فمنذ أكثر من عقدين من الزمن ووزارات النقل الزراعة والداخلية والمالية والنقل والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش والمؤسسة العامة للتجارة الخارجية مجتمعة ، تحاول جاهدة من خلال إصدار القرار تلو القرار، والتعليمات تلو التعليمات، وتشكيل اللجان تلو اللجان، ومنح المهل الزمنية تلو الأخرى، في محاولة منها لإيجاد صيغة قانونية تمكنها من إغلاق ملف السيارات الحصنية (2500 سيارة نصف ثقيلة) نهائياً.
وعلى الرغم من عدم تمكن أي من هذه الجهات الحكومية المكلفة بدراسة ملف السيارات الحصنية وتسوية أوضاعها من معرفة الرقم الحقيقي لأعداد تلك السيارات، إلا أن الإحصائيات التي أجرتها وزارتا الداخلية والزراعة والإصلاح الزراعي والمشمولة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (1858) تاريخ (20 / 4 / 2004)، أشارت إلى أن العدد الإجمالي للسيارات بلغ نحو (2577 سيارة)، وضع منها في الاستهلاك المحلي (780 سيارة) في حين وصل عدد السيارات التي لم تسو أوضاعها إلى (1797 سيارة) وذلك - حسب ما أفادت به مصادر خاصة للثورة - نتيجة تهرب أصحاب تلك السيارات وتخلفهم عن الحضور مع سياراتهم إلى مديريات الجمارك المختصة لتسجيلها أصولاً، لأسباب تتعلق إما بتآكل مركبتهم وخروجها من الخدمة الفعلية وبيعها خردة أو تصريفها، أو لعدم رغبتهم في تسديد قيمة الضرائب والرسوم الجمركية التي سوف يتم إلزامهم بدفعها إلى الخزينة العامة للدولة.
هذه المنغصات وما رافقها من عراقيل وعصي التي تناوب أصحاب السيارات الحصنية (الذين لم يبادروا لغايته إلى تسوية أوضاع مخالفاتهم) على وضعها في عجلات اللجان التي تم تشكيلها بناء على قرارات حكومية وتوصيات اللجنة الاقتصادية ومطالعات الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، والحملات الإعلانية في الصحف وعلى شاشات التلفاز، بهدف إيجاد حل لهذه المعضلة، هي التي دفعت بالحكومة السابقة إلى قبول طلب وزارة الزراعة (بعد الانتهاء من عملية الحصر ووضع التعليمات الخاصة بالتسوية)، التنازل عن رئاسة اللجنة، وتكليف وزارة النقل بهذه المهمة قبل أقل من عام بدءاً من تاريخه، التي لم تستطع لغايته من وضع الآلية المناسبة لتطبيق التعليمات التنفيذية الأخيرة الصادرة عن الحكومة السابقة، ومن هذه التعليمات ضرورة الاستعاضة عن الحصول على إجازة استيراد حكمية من وزارة الاقتصاد والتجارة، بمحضر ضبط الكشف الفني لتنظيم الشهادة الجمركية استثناء من أنظمة التجارة الخارجية، وتخصيص أمانات جمارك المنطقة الحرة بعدرا وحمص وحماة من أجل الكشف وإتمام إجراءات الحصول على الشهادة الجمركية ووثائق التسجيل الأخرى، وإلزام مديريات نقل حمص وحماة وريف دمشق التابعة لوزارة النقل بفرز موظف من أجل تنظيم إرساليات الرسوم المتوجبة، وتسدد الرسوم لدى الأمانات المذكورة.
وأن الشهادة الجمركية لابد أن تحتوي على قيمة للسيارة وأن قيمة السيارة لابد من تدوينها في دوائر النقل من أجل استيفاء رسوم الفراغ حين انتقال الملكية، تعتمد في تحديد قيمة السيارة المراد تسوية وضعها آلية خاصة تقضي بضرب قيمة الرسوم الواردة في القرار 22 لعام 2010 بـ14 ضعفاً من أجل الوصول إلى القيمة التقديرية الواجب تسجيلها في الشهادة الجمركية.