تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إلى من يهمه الأمر

ثقافة
الجمعة 22-7-2011
يوسف المحمود

رحلة إلى صيدنايا

«كان وي مووف؟» قالها طالب أقصرنا قامة، وإن لم يكن، كما يظهر من وجهه، أصغرنا عمراً!‏

الباص المستقدم، أن له خصوصية، في دير صيدنايا طلب إليها أكثر من مرة؟ أو لسائقه من تلك الناحية، كما لسائق كل باص من ناحية «معلولا»، أن يطلب لا إليها، وحسب بل وإلى الأردن والسعودية، ومنطقة الخليج عامة!‏

نحن الطلاب، ومدرسو القسم وحتى آذنوه، انو جرنا في الباص، بلا مراعاة«الطلعة من ورا، والنزلة من قدّام» تسبقنا مسز ويست.‏

لا لأن الدكتور ويست، أنحف الجميع وأطولهم قامة. يمكن رأسه، أن يدق بسقف الباص قاعداً تتقدمه مسز ويست، إلى يمينه، في المقعد الأول خلف الشوفور. لا لأنها أشد الجميع تشوقاً، إلى دير صيدنايا.‏

تعرف عنه مسبقاً شيئاً، كأن تلتمس لديه زرية، بعد هذا العمر. بل هي حشريتها، أن تعرف كل مكان يتوجه إليه تلامذة القسم الإنجليزي.لايتكلمون إلا اللغة الإنجليزية، كيف ما كان!‏

وعلى فكرة فقد بلغ عدد الراغبين بالانتساب الى هذا القسم، 140 طالباً، بما فيهم أنا، لم أحرز، إلا 19 علامة من مئة، بالشهادة الإعدادية-دراسة خاصة. بموجب قرار وطني: يسمح لأبناء محافظة اللاذقية، بالتقدم لامتحانات الشهادة الإعدادية-البروفيه( 1947-1948، دراسة خاصة. وإن لم يكن مع أحدهم شهادة سرتفيكا التي كانت تقصم الظهر، تلك الأيام).‏

واغتنم هذه الفرصة، كل من فاته الحصول على تيكا السرّتفيكا، في المحافظات السورية الأخرى. عدد كبير أو قليل. فنقل نفوسه، الى محافظة اللاذقية، لحرمانها من التعليم المدرسي الابتدائي. أو لتأخرها فيه، بسبب ظروفها الخاصة، مع أنها أكثف محافظات البلاد، آنذاك، سكاناً وأعمها أمية، إلا من قد ختم «ربع يس» على شيخ في الضيعة. أو كان أبوه شيخاً يلزمه أن يتعلم، كيف ما كان. ما يقوم بأود حاجات أهل الضيعة الدينية الشرعية.!‏

وكانت هذه الفكرة كافية، لأن يلف الباص، من أمام مدخل الجامعة الرئيسي، ومن أمام النادي شمالاً. ثم جنوباً، إلى المدخل والمخرج المحروس بختيار أعرج، يقوم ويقعد على رجل ثالثة يفتح الباب الحديد للداخل، أو يغلقه خلف الخارج، هذه المرة يرطن داخله، مباهياً فقط باللغة الإنجليزية؟ أم لابدّ، أن نضيف تربص رئيس القسم -الأستاذ موسى الخوري، بذلك العدد/140/، فصرف المئة بالنصيحة مرة، وبالتهديد يخلو بالطالب مرات. بما كان يهدد. أو يعد، في شهادة الثقافة العامة. أنه لكي ينجح أحدكم، بمقرر اللغة الأنجليزية.‏

يعنيني أو لا يعنيني؟ فلن ننزل المستوى، الى حيث ينجح. بل سنرفعكم الى المستوى المطلوب، تنجحون أو لا تنجحون!‏

وكان أن نجحت بكل مواد الثقافة العامة، إلا اللغة الإنجليزية بالمستوى، الذي أراد أن يرفع الطلاب إليه. فلم ينجح تلك السنة، بالثقافة العامة، إلا من جاء، سنة 1948، من جامعة القدس. أو تحول، من الجامعة الأميركية في بيروت، إلى الجامعة السورية. أو كان سورياً بأبيه، وإنجليزياً بأمه. أو كانت مدرسته إنجليزية أصلاً!‏

وكان عليّ، أن أعيد شهادة الثقافة العامة، لنزولي عن المستوى، الذي أراد الأستاذ الخوري، رفع الطلاب إليه!‏

وإذ أعدت السنة كلها بسبب نزولي، في مستوى اللغة الإنجليزية. فقد أحرزت/64/ علامة باللغة الإنجليزية. وبها تحولت إلى القسم الإنجليزي، أول ما أحدث في الجامعة السورية. لا أسمع لنصيحة رئيس القسم، بما يعرفني. ولابما يشبه التهديد، إنها «مسؤوليتي» وبما كان مدرس مادة الترجمة في القسم فقد كنت أنجح بمادتي الدكتور ويست والدكتور ووكر، إلا مادة الترجمة، عند رئيس القسم. فما زادت في سنتين، على الأربع عشرة درجة، بالرغم من ترجمتي، في الصف، قصيدة لشكسبير في المنهج، لقوله من يترجمها شعراً عربياً.‏

فقرأتها عليه في الصف، قبل أن يبرح مقامه!‏

وعليه، فقد فتح الباب للباص، لا يتكلم فيه إلا بالإنجليزية، منطلقاً إلى دير صيدنايا. يمر كأنما من بوابة، في منين، وكأنما لا ترى، إلا مآذن الجوامع على اليسار، أول ما دخلنا صيدنايا؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية