وهو موسيقي من مؤسسي النهضة الموسيقية في سورية، وهو كاتب وشاعر وصاحب نشيد «بلاد العرب أوطاني» - ألحان الأخوين فليفل - على أنه واحد من أشهر ظرفاء دمشق في القرن العشرين، وقد صحبه ظرفه في جميع المجالات التي تألق فيها، وكانت الصديقة الراحلة الباحثة السيدة دعد الحكيم - وقد شغلت زمناً إدارة مركز الوثائق التاريخية بدمشق - قد أنجزت القسم الأول من «أوراق ومذكرات فخري البارودي» في كتاب نشرته وزارة الثقافة عام 1999، ولم يمهلها القدر لنشر القسم الثاني.
وسوف نلم في هذه الصفحة، بمختارات من المحطات والمواقف الطريفة في سيرة هذا الرجل الكبير.
في حديثه عن المقاهي في دمشق، يراها قسمين: بلدي ومدني، البلدي يجلس فيه الناس على الحصر والكراسي المربعة أمام مناضد خشبية موازية للكراسي، وتقدم هنا النراجيل والقهوة المرة، أما المقاهي المدنية فكراسيها من الخيزران وفيها ما يلزم من أدوات اللعب كالشطرنج والنرد والبلياردو وجميع أنواع ألعاب الورق.
وكان أقدم مقهى في دمشق مقهى «ديمتري» في ساحة المرجة، وهذا الرجل يوناني انتقل إلى دمشق وفتح مقهى على الطراز الحديث، وقد استحضر له ما يلزم من أدوات اللعب، كما أنه جعل في صدره مسرحاً وعلى جوانبه ألواحاً، فكان يستعمله في الليل مسرحاً للتمثيل أو الرقص والغناء، وقد شارك ديمتري في عمله رجل يدعى «أبو فاضل الأوبجي» وهو قبضاي معروف، استقدمه ديمتري ليتقي به شر الرعاع والمسترجلين، وحدث مرة أن علق أحدهم في صدر المقهى صورة للأديب الفرنسي الكبير فيكتور هوغو، وكان ذكره يومئذ قد وصل إلى الشرق، فلما رأى ديمتري الصورة، سأل أبا فاضل عنها، وكان هذا يجهل الاسم، فتظاهر بالمعرفة وأجاب:
- هذا شيخ «قهوجية» باريس.
هكذا أصبح فيكتور هوغو عند رواد القهوة شيخ القهوجية، وظلت هذه النكتة موضع التندر زمناً طويلاً.