الأبناء وبذلك نكون قد اعطينا للأجيال مبررا للعبث بتاريخنا الحاضر وطمس الأمجاد التي كنا نتغنى به، من يرغب بكتابة أعمال الفانتازيا إن كان جديراً فلينشىء من خياله ما يشاء وليتصرف بأقدار اشخاصه كما يحلو له وبهذا لايجد من ينتقد عمله إذا أحسن مسك الخيوط بمنطقيه ويمكن معها تميز الكاتب من المقلد المشوه لأن من يسرق الآثار ويتاجر بها ليس أسوأ ممن يحرف ويعبث بملك الأمة وتاريخها فكلاهما من صنف واحد وعلى هذا يكون كل نص تاريخي مشوه وثيقة طعن بالتراث وماضي الأمه شاء المؤلف لم يشأ وانطلاقا من أن التراث ملك الجميع وحرصا على سلامة الإرث من العبث لايحق لأي كائن من كان أن يتصرف به على هواه بهوس الفانتازيا،كنا سابقا نخشى على التراث من أعداء الأمة فإذا بنا نطالب اليوم بحمايته من أبنائه المهووسين بمرض الفانتازيا كفانا ما شاهدناه من تحريف لأعمال تاريخية مروراً بالزير سالم وغيره والآن فانتازيا أبي زيد الهلالي ولانعلم في الاعمال القادمة على من يقع الدور؟! ولمصلحة من؟! والأدهى من ذلك يزعمون أنهم يصححون التاريخ وفق رؤية جديدة أو قراءة جديدة ما خطرت على بال علماء التاريخ وفلاسفة العصر.وليتهم لم يفعلوا ، لأنهم بذلك يقدمون خدمة مجانية لأعداء الأمة« ارادوا تكحيلها فعموها». أقول لهؤلاء والقلب يتقطر حسرة: «فنتزوا» كما يحلو لكم ولكن بعيدا عن التاريخ. وخير مثال على العبث والفوضى والتلاعب في الحكايا الشعبية ما قدمه كاتب فانتازيا« أبو زيد الهلالي» قلب في هذا العمل الاقدار والاحداث بأسلوب ممجوج ينفر منه ذوق المشاهد في تداعيات لاحقيقة لها. لأن من يستقي الأحداث من وحي خياله ليس كمن يقرؤها في أقدارها التي رسمها طبيعة الحياة اليومية، وبنتيجة ذلك وقع المؤلف بمطبات أعجزته من إن يمسك بخيوط الشخصيات ومنطقية المعالجة.اللهم إن كان قصده من وراء ذلك النيل والتشفي من شخصية« دياب» إنما الاعمال بالنيات،ولا احسبه أغفل هذا التداعي سهوا بل على اغلب الظن كان متعمدا بكل ما جاء به .سأذكر على سبيل الذكر لا الحصر هذه الأخطاء الذي تعمدها مؤلف العمل، يجدر بنا ان نتوقف عند شخصيتين «دياب بن غانم» والجارية« كيف رسم هاتين الشخصيتين؟«دياب» رسمه بأسلوب يخالف ما جاءت به سيرة بني هلال فقد بدت شخصية، هامشية ، فاقدة الفضيلة والكرامة،ماجنة، غادرة، تتصرف بطيش دون تدبر ، ثم يجعلها مفكرة فيما بعد، ولكن الكاتب على الرغم من تهميش هذه الشخصية لم يستطع قتل «الزيناتي» الفارس القوي بدون «دياب»بعد ان قتل الزيناتي فحول بني هلال وضربه من سيفه تقطع جذع الشجرة اذ لولا( دياب) لما تحقق النصر لبني هلال، ولفتك الزيناتي بباقي فرسانهم هذه الفضيلة وحدها ترفع من شأن دياب وتربك المؤلف، لان الفارس العربي لايكون إلا شهما متزنا يدافع عن كرامته بكل قوة في حين نجد أبا زيد الهلالي يتحاشى لقاء الزيناتي وهو البطل المغوار لكل خطر، ومع ذلك لم يتمكن أبو زيد إجازة هذه الفضيلة «بقتل الزيناتي» ومع ذلك كله بقي دياب كما رسم في العمل منبوذاً من الجميع حتى الأمير حسن الهلالي والهلاليين والجازية بخاصة، لست ادري كيف انهي المسلسل على نحو يثير الاستغراب، وذلك من خلال الطريقة التي قتل دياب فيها أبا زيد الهلالي من دون سبب يستوجب هذا الغدر المقزز، لان المؤلف أخفى عن عين المشاهد تلك الأسباب التي سبقت حادثة القتل، لماذا أخفاها؟! لانعلم إلا انه أراد الإمعان بتحطيم هذه الشخصية في ذاكرة من قرأ سيرة بني هلال، وفي هذه الجريمة يعطي الكاتب الدور/للجارية/ لتكمل ما خطط له مبرمج المسلسل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية