بالتأكيد قادرون على تقديم إحصاءات دقيقة وليس لأحد أن يدعي أنه قادر على فعل ذلك.. ولكن في هذا الازدحام الشديد للإصدارات يحق لنا أن نطرح سؤالاً: هل الكتب كلها في مستوى واحد؟ بالتأكيد لا.. ولكن هل ظلمت بعض الكتب ولم تأخذ حقها في التداول والإضاءة والعرض والتحليل وإعادة الطبع؟ بالتأكيد نعم، ثمة كتب كذلك وما أكثرها.
مامن قارىء جيد ومتابع إلا وفي جعبته حكايات عن كتب توقف عندما قرأها ورأى أنها لم تأخد حقها، وثمة كتب سلطت عليها أضواء باهرة وهي لا تستحق حتى التصفح ولكن مكانة أصحابها الاجتماعية أو.. أعطتها هذا الألق وسرعان ما عادت رماداً ومهملة بفقدان مؤلفيها بريقهم.
في المواد المنشورة آراء في كتب مظلومة وهي آراء معديها وبالتأكيد ليست الكتب الوحيدة التي أحاق بها الظلم، وإنما أردنا من هذه الإضاءات أن نشعل الذاكرة لتعود إلى قراءة كتب كانت على الرف وهي جديرة بالقراءة. وإعادة القراءة.
إذا كنت أسمح لنفسي أن أقدم أربعة كتب أجد أنها مظلومة مع أنها هامة فذلك من باب التذكير، ومن جهة ثانية لأن هذه الكتب تعد مراجع في موضوعاتها، إلا كتاباً واحداً هو مجموعة شعرية لم ينل صاحبها الحظ الوفير.
اللباب في النحو:
كتاب من تأليف عبد الوهاب الصابوني نشرته مكتبة دار الشرق- بيروت- دون تاريخ- يقع الكتاب في 464 صفحة من القطع الكبير ويقدم إضاءات على قضايا في النحو تشغل بال الدارس، أسئلة تبحث عن إجابات لها ولن تجدها إلا في هذا الكتاب الذي جاء خلاصة لـ 360 مرجعاً، وقدم مئات الشواهد الشعرية ناهيك عن التبويب المتميز والأسلوب السهل الممتنع وكي لا أذهب بعيداً أود القول إني وجدت إجابات شافية لديه لأسئلة كثيرة مثلا: لماذا سمي الفعل المضارع مضارعاً، ومتى يأتي الماضي بمعنى المضارع والمضارع بمعنى الأمر.. أمنية أن يعاد إحياء هذه الكتاب.
معجم الأساطير اليونانية والرومانية:
كتاب صدر عن وزارة الثقافة في دمشق 1982 وهو من تأليف: سهيل عثمان- عبد الرزاق الأصفر يقع الكتاب في 472 صفحة من القطع الكبير، وقد قدمه المؤلفان حسب الترتيب «ألف بائي» ويشير المؤلفان إلى أنهما اعتمدا اللفظ الفرنسي للأعلام بشكل عام.
والمعجم مزود بصور توضيحية واللافت للانتباه أنه تم تسجيل عدد النسخ المطبوعة على الصفحة الأخيرة وكان 4000 وبمقارنة ما يطبع اليوم لا نجد أن أي كتاب يطبع منه أكثر من 1000 نسخة ضمن مطبوعات وزارة الثقافة على الرغم من أهمية العناوين المنشورة.
أعلام الأدب في لاذقية العرب
قبيل نهايات ثمانينات القرن الماضي وكنت أعمل في دائرة التصحيح وصلتني رسالة من الأديب الراحل فؤاد غريب وفيها يطلب موجزاً عن سيرتي الذاتية وكان يتابع مقالات ودراسات نشرتها آنئذ في (الثقافة الأسبوعية وصحيفة الثورة) سرني الأمر أن صاحب موسوعة أعلام الأدب في لاذقية العرب يراسلني وزادت العلاقة قرباً وتعارفنا وزارني أكثر من مرة وقدم لي أجزاء من موسوعته وكنت اقتنيت بعضاً منها.. أعلام الأدب في أجزائه التي زادت عن الـ 13 جزءاً أرخ لكل أعلام الأدب في محافظتي اللاذقية وطرطوس، باع كل مايملك لإنجاز هذا الكتاب الموسوعة، ورحل دون أن يستطيع إكمال مشروعه الذي بدأ يطوره ويتواصل مع الأجيال الجديدة.. أعلام الأدب موسوعة حقيقية تقدم سجلاً حقيقياً لإبداع أكثر من 500 مبدع.. وبرحيل صاحب الموسوعة طويت أعلام التوثيق في هذا المجال، ولا أدري إن كان ثمة جهة ما حكومية أو غيرها تعنى بهذه الموسوعة وتعيد طباعتها لما فيها من فوائد لدارسي الحركة الأدبية في سورية، وتخليداً لذكرى فؤاد غريب الذي يحمل شيئاً من كنيته عاش فقيراً وذهب حزيناً وغريباً.
الضياع الحزين..
مجموعة شعرية لشاعر حمصي لم ينل حظه من الأضواء لم يدون تاريخ الإصدار، ولافت الإهداء الذي جاء في الصفحة الأولى: إلى الضائع الذي لا يهتدي.. قلبي..
كتب مقدمة (الضياع الحزين) رفيق خوري وخلص إلى القول: لقد أكبرت صديقي الأستاذ شكري هلال غير مرة وأنا أقرأ ديوانه وبوحي من محبتي إياه وجدتني أغضي على ما جاء في هذا الديوان من الشعر في مثل قصيدته الجريئة البارعة الصور (غاردينيا).
تقع المجموعة في 170 صفحة من القطع المتوسط وموزعة على ثلاثة عناوين: ابنة الورد- عشبية العينين- رفات الهيام.
خلاصة القول: مئات الكتب تحتاج إلى نفض الغبار وإلى إطلاقها من جديد وكل يقدمها على طريقته.. هي دعوة للعودة إلى كتب قرأناها ولها الحق أن نشير إليها.