لاشك، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ساد العلاقة بين موسكو ودمشق بعض الركود وهذا وضع طبيعي في وضع انتقالي ولكن سرعان ماعادت حركة التواصل بين البلدين إلى سابق عهدها متسمة بالحيوية، لأن كلا البلدين ظل حريصاً على عودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي ودفعها نحو مزيد من التطور.
في ذاكرة ووجدان وثقافة السوريين روسيا دولة صديقة لها دورها وأهميتها في ظل أي حراك عالمي وخاصة في شأن قضايا الشرق الأوسط وأنها كانت وستظل القوة التي ترفض الطغيان والتهديد وسلب الشعوب إرادتها وأراضيها ووجودها، وإذا كانت الولايات المتحدة قد عملت على تقليص دور روسيا في العالم وأن يبدأ هذا التقليص من الشرق الأوسط حيث بوابة روسيا إلى إفريقيا وآسيا والعالم العربي، فإن دمشق كانت وستظل حريصة على أن تبقى بوابة لروسيا إلى العالمين العربي والإسلامي لاقتناع سورية بأهمية الدور الروسي ونظافته، لأن هذا الدور في القراءة السياسية السورية يعزز مسيرة السلام ونضال العرب في استعادة أراضيهم وحقوقهم المغتصبة من قبل إسرائيل.
-2-
«شكراً روسيا»
على موقفك الصلب إلى جانب سورية في مواجهة الحرب العدوانية لكسر إرادة سورية وجرها إلى دائرة الاستسلام والتبعية والتخلي عن الثوابت الوطنية والنضالية وتحويل الشرق الأوسط إلى مستعمرة أميركية- إسرائيلية.
إن تسلل السفير الأميركي إلى حماة يؤكد ضلوع أميركا في إذكاء حوادث العنف التي يقوم بها بعض القتلة لتحويل سورية إلى بركة دم كما حولت أميركا العراق والصومال والسودان وفلسطين إلى برك للدم ولتمرير الفوضى الخلاقة لإنتاج حالة من التصارع الدموي على غرار الحالة الصومالية.
-3-
«شكراً روسيا»
العلاقات السورية الروسية لم تكن يوماً علاقات عابرة، منذ قرون وقوافل التجارة والثقافة تتحرك من دمشق إلى موسكو ومن موسكو إلى دمشق ومن ثم إلى العالم ولم يسجل التاريخ يوماً أن هذه العلاقات كانت بهدف الاستعمار أو الاستغلال كما كانت بين بعض دول المنطقة العربية والغرب الذي كان استعمارياً وظل استعمارياً.
إن آلاف الطلاب السوريين درسوا في معاهد وجامعات روسيا وهم يشكلون اليوم أهم النخب القيادية في سورية على الأصعدة كافة وهذه النخب رضعت حليب الثقافة الروسية والأدب الروسي الذي يتصدر رياديته عظماء أمثال «تولوستوي وبوشكين، وديوستفيسكي، ورسول حمزاتوف».
-4-
في أواخر أيلول من العام 2009 كنت في زيارة إلى روسيا ضمن وفد من مجلس الشعب برئاسة الدكتور محمود الأبرش رئيس مجلس الشعب شعرت بقلبي يطير من الفرح والطائرة تحط بنا في مطار موسكو، كان تاريخ طويل من العلاقات والحكايات والقصص والوجوه يتوهج أمامي، إنها موسكو التي اتسع صدرها وعشقها لأعداد هائلة من السوريين كانوا يرون أن الطريق بين دمشق وموسكو أقرب من أي طريق آخر، موسكو ودمشق تاريخ طويل من التفاعل السياسي والعسكري والثقافي راح ينهض في روحي ومشاعري وقرأت ذلك في وجوه أعضاء الوفد وفي العبارات السياسية المفعمة بالصدق والحب التي تبادلها رئيس الوفد الدكتور الأبرش مع الأصدقاء الروس في مجلس الدوما الروسي وفي لجنة العلاقات الخارجية للدوما ومع رئيس لجنة الصداقة الروسية السورية ومع قيادات مدينة سان بطرسبورغ.
-5-
كوني عضواً في اللجنة البرلمانية للصداقة السورية كان لي شرف حضور حفلة العشاء التي أقامها الرئيس بشار الأسد على شرف الرئيس الروسي «ميدفيديف» خلال زيارته دمشق في نيسان 2010، استمعت إلى الكلمات المتبادلة بين الرئيسين، كان خطاب الرئيس الروسي يوحي بكثير من الثقة والاطمئنان أن روسيا لن تتخلى عن صداقتها لسورية.
وها هو الرئيس ميدفيديف وها هي روسيا تجسد الصداقة مواقف كبيرة وعظيمة تضامناً مع سورية، مواقف ستظل في ذاكرة السوريين.
في بلادنا يقولون: «الصديق وقت الضيق»
وفي الوقت نفسه سيظل في ذاكرة السوريين أن آخرين في بلدان أخرى خانوا الصداقة والخبز والملح والتاريخ في زمن الضائقة، إن لم نقل إنهم كانوا شركاء في المؤامرة الفتنة.
وشكراً روسيا.