يواجهها الإنسان في الطبيعة والمجتمع وتتجدد باستمرار ما يدفعه للبحث دوما عن طرائق وأساليب جديدة تمكنه من تجاوز الصعوبات والعقبات التي تبرز والتي يحتمل بروزها في المستقبل ويتيح له ذلك فرصا للتقدم والارتقاء.
الأكثر رقياً ..
وبحسب علماء النفس يعد التفكير عنصرا أساسيا في البناء العقلي المعرفي الذي يمتلكه الإنسان ويتميز بطابعه الاجتماعي وبعمله المنظومي الذي يجعله يتبادل التأثير مع بقية العمليات المعرفية الأخرىكالإدراك والتصور والذاكرة ويؤثر ويتأثر بجوانب الشخصية العاطفية والانفعالية والاجتماعية ويتميز عن سائر العمليات المعرفية الأخرىبأنه أكثرها رقيا وأشدها تعقيدا واقدرها على النفاذ إلى عمق الأشياء والظواهر والمواقف والإحاطة بها مما يمكنه من معالجة المعلومات ومن إنتاج وإعادةإنتاج معارف ومعلومات جديدة .
وينطلق التفكير بوجه عام مثله مثل أي نشاط آخرللإنسان من حاجات ودوافع معرفية خاصة بالتفكيرحيث تكون الدوافع والرغبات والاهتمامات في هذه الحالة هي المثيرات والقوى المحركة والمحفزة على القيام بالنشاط العقلي كحب الاستطلاع لدى الأطفال،كما ان هناك دوافع معرفية خارجة عن التفكير تتشكل عندما تبدأ عملية التفكير تحت تأثير عوامل خارجية وليس تحت تأثير اهتمامات معرفية بحتة كأن يجلس التلميذ ليحضر دروسه ويحل المسائل المعطاة له ليس بدافع حب المعرفة ولا من اجل التوصل إلى ماهو جديد بالنسبة له وإنمالأنه مرغم على أداء ما كلف به من قبل المعلم أو من قبل الكبار من حوله .
تصنيفاته ..
وتشير الدراسات الى ان هناك تصنيفات كثيرة لأنواع التفكير غير ان بعض العلماء اعتمد في تصنيفه للتفكير على نوعين: التفكير الحسي العملي والتفكير المجرد النظري ، اما التفكير الحسي العملي فهو شكل التفكير السائد عند الاطفال في السنوات الثلاث الاولى بعد الولادة حيث يلجؤون الى معالجة الاشياء والتعرف عليها من خلال ما يقومون به من حركات وافعال ومن هذه الافعال المادية الحسية يستخلصون معارفهم وهذا يعني ان النشاط الحسي الحركي هو النشاط الاول والاساس الذي يستند اليه التفكير النظري ، اما التفكير الحسي الصوري فيظهر لدى الاطفال في سن ماقبل المدرسة اي في الفترة بين 3-6 سنوات علما بأن صلة التفكير بالأفعال العملية تظل قائمة لديهم لكنها لاتظل وثيقة الصلة بها بشكل مباشر كما كانت عليه في السابق، فالطفل اثناء تحليله وتركيبه لموضوع معرفته لا يلجأ بالضرورة وباستمرار الى تناوله ومعالجته بيديه إذ في كثير من الأحيان لاتتطلب المعرفة تقليبا عمليا ومنتظما للموضوع لكن في جميع الأحوال لكي يعرفه لابد من ان يدركه وان يتصوره حسيا.
ويؤدي التفكير وظيفتين أساسيتين هما إنشاء المعاني والاستدلال حيث يتم تكوين المعاني بالاعتماد على الإدراكات الحسية والخبرات المباشرة أو باستخدام القدرة التمييزية والاعتماد على عمليتي التجريد والتعميم أي بإدراك صفة الثبات “التشابه” والتمايز” الاختلاف” في الأشياء ومع مرور الزمن والتمكن من استخدام اللغة تصبح العملية معتمدة على الرموز أي أن تكون المعاني والمفاهيم تتم بالتدريج وطبقا لنوع المعاني حسية مباشرة وشبه حسية وغير مباشرة عقلية مجردة ، وما يساعد على تكوين المعاني صياغتها بقالب رمزي او كلامي مما يحررها بالتالي من الواقع الحسي ومن الزمان والمكان .
أما الوظيفة الثانية للتفكير فهي الاستدلال الذي يعتبر نوعا من المحاكمة “إصدار حكم” أي إقامة علاقة بين حدثين او ظاهرتين او مفهومين احدهما معروف والآخر مجهول ويعتمد في جوهره على الطبيعة المجردة للعمليات العقلية وهو على نوعين استدلال مباشر أي مستند إلى دليل مادي مباشر وشواهد وقرائن و إمارات مادية حسية ،واستدلال غير مباشر ويستخدم في حال عدم ملاءمة الاستدلال المباشر لعدم توافر قرائن و أدلة حسية كما يحدث عند محاولة حل مشكلات معينة لاتقود فيها الترابطات او الاحكام الى الوصول الى الحل المطلوب عندئذ نلجأ للفروض التي تمتحن ويتم التثبت من صحتها من خلال التجربة الفعلية وفي حال التثبت منها تصبح قانونا يمكن تعميمه .
يحتاج للثقة بالنفس ..
والتفكير في تصديه للمشكلات وإيجاد الحلول لها وتوليد المعاني والاستدلالات يستغرق زمنا ويقوم بسلسلة من الخطوات ريثما يعثر على الحل ويسد الفجوة بين ماهو معلوم ومجهول وهذه الخطوات لها تعاقب منطقي وتسلسل منتظم ويحتاج الفرد المفكر إلى قدر من الأمان والثقة بالنفس أي عدم الخوف من الفشل أو من النقد وعواقبه كما يحتاج إلى بصيرة نافذة ومما يعيق إنشاء المعاني والأفكار أمور عديدة نذكر منها عدم وجود تفسير سابق للإشكال أو الموقف المشكل وعدم وجود معلومات وقواعد كافية ووجود قاعدة او قواعد ثابتة وراسخة يصعب تغييرها والخوف من الخطأ والنقد والتقويم .
وبين العلماء أن التفكير فعالية عقلية تسير باتجاهين متعاكسين الاتجاه الأول يتجلى في التمثل الداخلي أوالاستدخال للأحداث والوقائع والأشياء الخارجية وترميزها والاتجاه الثاني يبدو في إعادة فك الرموز ونشرها بغية النفاذ إلى العالم الخارجي بما ينطوي عليه من موضوعات وظواهر واستدخالها، وهكذا لكي نفكر في موضوع مايجب أن نكون قادرين على جلبه واستقدامه إلى بؤرة التفكير أي يجب استدخاله وتحويله من موضوع مادي خارجي إلى موضوع داخلي ليصبح اقرب إلى طبيعة التفكير ذاته ليتمكن بعد ذلك من التعامل معه ومعالجته ومن تجريده وترميزه ليصير بعد ذلك أداة ووسيلة للتفكير بعد أن كان موضوعا له ولهذا يعد الترميز عملية ضرورية للتفكير ولنموه وتطوره.