تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


داعش والغرب..تبادل مصالح وخدمات

شؤون سياسية
الإثنين 1-9-2014
عبد الحليم سعود

على الرغم من مضي نحو ثلاث سنوات ونصف على إجرام وإرهاب الجماعات التكفيرية المتطرفة بحق المنطقة وخاصة سورية، وقرع جرس الإنذار من خطورتها مراراً وتكراراً في الأمم المتحدة والعديد من المنابر الدولية،

فإن الغرب الاستعماري بدوله وحكوماته ظل متمسكاً بعناده واستكباره ورؤيته الضيقة والمشوهة للتطورات والأحداث المتسارعة، محاولاً استغلال وقطف ثمار وتوظيف ما يجري لتحقيق أهدافه وأجنداته الخاصة، وتضليل الرأي العام عبر الادعاء بأن هذه الفوضى وهذا الإرهاب الذي يجتاح المنطقة على أيدي جماعات ظلامية تكفيرية قادمة من قعر التاريخ مجرد «ربيع» هدفه نشر الحرية والديمقراطية والإصلاح.. إلى آخر الاسطوانة الإعلامية الغربية المكررة.‏

ومع تدفق الإرهابيين والقتلة والمرتزقة من كل أصقاع الأرض إلى سورية عبر وكر الناتو في المنطقة «تركيا الأردوغانية» وبمساعدة وتسهيل المحميات الأميركية في الخليج، بقي الغرب على عناده وغطرسته وقدم الدعم والمساندة والسلاح ووفر الغطاء السياسي والإعلامي لهذه التنظيمات الإجرامية رغم بربريتها، إلى أن خرج تنظيم داعش الإرهابي السعودي المنشأ عن نطاق سيطرة وتحكم صانعيه الغربيين والإقليميين، وتمدد بشكل غير محسوب في شمال وغرب العراق مقترباً من المصالح الأميركية والغربية، هنا استيقظت هواجس الغرب ومخاوفه وراح قادته يفكرون في سبل إصلاح «خطأهم» والعمل على تطويق تمدد التنظيم ومحاصرته للحد من تهديده لمصالحهم، فلجأ الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تجريب المجرب في باكستان واليمن وأوعز للطيران الأميركي للقيام بضربات جوية محدودة في شمال العراق وهب الأتباع الصغار في فرنسا وبريطانيا لمساعدته.‏

اليوم ومع تأكد الهواجس والمخاوف الغربية من خطورة تنظيم داعش ومثيلاته من من التنظيمات الإرهابية في المنطقة، تقوم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بإثارة ضجة إعلامية كبيرة حول الرغبة والاستعداد لمحاربة الإرهاب «القرار الدولي 2170» مثالاً، فهل هذه الدول جادة فعلاً في محاربة الإرهاب، أم أنها ستحاول استثمار خطره المحدق بحيث تحاربه في مكان لتقوية حلفائها في مواجهته وتدعمه في مكان آخر للضغط على خصومها..؟!‏

في الواقع لا يمكن تصديق ما يقوله قادة الغرب لأنهم يكذبون على أنفسهم أولاً وعلى شعوبهم ثانياً وعلى العالم ثالثاً ورابعاً، وخير دليل ما يكتب في إعلامهم حول تورطهم بدعم الإرهاب وتوظيفه لأغراض خاصة، فكيف سيصدق العالم فرنسا وهي ترفض على لسان أحمق الاليزيه «فرانسوا هولاند» التعاون مع سورية التي أيقظت وعي العالم على خطورة هذا الإرهاب وقدمت التضحيات الكبيرة خلال مواجهتها له، أو كيف يصدق العالم هذا التحول المفاجئ في موقف البيت الأبيض إذا كانت تحالفاته قائمة بالأصل على دول تمارس الإرهاب ومتورطة بصنعه ودعمه وإيوائه وتصديره إلى العالم كالسعودية وقطر وتركيا وإسرائيل، أو كيف نثق بمخاوف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وغيره من قادة الغرب وهم يشترون النفط المسروق من داعش وتوابعها ويواصلون دعم الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين منذ أكثر من سبعة عقود..؟!‏

لا نشك لحظة في أن هذا الغرب متورط في دعم تنظيم داعش رغم إظهار العداوة له، فللغرب مصلحة كبرى في نشر فكر داعش المنحرف وتعميم وسلوكه الإجرامي لأنه يساعده على تشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف، ويشكل ذريعته الجاهزة للتدخل الدائم بشؤون المنطقة وتقسيمها على أسس مختلفة ونهب خيراتها، ولأنه يساعدهم في تجميل صورة الوحش الإسرائيلي البشعة، في المقابل فإن لداعش ونظيراتها من التنظيمات الإرهابية مصلحة في تدخل أميركا والغرب بهذه الصورة المريبة، لأنه يزيد من رصيدها الشعبي ويبرر مشروعها التكفيري، ولعلنا نتذكر كيف برر تنظيم القاعدة الإرهابي وجوده في العراق عبر التصدي المزعوم للوجود الأميركي، وقد يسأل سائل ما السر في تشابه خرائط داعش وخططها مع خرائط وخطط جوزف بايدن لتقسيم العراق والمنطقة، وما السر في تطابق مشروع داعش الفوضوي مع مشروع الشرق الأوسط الجديد وخطة كونداليزا رايس لنشر وتعميم ما يسمى الفوضى الخلاقة..؟!‏

الجميع بات يدرك أن تنظيم داعش أنشئ برعاية ممالك ومشيخات العار الخليجية وخاصة السعودية وبمباركة الأميركيين عندما كانوا يحتلون العراق، والجميع بات متأكداً تماماً بأن التدخل الأميركي والغربي لا يمكن أن يقضي على إرهاب داعش في العراق بل سيفاقمه ويوسع حاضنته الشعبية، وهذا تماماً ما جرى في ليبيا بعد عدوان الناتو عليها حيث حلت الجماعات التكفيرية محل الدولة الوطنية ومؤسساتها، ليس مطلوباً من الأميركيين والغرب عموماً سوى أن يتوقفوا عن دعم وتسليح الإرهابيين ويضغطوا على حلفائهم وأدواتهم العميلة السعودية وتركيا وقطر كي يجففوا منابع الإرهاب ويوقفوا دعم الإرهابيين بالمال والسلاح، وليس مطلوباً سوى تطبيق القرار 2170 بدون مواربة أو انتقائية أو ازدواجية، ولنا كامل الثقة في قدرة سورية والعراق على دحر داعش وأشباهها وتخليص المنطقة والعالم من شرورها وإرهابها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية