تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


موسيقا الطرقات في ألمانيا: وسيلة للتسول.. أم للارتقاء بالذوق العام؟

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 9-10-2012
العزف الموسيقي على قارعة طرقات وساحات المدن الألمانية أو داخل محطات الميترو وسيلة أخرى للاحتكاك بالجمهور أكثر مما هو وسيلة للعيش، فهو لا يغني عن العمل بشكل عام.

ورغم أن البعض ينظر إلى هذا الفن كطريقة للتسول، إلا أن العازفين الذين ينتشرون في طرقات ألمانيا ليسوا فقط من هواة عزف الموسيقا الذين لايحظون بدعوات من قبل منظمي الحفلات والمهرجانات، بل يوجد بينهم أيضاً بعض ممن درسوا الموسيقا وأتقنوا فنونها. هؤلاء يتجولون بين مدن أوروبا بصحبة آلاتهم الموسيقية من أجل السياحة من ناحية، ومن أجل أن تكون لديهم خبرة أمام جمهور عام من ناحية أخرى. كما أن بعضهم يعزفون في الطرقات تلبية لطلب المؤسسات الثقافية في المدينة بهدف الارتقاء بأجواء المدينة ثقافياً ومن أجل تنشيط الحركة السياحية فيها.‏

لفت انتباه المارة‏

هؤلاء الموسيقيون يعزفون في طرقات المدن الألمانية بعض المقاطع من كلاسيكيات الإرث الموسيقي العالمي، مقاطع من سيمفونيات لمشاهير وعمالقة الموسيقا الأوروبية مثل باخ وهايدن وشوبان وموتسارت. ومنهم من يعزف في فرق موسيقا الجاز ومنهم من موسيقا أميركا اللاتينية كموسيقا رقصة الزالسا، آخرون يعزفون موسيقا البوب أو الروك أو الراب. لكن القليل منهم يأتي من العالم العربي، رغم أن مثل هذه الظاهرة موجودة في دول عربية مثل المغرب وسورية، ففي دمشق وحلب بدأ مشروع «موسيقا على الطرقات» منذ سنوات وذلك بهدف أن يتسنى لجميع الناس سماع الموسيقا الراقية بطريقة مجانية وللارتقاء بأذواقهم الموسيقية أيضاً.‏

يتطلب عزف الموسيقا في الطرقات تخطي حواجز نفسية كثيرة، أولها حاجز الخجل والاستعداد لخوض تجربة مليئة بالمفاجآت والمغامرات، ففن العزف في طرقات المدن يختلف اختلافاً كبيراً عن العزف في الحفلات المقامة بقاعات الموسيقا. «العازف على الطرقات يبذل جهداً كبيراً من أجل أن يستقطب جمهوره»، تقول كلاوديا نوفر. وتضيف عازفة الفيولين: «عدا عن أنه يعزف في ضوضاء المارة المنشغلين بأشياء أخرى». أما عازف الساكسفون ستيف لوزين من مدينة كولونيا فيقول: «للمارة أذواقهم أيضاً، فإذا أُعجب المارة بالموسيقا يقفون طويلاً ويستمعون، وإن لم تنل إعجابهم يغادرون المكان فوراً».‏

مهرجانات موسيقية في طرقات المدن‏

ليست قليلة المدن الألمانية التي تنظم مهرجانات للموسيقا في طرقاتها، ومنها مهرجان بريمن الذي نُظم لأول مرة عام 1996، وكان بمثابة مسابقة موسيقية بين فرق كثيرة جاءت من جميع أنحاء العالم، آنذاك شاركت فرقة المايا لموسيقا الجاز الشرقي، التي كان يديرها موسيقي من أصول سورية رافقه في العزف على آلات أخرى مثل الساكسفون والفيولينه وآلات الإيقاع، موسيقيون من ألمانيا والهند.‏

وسيلة لكسب النقود؟‏

الفكرة السائدة عن موسيقيي الطرقات أنهم يسعون إلى كسب ما يجود به عليهم المارة من مال، لكن الواقع يقول شيئاً آخر، فمنهم من تدعوهم الهيئات الثقافية المسؤولة في المدينة، كما هو الحال في مدينة بريمن. وفي هذا السياق يقول هارالد أنغينهوفنفي، وهو أحد موسيقيي فرقة المايا: «رغم أن فرقتنا الموسيقية كانت مدعوة من قبل مديرية الثقافة في مدينة بريمن، غير أن بعض المارة كان يضع أمامنا بعض النقود». ويضيف: «في البدء كنت خجلاً ولكن بعد هذا المهرجان أصبحت أجول في مدن أوروبا وأعزف في طرقاتها».‏

ولا يقتصر العزف على قارعة الطرقات على الفرق الموسيقية فحسب، وإنما هناك أيضاً مجال مفتوح أمام موسيقيين منفردين. لكن أغلب المدن الألمانية تطلب رخصة باسم العازف حتى يُسمح له بالوقوف أمام مبنى معين أو في إحدى زوايا السوق أو الساحات العامة أو الميترو. من هنا نستطيع أن نقول إن أغلب الموسيقيين الذين يعزفون على قارعة الطرقات هم من الموسيقيين الذين يتقنون العزف بشكل جيد. لكن هذا لا يمنع أن يكون هنا أو هناك أحد الأشخاص الذين يهدفون فعلاً التسول من خلال عزفهم المتدني أمام المارة. عن ذلك يقول ستيف لوزين: «لكن عددهم يبقى قليلاً مقارنة بالآخرين، وليس لديهم أي فرصة لأن يخترقوا سمعة الموسيقا على قارعة الطرقات»، مضيفاً: «عدد قليل فقط من الموسيقيين يعتمد في عيشه على العائد المادي من العزف على الطرقات».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية