كل هذه العبارات الرنانة التي سمعناها من القائمين على السوق تم خرقها في جلسة التداول قبل الأخيرة ، حيث خرجت 11 شركة خارج التداول .
فبالرغم من الإجراءات والقرارات التي أصدرتها السوق لتنشيط حركة التداول إلا أنها لا تزال تعيش ظروفاً لا تحسد عليها بسبب قلة عدد الشركات المدرجة وبالتالي قلة عدد المساهمين.
البعض اعتبر الأمر طبيعياً بالنسبة لسوق وليدة ناشئة أقلعت في آذار عام 2009 وهناك من نسب هذه الظروف لأسباب أخرى.
ومن جهة ثانية نحن لا ننسى أن سوق الأوراق المالية نبهت الكثير من الشركات عن التلاعب بالأوامر ووضعت ضوابط صارمة لآلية التعامل معها وسؤالنا هنا ما مدى التلاعب في سوق الأوراق المالية ، وما هو تأثيره على حجوم التداول.
ما هو التلاعب ؟
التلاعب في سوق الأوراق المالية هو الجريمة التي ترتكب بفعل المضاربين الذين يهدفون إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة عن طريق إضرار الآخرين ، وذلك إماعن طريق التلاعب بأوراقهم أو اشتراكهم مع الغير أو عن طريق افتعال الشائعات وترويج التوصيات من دون وجود معلومات صحيحة يعتمد عليها
كيف يتم التلاعب ؟
وقال فادي الجليلاتي مدير الشؤون الادارية في المصرف الدولي للتجارة والتمويل بأنه وفي أي سوق أوراق مالية في العالم يمكن للوسطاء الماليين التلاعب سواء لمصلحة الشركات المدرجة أو الأضرار بها .
يعني أنا كوسيط مالي يمكنني أن أضع أوامر وهمية على نظام التداول للتلاعب ومثلا يمكنني أن أصنع كمستثمر /10/آلاف سهم للبيع ،وعندما يكثر الطلب على الشراء يلغي البائع البيع بسعر أعلى وبالنتيجة يكون الطلب وهمياً ونكون بذلك قد ورطنا المستثمرين .
وأكد الجليلاتي أن التلاعب يتم من قبل الشركاء الوسطاء لدفع المستثمرين لشراء اسهم بسعر أعلى أو للبيع بسعر منخفض وبالتالي تلغى أوامر البيع بحجة أن المستثمر ألغى البيع
ضوابط صارمة
وقال الجليلاتي : إن سوق دمشق للأوراق المالية وضعت ضوابط صارمة ، وأن الكثير من الشركات أرسل اليها تنبيه للتلاعب بالأوامر ، ولكن بالمقابل ليس كل أمر تعدل يعني تلاعب
ومن الضوابط التي اعتمدتها إدارة السوق وضع نظام عن طريق ادارة الحفظ المركزي لمراقبة الجلسة وحجوم التداول التي أدرجت وحجوم البيع. وأيضا هناك أشخاص مطلعين منعوا من الشراء وتمت مراقبة الشخصيات الاعتبارية .
لماذا باع المستثمرون أسهمهم ؟
وأكد الجليلاتي أن الوضع السياسي والاقتصادي الذي عاشته سورية أدى إلى تخوف الناس الأمر الذي دفعهم إلى بيع أسهمهم.
وأيضاً ظهرت الأزمة بداية عندما سمح بشراء 10 آلاف دولار شهرياً لكل مواطن الأمر الذي استغله ضعاف النفوس وغالبيتهم من التجـــار بـــسوء حيث باعـــوا أســـهمهم وأرســـلوا موظفيهـــم وعمالهم ليشتروا لهم الدولارات وبالتالي أصبح العرض أكثر من الطلب.
وأصبح التاجر يشتري الدولارات من السوق المركزي ويبيعها للصرافين بسعر أعلى وهذا أحد الأسباب لانخفاض سعر الأسهم وإلى بيع الناس أسهمها.
وأشار الجليلاتي أنه عندما انتبه البنك المركزي لهذا الأمر سمح بشراء الدولار وفق ضوابط معينة «سفر » تدريس أو علاج في الخارج .
كما أن الأزمة التي نشأت من سحب النقود من المصارف وتحويلها إلى دولار عالجها البنك المركزي عن طريق رفعه معدلات الفوائد وبذلك استقطب الكاش من السوق المحلي.
وقال الجليلاتي : إنه نتيجة الظروف الراهنة عدلت هيئة الأوراق المالية الحدود السعرية...
وعند إعادة السوق لوضعه يمكن أن ترجع الحدود السعرية الأولى وإن تخفيض أيام التداول سيخفف من هذا الانهيار كماأن رفع أسعار الفوائد هو أمر مؤقت، وهو أداة نقدية فعندما يصبح هناك فائض في سيولة البنوك تصبح الأموال عبئاً على البنك وبالتالي سيتم تخفيض الفوائد .
العامل النفسي للمستثمرين
ومن جانبه قال محمد جمعة الباحث في الشؤون النقدية والمالية والمصرفية: ان لاأحد يستطيع أن يمنع التلاعب في سوق الأوراق، ولاتخلو أي سوق أوراق من وجود مستفيدين أو مقتنصي فرص لكن الأمور تتفاوت من سوق الى اخرى.
وسوق دمشق للأوراق المالية تعتبر من اقل الأسواق العالمية عرضة للتلاعب ، وذلك يعود لعدم تنوع الشركات الموجودة فيها حيث ان معظمها مصارف.. وبالتالي وجود ضوابط كثيرة كعدم بيع وشراء الأسهم في نفس اليوم وايضاً لوجود حد أقصى لارتفاع أو انخفاض الأسهم.
وقال د.جمعة كما هو معروف ان التلاعب يتم من خلال عمليات بيع وشراء وهمية، وخلق عمليات بيع وشراء وهمية.
ولابد من الاشارة الى أن سوق دمشق للاوراق المالية سوق مضبوطه ومراقبة الى حد ما، ولكن لايوجد سوق تستطيع ان تمنع التلاعب بشكل مطلق .
واكد د.جمعة على ضرورة تعاون السوق مع السلطات النقدية، وخصوصاً أن ادارة السوق ألقت اللوم على البنك المركزي في عدم استقرار السوق او الاستقرار الهبوطي لأسعار الأسهم.
وانا لست مع فكرة أن هناك من باع الأسهم لشراء عملات اجنبية. لكن الأمر يتعلق بالعامل النفسي للمستثمرين وليس هناك علاقة للسلطات النقدية بهبوط اسعار السوق.
واوضح د.جمعة ، أن مستقبل سوق الاوراق المالية يتوقف على البيانات المالية للشركات المدرجة في سوق الاوراق. وهذه البيانات يمكن ان تشكل عامل ثقة تؤدي إلى أن تتجه السوق نحو الصعود من خلال - الاستقرار المالي- السيولة النقدية، الأرباح- القدرة على سداد الديون..
أما إذا كانت البيانات المالية سلبية فيجب أن تتخذ السلطات اجراءات لايقاف النزيف في هبوط الأسهم.