إن الناس بطبعهم لا يحبون ضعيف الشخصية، ذاك الشخص المذبذب الذي لا يحسن اتخاذ القرار ولا مواجهة الآخرين، ولا يجيد التعبير عن آرائه والدفاع عنها، ولا يحسن التصرف في الأزمات والأمور الصعبة.
لذا كانت معالجة ضعف الشخصية أمراً له أهميته ومكانته، وجدير بالشباب العناية به، على أنه لا بد للشاب من الواقعية وعدم الوهم، فإن الكثيرين يعتقدون في أنفسهم ضعف الشخصية، خاصة إذا لم يمكنهم الحصول على مطلب معين أو تحقيق مقصد سعوا إليه، وربما أدى بهم هذا الوهم إلى أمراض أخرى تحتاج إلى معالجة، ولا بد من التنبه إلى أن الشخص قد يكون قوي الشخصية في موقف أو مكان ما، ولا يتوفر له ذلك في موقف أو مكان آخر، فالأمر إذا نسبي، وليس هناك حد معين لضعف الشخصية، إلا أن هناك مظاهر معينة وعلامات تدل على خلل في الشخصية ينبغي معالجته.
مظاهر الضعف..
يتصف ضعيف الشخصية بعدم القدرة على اتخاذ أي قرار حتى في الأمور الشخصية،والخوف والخجل من الكلام أمام الآخرين أو محادثتهم. كما يتصف بعدم التحكم في العواطف والمشاعر. بل ينجرف وراءها دون معرفة بعواقبها، إضافة إلى التبعية للأقوى في الرأي والفكر والحركات وغيرها، وكثرة الشكوى واللجوء للآخرين حتى في أبسط الأمور، وأخيراً تقليد الآخرين في حركاتهم ولباسهم وهيئاتهم بل حتى في آرائهم وأخلاقهم.
هذه بعض مظاهر ضعف الشخصية والتي هي في الحقيقة نتاج كلي لعوامل ذاتية وأسرية وبيئية متداخلة ومتراكمة على مر السنين، فهي ليست وليدة يوم وليلة وإنما هي حصاد سنوات مضت كان لها أثر في تكوين شخصية معينة لكل منا.
وعموماً فإن تعرض الشخص لأسلوب تربية خاطئ من قبل الوالدين أو من يقوم مقامهما له أثر في ذلك، فالدلال الزائد الذي يمنع الشخص من الاعتماد على نفسه فيما يستطيعه من أمور، والخوف الزائد عليه وكذلك الشدة الزائدة عليه في التربية بحيث لا يعطى فرصة التعبير عن رأيه وتوضيح ما يجول في خاطره، كل هذا له آثاره السيئة والمنتهية بضعف شخصيته، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى التي قد تكون سبباً في ذلك مثل الخجل أو الخوف أو نحو ذلك
صحة التشخيص...
وعلى الشخص الذي يعاني من ضعف الشخصية أن يحدد السبب في هذا الأمر حتى يستطيع معالجته، فإن كان خجلاًً حاول التخلص منه، وإن كان خوفاً سعى لإزالته..
بحسب السيدة دارين سليمان دبلوم في التربية وعلم النفس حيث قالت: هناك أمور عامة تساعد في التخلص من هذه المشكلة ومنها: كثرة القراءة والمطالعة، خاصة لأولئك الأشخاص الذين تميزوا بقوة الشخصية والتأثير على الآخرين، والقراءة في الكتب الحديثة المهتمة ببناء شخصية الإنسان، فهي تساعد الشباب على كيفية التعامل مع الآخرين وكيفية اتخاذ القرار وعوامل إقناع الناس وغير ذلك، فإن هذه القراءة المتنوعة ومحاولة التطبيق ستؤدي إلى نتائج إيجابية ناجحة. كذلك التعرف على نقاط الضعف لدى الشخص ومحاولة معالجتها والتخلص منها تدريجياً، فمثلاً إذا كنت تعاني من عدم القدرة على الدفاع عن الرأي فحاول تدريب نفسك على الدفاع عن الرأي، وذلك يتأتى لك بالتمعن في الموضوع الذي تريد طرحه وإقناع الناس به، وتأمله من جوانبه المتعددة ومعرفة سلبياته ومآخذ الناس عليه، وبالتالي استحضار الرد عليه، وشيئاً فشيئاً ستصل إلى قدر جيد من إقناع الآخرين أو على الأقل أن تجعل رأيك محل نظر واهتمام.
تنمية المهارات التي تعين الشخص على تقديم نفسه بشكل أفضل أمام الآخرين، وبذل جهد واسع للإجادة فيما يسند إليه من أعمال، حتى ولو لم تكن واجبة عليه، فإن كثرة مزاولة الأعمال المختلفة والمتنوعة ستولد خبرات وتعاملات يستطيع من خلالها مواجهة الآخرين ومعرفة الطرق النافعة في ذلك، ولا بد من تحديد الأهداف في هذه الحياة بوضوح تام حتى يستطيع المرء بناء علاقات مناسبة مع أناس يسعون لتحقيق تلك الأهداف.
المشاركة قدر المستطاع في الأنشطة العامة والخاصة العائلية وغيرها، فإن المشاركة في مثل هذه الأنشطة تعطي الإنسان مزيداً من الخبرات يستطيع من خلالها مواجهة الآخرين، وحاول التحدث مع أقرب الناس سواء من الأقارب أم الأصدقاء، ثم تجاوز ذلك إلى غيره.. وأخيراً على صاحب الشخصية الضعيفة أن يتوقع الفشل ويضعه في حسبانه، ويحول الخوف منه إلى استفادة، بحيث يتجنب الوقوع فيه.