تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


(زبدة والبحث عن الجمال) مجموعة قصص أطفال للأديبة الراحلة أمل الخير

ملحق الثقافي
28/3/2006
نبيل حمدان

قاومت المرض بالبحث عن الجمال في الفن والانسان..قد يقال غداً في تاريخ الأدب إن الكاتبة السورية أمل الخير خسرت معركتها مع مرض السرطان وغادرت دنيانا أوائل ديسمبر-كانون الأول 2005 أي قبل اسبوعين من عيد ميلادها الثامن والخمسين لكن هل خسرت الكاتبة التي أسعدت الكبار والصغار معركتها فعلا..؟ مجموعتها القصصية الجديدة التي صدرت بعد وفاتها تقول شيئاً مختلفاً عن ذلك الحكم التاريخي

الجامد فمن يصر على نشر الجمال ويشجع على البحث عنه لايمكن أن يقال إنه خسر معركته حتى وإن غيبه التراب. عنوان مجموعة الأديبة الراحلة أمل الخير (زبدة والبحث عن الجمال) وهي آخر ما أبدعت من قصص للأطفال الذين سبق أن كتبت لهم (زبدة بين أوغاريت والانترنت) وهي مجموعة مغامرات تقوم بها قطة ذكية من اللاذقية تسوح عبر العالم على البساط السحري وترحل في الزمان والمكان مع مرشدها ومعلمها سندباد لتنقل للأطفال كل مايشجع على التفكير ويثير الدهشة وحب المعرفة. على سرير مرضها وفي أيامها الأخيرة وحين أخبرها الأطباء أن أيامها صارت معدودة بالشهور، إن لم يكن بالأسابيع وبدلاً من المرارة والاsكتئاب اختارت الأديبة الراحلة أن تنحاز للجمال والمحبة حتى آخر لحظة في حياتها فأرسلت قطتها الذكية مع مرشدها لتبحث عن مواطن الجمال في الكون، وكتبت عن لسانها ولسان سندباد بلغة مبسطة صافية عن جمال المسرح وجمال الرسم وجمال الموسيقى وجمال الشعر وجمال الطبيعة وجمال المكتبات. إن من يقدم كل هذه الإبداعات هو الأجمل حسب رأي الكاتبة التي ختمت مجموعتها بالحديث عن جمال الانسان، فقدمت للأطفال عدة نماذج مشرفة من الجنس البشري كنيلسون مانديلا والمهاتما غاندي وتشيكوف ونجيب محفوظ ومن النساء الأم تيريزا التي كانت تعتقد أن الجنة الحقيقية هي مساعدة الضعفاء والمساكين. وأكثر ما يميز هذه المجموعة بعد بساطتها وسحر لغتها هو غزارة المعلومات المتعلقة في كل حقل من الحقول التي تطرقت اليها رحلة البحث عن الجمال .ففي مجال الموسيقى مثلا وهي من الفنون التي كانت مهملة عربيا يتعرف الأطفال بعد الموسيقار العربي زرياب على أعمال موتسارت والأماكن التي أبدع فيها ويرحلون إلى بحيرة البجع مع هواجس تشايكوفسكي وخيالاته ثم يتعرفون على ايطاليا وفن الباروك من خلال فيفالدي والفصول الأربعة والمرحلة التي انتجت كل تلك الفنون الرائعة. إن العرب الذين يغيبون جزئيا عن المرسح والموسيقى يظهرون ظهوراً قوياً في رحلة البحث عن جمال الشعر حيث تظهر ثقافة الكاتبة وميولها فمن بين ألوف الشعراء العرب تمر مروراً عابراً على المتنبي وولادة وابن زيدون ثم تقف مع قطتها وأطفالها لتحتفي حفاوة خاصة بشاعر المعلقات زهير بن أبي سلمى لأنه وقف مع نزعات السلم والتسامح في وسط جاهلي مليء بالعنف والعنصرية أما حفاوتها بالشعر العالمي فقد انصبت حول بضعة أسماء مؤثرة حيث عرفت الأطفال العرب على شعراء كبار كناظم حكمت وبابلونيرودا واليوت وطاغور عاشق الطبيعة التي أفردت لها الكاتبة فصلاً خاصاً هو الخامس من مجموعتها الصادرة بعد رحيلها. في رحلة القطة زبدة للبحث عن مكامن الجمال في الطبيعة يأخذها البساط مع سندباد إلى شلالات نياغارا حيث تتأملها من الطرفين الأميركي والكندي ثم تعود إلى سحر بلاد الرافدين مع دجلة والفرات ومنهما إلى منابع النيل قبل أن تحط الرحال عند الدانوب الأزرق الذي خلده شتراوس بإحدى أشهر مقطوعاته الموسيقية. غزارة الثقافة تظهر في فصل المكتبات أيضاً من خلال ثلاث زيارات لمكتبة السكندرية برموزها وعراقتها وانفتاحها على الفكر البشري منذ قرون ما قبل الميلاد ومكتبة الكونغروس الأميركي التي تضم تراث جيفرسون الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأميركية الذي قال (لا أستطيع أن أعيش من غير كتب) ثم زيارة لمكتبة المتحف البريطاني التي تضم صورة من وثيقة (الماغنا غارتا) أول وثيقة سياسية واضحة عن حقوق الانسان والمواطن منذ القرن الثاني عشر الميلادي وهناك تعريجة على مركز بومبيدو في باريس لإنصاف الفرنسيين الذين قال كاتبهم فلوبير: أقرأ لأعيش. وتظهر ثقافة أمل الخير الشاملة ليس من خلال كتاباتها فحسب بل من خلال تأثيرها في من حولها، فالكاتبة بالمناسبة هي والدة الشاعرة بالانجليزية (عيوش) التي نشرت ديوانين من الشعر قبل أن تبلغ الثامنة عشرة من عمرها فقد غرست الكاتبة الراحلة والمربية الكبيرة ميولها الفنية في أطفالها فابنتها الكبرى (بيسان) بالإضافة إلى كونها عالمة في الهندسة الوراثية في أكبر المختبرات الدولية رسامة ممتازة فهي التي قدمت رسوم المجموعتين لذا نالت مع أختها عيوش الشكر في المقدمة أما الإهداء فكان لعجمية الخير الشقيقة الكبرى للكاتبة الراحلة والتي كانت بمثابة أم حقيقية لها. لقد اختارت أمل أن تكون مربية حتى آخر لحظة في حياتها وكان حبها للأطفال هو الذي دفعها لتكتب لهم بأسلوب سهل مبسط لتعلمهم باسلوب غير مباشر حب الجمال واحترام القوانين التي نحافظ بها على تماسك المجتمع البشري. ومع أن المسرح أول رحلة جمالية تقوم بها القطة الذكية في مجموعة (زبدة و البحث عن الجمال) فقد تأخر الحديث عنه لكثافته وعلاقة الكاتبة الوثيقة به فرسالتها للماجستير في كلية لندن للدراسات الشرقية والإفريقية كانت عن المرأة في المسرح السياسي لسعدالله ونوس صاحب عبارة(محكومون بالأمل) والذي تذكرنا محنته في مواجهة السرطان بمحنة الكاتبة ومحنة الشاعر والمسرحي السوري ممدوح عدوان فقد ابتلي الثلاثة بذلك المرض الخطير وواجهوه جميعاً بشجاعة وبإصرار على نشر الحب والجمال من خلال الفن والانسان. في رحلة البحث عن جمال المسرح مع هؤلاء وغيرهم تقف القطة الذكية مع معلمها سندباد عند (جلوب) مسرح شكسبير في لندن وتعود في رحلة عبر الزمان إلى أسخيلوس الإغريقي الذي كان يكتب المسرحيات في القرن الخامس قبل الميلاد وعبر العصور نمر في مغامرة اكتشاف المسرح على خيال الظل و(البانتو مايم) ثم تظهر البراعة الفنية عند الوقوف عند مسرحية موسيقية عن القطط لاليوت فالكاتبة ذات الاسلوب المشوق تعرف أن قطتها الذكية سوف تقف وقفة خاصة عند مسرحية تخص جنسها.. ماذا أرادت الكاتبة الراحلة أن تقول للكبار والصغار في هذه المجموعة القصصية التي كانت آخر ما أبدعت..؟ الجواب في الصفحة الأولى التي سبقت الإهداء فقد اختارت أمل الخير أن تقدم لمجموعتها بقول جبران خليل جبران: هيموا وراء الجمال، واتبعوه، أجل اتبعوه، ولو كان ذا جناح وأنتم لاجناح لكم، اتبعوه، اتبعوه، فإن افتقدتم الجمال، افتقدتم كل شيء. عنوان الكتاب: زبدة والبحث عن الجمال المؤلفة: أمل الخـــــــــــــــير 68 صفحة من القطع المتوسط‏

تعليقات الزوار

اندرو |  Spider_man0900@hotmail.com | 16/09/2007 21:38

قاومت المرض بالبحث عن الجمال في الفن والانسان..قد يقال غداً في تاريخ الأدب إن الكاتبة السورية أمل الخير خسرت معركتها مع مرض السرطان وغادرت دنيانا أوائل ديسمبر-كانون الأول 2005 أي قبل اسبوعين من عيد ميلادها الثامن والخمسين لكن هل خسرت الكاتبة التي أسعدت الكبار والصغار معركتها فعلا..؟ مجموعتها القصصية الجديدة التي صدرت بعد وفاتها تقول شيئاً مختلفاً عن ذلك الحكم التاريخي الجامد فمن يصر على نشر الجمال ويشجع على البحث عنه لايمكن أن يقال إنه خسر معركته حتى وإن غيبه التراب. عنوان مجموعة الأديبة الراحلة أمل الخير (زبدة والبحث عن الجمال) وهي آخر ما أبدعت من قصص للأطفال الذين سبق أن كتبت لهم (زبدة بين أوغاريت والانترنت) وهي مجموعة مغامرات تقوم بها قطة ذكية من اللاذقية تسوح عبر العالم على البساط السحري وترحل في الزمان والمكان مع مرشدها ومعلمها سندباد لتنقل للأطفال كل مايشجع على التفكير ويثير الدهشة وحب المعرفة. على سرير مرضها وفي أيامها الأخيرة وحين أخبرها الأطباء أن أيامها صارت معدودة بالشهور، إن لم يكن بالأسابيع وبدلاً من المرارة والاsكتئاب اختارت الأديبة الراحلة أن تنحاز للجمال والمحبة حتى آخر لحظة في حياتها فأرسلت قطتها الذكية مع مرشدها لتبحث عن مواطن الجمال في الكون، وكتبت عن لسانها ولسان سندباد بلغة مبسطة صافية عن جمال المسرح وجمال الرسم وجمال الموسيقى وجمال الشعر وجمال الطبيعة وجمال المكتبات. إن من يقدم كل هذه الإبداعات هو الأجمل حسب رأي الكاتبة التي ختمت مجموعتها بالحديث عن جمال الانسان، فقدمت للأطفال عدة نماذج مشرفة من الجنس البشري كنيلسون مانديلا والمهاتما غاندي وتشيكوف ونجيب محفوظ ومن النساء الأم تيريزا التي كانت تعتقد أن الجنة الحقيقية هي مساعدة الضعفاء والمساكين. وأكثر ما يميز هذه المجموعة بعد بساطتها وسحر لغتها هو غزارة المعلومات المتعلقة في كل حقل من الحقول التي تطرقت اليها رحلة البحث عن الجمال .ففي مجال الموسيقى مثلا وهي من الفنون التي كانت مهملة عربيا يتعرف الأطفال بعد الموسيقار العربي زرياب على أعمال موتسارت والأماكن التي أبدع فيها ويرحلون إلى بحيرة البجع مع هواجس تشايكوفسكي وخيالاته ثم يتعرفون على ايطاليا وفن الباروك من خلال فيفالدي والفصول الأربعة والمرحلة

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية