ومنع مئات المؤيدين الأوروبيين من التوجه إلى مطار اللد في الكيان الصهيوني والتظاهر تأييدا لحقوق الشعب الفلسطيني ـ وبرغم التغطية الأميركية والأوروبية لما تقوم به اسرائيل على هذا الصعيد ،لاتزال إسرائيل تعيش مأزقاً استراتيجياً تحاول الخروج منه تارة بالتهديدات وأخرى بالمناورات العسكرية الشاملة والمستمرة، فلم تكد تنته تهديدات الساسة والعسكر الإسرائيليين للبنان ، حتى تنتقل هذه التهديدات عمليا بالقصف على المدنيين العزل في القطاع المحاصر كانت نتائجه المزيد من الضحايا الأطفال والنساء ، ولكن عندما يتم الرد على هذا التصعيد العدواني من قبل المقاومة ، يتم التركيز على مسألة ما تملكه المقاومة في غزة من ترسانة صواريخ بحسب ما نشرته مؤخرا يديعوت أحرونوت من تقرير يتحدث عن قلق إسرائيلي من تطور قدرات المقاومة التسليحية.
عرقلة الحراك نحو الأمم المتحدة
وبحسب مراقبين ومحللين إسرائيليين ،فإن التصعيد العسكري على قطاع غزة ينبع من سياسات لي الذراع التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية من اجل إحباط محاولاتها أو على الأقل التأثير على الجهود الفلسطينية والعربية للحيلولة دون التوجه للأمم المتحدة، ومحاولة كبح جماحها لعدم الحصول على تأييد دولي من جهة. « إسرائيل ليست لديها الرغبة في إثارة الأوضاع الأمنية على الجبهة الداخلية في قطاع غزة، في ضوء التوترات الإقليمية على الجبهات اللبنانية والسورية والإيرانية، الأمر الذي يجعل التصعيد مرتبطاً بصورة أو بأخرى بوقف إطلاق الصواريخ من جهة، ووقف حالة التوتر الميداني من سلاح الجو الإسرائيلي، والوحدات العسكرية المتمركزة على الحدود الشمالية والشرقية لقطاع غزة من جهة أخرى».بحسب هآرتس.
ولم يستبعد مراقبون أو متابعون للشأن الإسرائيلي أن تُقْدم «إسرائيل» على اغتيال قادة المقاومة في قطاع غزة. وقال مصدر امني إسرائيلي لمعاريف :« إن «إسرائيل» لم تخفِ يوماً أنها في حالة ملاحقة دائمة لقادة المقاومة، ولم تغفل للحظة واحدة -رغم التهدئة القائمة التي تقدم فوائد كبيرة لها في هذه الآونة- أنه إذا ما لاح لها رأس عسكري، فلن توفره، ولن تتراجع قيد أنملة عن النيل منه واغتياله على أرض الميدان».
تحريك ملف شاليط
وشدد هذا المصدر على أن مثل هذه التهديدات«الإسرائيلية» يجب أن تؤخذ بجدية من جانب المقاومة، معتبراً أن التهديد يأتي في سياقات مختلفة منها محاولة لفت الأنظار عن خطوة الذهاب إلى أيلول، والضغط على المقاومة لتحريك صفقة التبادل مع الجندي الأسير شاليط، إضافة إلى محاولة تجميع الرأي العام الصهيوني الداخلي ووقف الخلافات حول الائتلاف الحكومي الحالي، ومنع التوجه إلى الانتخابات الداخلية في «إسرائيل» وخاصة مع تصاعد فرص نجاح حزب «كديما» وغيره.
وفي السياق ذاته ، أوردت الإذاعة الإسرائيلية العامة انه في أعقاب ارتفاع إطلاق الصواريخ الفلسطينية تجاه إسرائيل، عقد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال «بينى جانتس» اجتماعاً طارئاً مساء الجمعة، لتقييم الأوضاع بعد تجدد التصعيد ولبحث سبل الرد على حركات المقاومة بالقطاع.وأضافت الإذاعة: إن قائد المنطقة الجنوبية وقائد سلاح الجو ورئيس هيئة المخابرات العسكرية قد شاركوا في هذا الاجتماع.
وقالت مصادر إسرائيلية: إن الجيش الإسرائيلي ينظر ببالغ الخطورة إلى عدم قيام حركة حماس بمنع إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، مضيفين أن الجيش أعد سلسلة «عمليات رد» سيقوم بتفعيلها وقت الحاجة، مشددين على أن الجيش لن يصمت حيال محاولات المساس بإسرائيل وسيرد بشدة.
حصار محكم
ويذكر أن المقاومة الفلسطينية قد ردت على الاعتداءات الإسرائيلية بإطلاق رشقات صواريخ على مناطق مختلفة في جنوب فلسطين كان آخرها إطلاق 6 صواريخ باتجاه النقب الغربى، كما أطلقت قذيفة هاون وانفجرت فى منطقة مفتوحة فى المجلس الإقليمي أشكول.
والجدير بالذكر، أن قطاع غزة مازال يتعرض للحصار الظالم من قبل «إسرائيل» ويتعرض للعدوان بشكل متواصل. حيث إنه منذ بداية العام الحالي استشهد (53) فلسطينياً وأُصيب (285) فلسطينياً, ومازالت إسرائيل تفرض حصاراً محكماً على قطاع غزة من خلال إغلاقها كل المعابر التي تربط قطاع غزة بأراضي عام 1948 والضفة الغربية وعددها (6) معابر، وفقط يعمل معبر إيرز للحالات الإنسانية, ومعبر كرم أبو سالم يعمل بشكل محدود, أما المعابر الأربعة (صوفا – القرارة – المنطار - الشجاعية) فهي جميعها أُغلقت بهدف تضييق الخناق علي سكان قطاع غزة.
قلق في إسرائيل
الصحف الإسرائيلية أفردت في تحليلاتها حيزاً واسعاً لمسألة الصواريخ في غزة ولبنان وتناول المحللون العسكريون الاسرائيلون هذه المسألة على قاعدة التضخيم المفتعل والمخاطر الكبيرة التي في رأيهم تواجه إسرائيل ففي تقرير كتبه المراسل العسكري ليديعوت أحرونوت ،يوسي يهوشع تحت عنوان «10 آلاف صاروخ قلق في إسرائيل» يقول:« في ضوء ارتفاع دراماتيكي في حجم التهريب إلى غزة في الأشهر الأخيرة. والتقدير هو أنه صحيح حتى اليوم يوجد لدى المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة أكثر من 10 آلاف صاروخ من أنواع مختلفة، محافل استخبارية في إسرائيل تفيد أنه في الأشهر الأربعة الأخيرة سجل ارتفاع بعشرات في المئة في حجم تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع ومئات في المئة في كميات المواد المتفجرة. ويدور الحديث عن صواريخ بعيدة المدى، جراد، صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ بسيطة مضادة للطائرات .وحسب المصادر في إسرائيل، فمنذ انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع لا تذكر كميات كهذه من السلاح هربت في فترة زمنية بهذا القدر من القصر. التقديرات في شعبة الاستخبارات العسكرية تتحدث عن انه بين نحو عشرة آلاف صاروخ موجودة في القطاع هناك بضعة صواريخ فجر 5 يصل مداها إلى 70كم، بضع مئات من صواريخ جراد لمدى يفوق 40كم وبضع مئات صواريخ جراد لمدى أكثر من 20كم.
تصعيد حرب الصواريخ
ويضيف تقرير يديعوت ،ويضيف مراسلنا متان تسوري أنه بالتوازي مع ارتفاع التهريبات سجل أيضا في الأيام الأخيرة تصعيد في نار الصواريخ من غزة نحو بلدات إسرائيلية. فمن يوم الخميس أطلق نحو إسرائيل عشرة صواريخ قسام وقذائف هاون.. وهاجم سلاح الجو رداً على ذلك عدة أهداف في القطاع.
ويخلص التقرير إلى أن منظومة قبة حديدية لم تعمل على اعتراض الصواريخ التي سقطت في نهاية الأسبوع، وذلك لأنها لا توجد في منطقة غلاف غزة في الأسابيع الأخيرة. في عسقلان وفي أسدود قلقون جدا من غياب المنظومة التي يفترض أن توفر لهم الحماية.
وفي السياق نفسه ،نشرت يديعوت تقريرا آخرلمراسلها الأمني«رونين بيرغمان» تحت عنوان كل إسرائيلي في مدى الصواريخ (صواريخ حزب الله:«عندما وصل وزير الدفاع الألماني إلى إسرائيل في الأسبوع الماضي وتحدث مع قادة جهاز الأمن وأسرة الاستخبارات سألهم لماذا لا تستغل إسرائيل ربيع الشعوب في الشرق الأوسط؟ غير أن ادعاءاته ليست دقيقة، فحسب التقرير في الصحيفة في نهاية الأسبوع، إن المعلومات عن نقل السلاح جاءت من «مصادر استخبارية في الغرب وفي الشرق الأوسط»، وفي سياق التقرير الصحفي يقتبس أيضا «مصدر في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية».
وحسب التقرير، ففي الأشهر الأخيرة تعاظم بشكل واضح تطوير ونقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله،. ويشير التقرير إلى أن إيران تساعد سورية – اقتصاديا وسياسيا – في نقل الأسلحة والمساعدة إلى حزب الله. ومنذ السنة الماضية نشرت الصحيفة أن المنظمة في لبنان تلقت من سورية صاروخين من طراز سكاد بي، الصواريخ المتطورة التي يمكنها أن تصل إلى مدى 700كم – أي إلى كل زاوية في إسرائيل. وأول أمس أضافت الصحيفة إن سورية نقلت ثمانية صواريخ أخرى كهذه، تم تركيبها بمساعدة خبراء من كوريا الديمقراطية.
الأولويات الراهنة
وحول الأوليات الإسرائيلية في المرحلة الراهنة على ضوء التحرك الفلسطيني باتجاه نقل القضية إلى الأمم المتحدة كتب أمير اورن في هارتس يقول :« في الوقت نفسه يجب عليه أيضا أن يحل أسرار أيلول الدولي للفلسطينيين، وسياسة إدارة اوباما، والثورة في الدول العربية وهجوم المدنيين على الأسلاك الحدودية. كان أحد الدروس مما طبق في الشمال على أثر أحداث يوم النكبة ان يوضع في فرقة الجولان ضابط فهم شبكي من الوحدة 8200، لتقصير إجراء التجميع – البحث – الإنذار.
ويضيف اورن :«إزاء ترتيب اولويات وثقل كهذا، يحتاج إلى جهد خاص للإصغاء الدائم إلى قضية جلعاد شاليط. إن تعيين فريق النظر من جديد في ملف شليط برئاسة العقيد (احتياط) ليئور لوتين، يعبر عن رغبة غانتس وكوخافي في عدم اليأس من وجود اتجاهات أخرى، بحذر، ولعدم المس بمشاعر عائلة شليط و«الشباك» وبنيامين نتنياهو ومنسق التفاوض من قبله، ورجل الموساد دافيد ميدان.يبدو إطلاق سراح شليط في صفقة ممكناً الآن بشرط استسلام إسرائيلي مطلق لإملاء حماس فقط.
فشل منظومة القبة الحديدية
وحول فشل منظومة القبة الحديدية للتصدي للصواريخ القادمة من غزة كتب المحلل العسكري اليكس فيشمان تحت عنوان « أين اختفت القبة الحديدية»:»أين اختفى نظام القبة الحديدية؟ بعد عرض ناجح جدا قبل نحو من ثلاثة اشهر فاجأ حتى مطوري هذا النظام الدفاعي الفعال، اعتقدنا أننا لن نرى بعد صواريخ تسقط هنا أو في غلاف غزة على الأقل. لكن ها هي ذي في الأسابيع الأخيرة قذائف صاروخية وقذائف رجم تتقاطر من قطاع غزة وعاد سلاح الجو للعمل في القطاع، ولعبة البينغ بونغ لإطلاق النار الذي يليه رد عليه. فماذا عن القبة الحديدية؟ كأن الأرض ابتلعتها.
يتبين ان القبة الحديدية ليست سلاحا تكتيكيا فقط للحماية العينية للمناطق الوطنية الحيوية. في فترة ما بين الحروب الكبيرة تؤدي أيضا دور نظام استراتيجي يُمكّن المستويين السياسي والعسكري من اتخاذ قرارات معتدلة – لا تفضي بالضرورة إلى تصعيد – إزاء عدو يعمل من داخل مناطق مأهولة. فعلى سبيل المثال إذا تم إطلاق صواريخ قسام على سيدروت، دون قدرة على إفشال القذائف الصاروخية، فسيسحق سلاح الجو قطاع غزة من غير أن يقف الإطلاق وهو ما سيجر إلى إصابة المدنيين ونقد دولي وورطات سياسية. إن وجود القبة الحديدية قد يحطم هذه المعادلة فهي تُمكّن المستويين السياسي والعسكري من السيطرة على ارتفاع اللهب ومنع التصعيد.لكن الجولة الأخيرة من إطلاق النار وجدت البطاريتين العملياتيتين للقبة الحديدية منشورتين في مواقع خارج القطاع ولم يكن هذا خطأً أو نزوة لشخص ما في الجيش. عندما جاء الجيش الاسرائيلي وسلاح الجو وقالا بصدق إن هذه البطاريات لا ترمي إلى حماية مدينة محددة أو منطقة محددة فقط كانا يقصدان كل كلمة.