فمن مشكلة الاحتباس الحراري إلى ثقوب طبقة الأوزون إلى تلوث البحار والمحيطات وتلوث المياه والهواء وتراكم النفايات ، إنه لشيء جيد أنّ الناس بدؤوا يدركون أن هناك مشكلة حقيقية إلا أن عدداً قليلاً جداً منهم يحيط بالأبعاد الحقيقية للأزمة ويفعلون شيئاً من أجلها.
تراكم النفايات
أي مهرجان لا يكاد يخلو من احتفال بيوم البيئة العالمي إلا وكان لها شرف المشاركة ولعل ما قامت به المهندسة والفنانة التشكيلية سيلفا عرضحا لجيان من مديرية شؤون البيئة والتي تعمل بالإعلام البيئي بمعرضها في صالة الشعب للفنون بدمشق بمناسبة يوم البيئة العالمي وتحت عنوان (إعادة التدوير والحفاظ على الغابات) لتقول: أكبر مشكلة نحن في بيئتنا نعاني منها مشكلة تراكم النفايات والحل الأمثل هو إعادة تدوير النفايات كمادة أولية في لوحاتي ومجسماتي، وبالتالي أصبح أمراً محتماً أي (إعادة استعمال المواد القابلة للاستفادة منها) وأردفت لتقول: موضوع استخدام النفايات في التشكيل الفني يمزج بين الفن والبيئة ويشجعنا على استخدام مواد فنية جيدة للتعبير عن أفكارنا وانطباعاتنا عن العالم المحيط ، وإنّ ترشيد استخدام الموارد ضروري لمواجهة القضايا البيئية المختلفة للحفاظ على حياتنا ومستقبل أولادنا.
ألبسة مستعملة
من خلال عرضك للوحات المعرض لمسنا هذا الجانب، على ماذا اعتمدت بتصنيع هذه المعروضات؟ تم تصنيع اللوحات التشكيلية من أقمشة ألبسة مستعملة وبقايا أقشمة الخياطين في المعامل ( جلد، صوف ، كتان ، قطن ، فراء ... ) ولم نعد بحاجة إليها واستخدامها كمادة بقصاصات لتشكيل لوحاتي، وهذه اللوحات تبين البيئة بجانبها الإيجابي كمشهد جميل من مشاهد الطبيعة بحار غابات أنهار وكذلك بجوانبها السلبية كمشكلةٍ ما تعاني منها البيئة مثل التلوث البصري من مناظر عشوائية البناء والتلوث بالصحون اللاقطة والتي كانت منتشرة على أسطح المباني وازدحام السيارات وهي ليست مجرد مناظر سلبية تؤثر بشكل ملحوظ على نطاق البيئة وعلى الرؤية الجمالية ، وبنفس الوقت قامت محافظة دمشق وحلت مشكلة الصحون اللاقطة وتم الاستعاضة عنها بصحون لاقطة مركزية إلا أن الأولى بقيت نفاية وتم استخدام مجموعتها الكاملة كمظلة تستخدم في الحدائق العامة ، ونتيجة الأعداد الهائلة من السيارات ودواليب السيارات تعتبر ثالث أخطر نفاية في العالم، ففي البلاد الأجنبية عرفوا كيف يستخدمون هذه الإطارات في رصف الطرقات إلا أننا في بلادنا لم تصلنا المعرفة باستخداماتها، وبالتالي نقوم بحرقها،ما يؤدي إلى تلوثٍ بالجو ولكن استطعت الاستفادة منها بشكل فردي ككراسي للحدائق العامة وطاولات وأحواض زراعة وكلها من إطارات السيارات وهي عنان لمشكلة لابد من تدويرها.
لوحات
هذا وقد عبرت أيضاً في إحدى لوحاتها على علب فوارغ المياه الغازية المعدنية والتي توجد بكثرة جانب المطاعم والمحال وهي منتشرة على الأراضي أخذتها وأعدت تدويرها وشكلت من خلالها لوحات زيتية تعلق على الجدران وبجمالية ساحرة بدلاً من انتشارها على الأرض لتشكل نفاية، وكذلك علب مادة الطن من المعلبات وشكلّ من خلالها طاولة كقطعة ديكور يمكن الاستفادة بوضع مقتنيات فوقها.
وهناك لوحة تمثل مشكلة التلوث بأكياس البلاستيك ( نايلون ) والتي هي من أخطر المشاكل البيئية كون أكياس النايلون طبيعياً يلزمها لتتحلل من 100 إلى 300 سنة بالإضافة عن كثرة استخدامه نتيجة رخص ثمنه وسهولة استهلاكه بمعدل 20- 30 كيساً يومياً للأسرة الواحدة وكونه يسبب اختناقاً وموتاً لحيوانات برية وبحرية بسبب ابتلاعه، فالحل الأمثل هو إعادة تدويرها إذ كثير من البلاد استغنت عنه واستخدمت أكياس قماشية تتحلل بثلاثة أشهر وعند تدويرها يمكن استخدامها ككراس وطاولات وأحواض زراعية .
ومن اللوحات التي تعنى بالبيئة أيضاً لوحة لمجموعة من الخراف وكلها مصنوعة من معاطف الفرو تم تحويلها إلى لوحة وكذلك الرعي الجائر في المناطق الخضراء،ما يؤدي إلى القضاء على المساحات الخضراء فلا بد أن ترعى في أماكن مخصصة، لذلك فالصيد الجائر بشكل عشوائي أدى إلى انقراض كبير لبعض الحيوانات.
وهناك لوحات عن البيوت الدمشقية مثال العمارة الخضراء بسورية وكون البيت الدمشقي فيه الخصائص البيئية سواء من حيث التصميم أم التنفيذ أم الاستثمار ويتوافق مع البيئة المحيطة وكون هذه البيوت دافئة في الشتاء ومعتدلة في الصيف ومن خلاله نستغني عن التكييف الذي يزيدنا من التلوث باستخدامه للطاقة وفيه حديقة عامة من حيث البيوت لا تخلو من الأزهار وأشجار الياسمين والبنفسج وغيرها، وهكذا يكون صحن الدار كروضة غنّاء تغني عن الحدائق الخارجية للقاطن.
وأما عن المواد المستخدمة في المجسمات فهي من فوارغ كولا بلاستيكية ، معدنية فوارغ زجاجية ، علب تونا وسردين، صحون لاقطة ، دواليب سيارات وورق جرائد، أغطية الكولا ، كؤوس ومصاصات عصير بلاستيكية.
تقليد كل عام
كونك مهندسة ولديك الكثير من المشاركات البيئية هل تعدين عملك الفريد من نوعه بصمة في عالم الفن التشكيلي؟ نعم عملي كمهندسة ميكانيك مختلف جزئياً عما أنا فيه الآن وبقيت عشرات السنين بمجال البيئة وعملت في مجالات وزارة البيئة ومن ثم عملت بالإعلام البيئي، وبما أنني أحب هذا الفن فقد أتممت عملي ضمن المكان الذي عينت فيه فكان لي بداية مع وكالة جايكا اليابانية وبدأت أعلم بالنوادي البيئية وطلبوا مني إعطاء دروس بإعادة التدوير ولدى شرائح مختلفة عن كيفية تحويل النفايات للاستفادة منها بأشكال ومجسمات على سبيل المثال بعمل أشكال من ورق الجرائد وغيرها، من هنا بدأت الفكرة وتوسعت من خلال مديرية شؤون البيئة ولها الفضل في مشوار حياتي مع هذا النوع من الفن باستخدام الأقمشة التي لم نعد بحاجة إليها وأخذت المكان وكثرت أعمالي من خلال اللوحات،ما دفعني إلى عمل كثير من المعارض الفردية والجماعية وبالتالي أصبح تقليداً لي في كل عام بمناسبة يوم البيئة،
جولات مدرسية
كما كان لمديرية التربية في محافظة دمشق دور في دخولي إلى المدارس من خلال الجولات المدرسية لتنمية السلوك البيئي عند الأطفال، وسبق أن كانت لنا تجربة مع عشرات المدارس العامة والخاصة منها مدرسة الأعراف الخاصة حيث قمنا بإعادة التدوير فقد تم صنع أشغال ولوحات من مواد النفايات كعلب الكولا والكرتون والاستريبور والقش، كما تم وضع أشغال للديكور وورود وفراشات والشموع للاحتفال فيها.وبالتالي أصبحت هذه الأعمال تهم كثيراً من الطلاب وشكلت لهم عامل جذب للطفل من خلال تحويل أشكال يمكن الاستغناء عنها إلى أعمال يمكن تداولها والاستفادة منها، كما كانت لي مشاركات في قطاع وزارة التعليم العالي ولاسيما في أسبوع العلم ولاقت الكثير من إقبال الكليات والحض على تنزيل مادة بهذا النوع من الفنون. وللأسف كل من شاهد الأعمال يعجب فيها ولكن هذا النتاج لم يستثمر من أي جهة عامة وبقي اجتهاداً شخصياً وممولاً من قبلي فقط .
ناد بيئي نموذجي
وعن طموحاتك ؟ سأعمل على تنفيذ ناد بيئي نموذجي لأن البيئة هي أهم شيء في حياتنا والمكان الذي نتنفس منه ونحمي الإنسان من البيئة بينما أصبحنا في زماننا هذا نريد أن نحمي البيئة من الإنسان.وإذا كنا جادين في إعادة بعض ما فقدته الطبيعة من ميزات ومناخ علينا أن نتوقف عن تخريبها . بل علينا أن نسعى بكل ما نملك من قدرات لإعادة التوازن إليها.