ثم إعلان رؤوس الإرهاب فيها عن رغبتهم في ترك إدلب واللجوء إلى تركيا، وما صاحب ذلك من تصريحات من الدول التي كانت تقدف بشذّاذ آفاقها إلى سورية لتدميرها، هذه التصريحات المتلازمة مع التحركات على عدة مستويات تدل على أن المشروع (الصهيو أميركي- العرباني) قد انتهى وستكون إدلب مقبرته يليها ما تبقى من شرق الفرات لتعود سورية كما أرادها دائماً قائدها المظفر بشار الأسد وجيشه الباسل وشعبه الأبي وحلفاؤه.
من المؤكد أن الأيام السوداء قادمة على الإرهاب بعد استنفاد كل الوسائل المتاحة فوق وتحت الطاولة لإطالة أمد الحرب وإبقاء إدلب معقلاً للإرهابيين برعاية (تركية وأميركية)، ومن المؤكد أيضاً أن روسيا الحليفة عندما رعت (الاستانات والسوتشيات) مع تركيا كانت تريد إثبات أن هذه الدولة المارقة لن ترتدع عن مخططها ولن تخرج من الوصاية الأميركية.
فماذا حدث؟
لقد انتظر الجميع البدء بوضع الاتفاق الأميركي - التركي موضع التنفيذ، لكن النتائج كانت مخزية لأردوغان بعد أن أدرك بأنّ الأميركيين خدعوه وأنّ المنطقة الآمنة مجرد وهم، وقد عزز هذا الأمر ما صدر عن ميليشيا (قسد) التي أعلنت أن الدور التركي محدود ومؤقت بل يؤمن الأمن والاستقرار ولا يتناقض مع مهمة تلك المليشيا، ويؤدي للتوصل إلى تفاهمات تؤمّن الاستقرار والسلام لما سمته الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية.
كل هذا كان يجابه برفض سوري قاطع وعزم على التصدي لإسقاط المشروع بكلّ السبل والوسائل المتاحة، وهي مواقف عبّرت عنها سورية بوضوح كلي يوم أبرم الاتفاق التركي الأميركي كما يوم بدأت الدوريات المشتركة، حيث اختصر الموقف السوري بعبارة: إنّ سورية تؤكد أنّ هذه الخطوة تمثل عدواناً موصوفاً بكلّ معنى الكلمة وتهدف إلى تعقيد وإطالة أمد الأزمة.
كما أن المراوغة والتقلب الأميركي وعدم الجدية في التنفيذ وعدم اهتمام القوى الأوروبية بالمطالب التركية. تؤكد وبشكل قاطع أنّ أردوغان لم يستطع الاستحصال على دعم أميركي وأوروبي جدّي لإنشاء المنطقة الآمنة لتركيا رغم تهديداته باللاجئين وبالإرهابيين.
إضافة إلى أن الصعوبات العملانية والميدانية التي تواجه الجيش التركي بسبب رفض السكان المحليين لمشروع منطقة السيطرة التركية على أرض سورية. ولا يقتصر الرفض على الحكومة السورية، بل يتعداه إلى رفض المواطنين السوريين في المنطقة ذات الصلة، وهم مستعدون للقيام بأعمال مقاومة وطنية لمنع التركي من الاستقرار في مناطقهم. إضافة إلى ما يمكن أن تقوم به ميليشيا (قسد) ضدّ الجيش التركي في حال دخوله إلى عمق الأراضي السورية بمسافة تتعدّى الـ 5 كلم وقد تصل إلى 45 كم كما يعلن أردوغان.
وهكذا فإن السعي التركي لإقامة منطقة آمنة محكوم بالفشل الأكيد، وإنّ منطقة الجزيرة السورية كما منطقة الشمال السوري على الحدود مع تركيا لن تقتطع من سورية تحت أيّ مسمّى.
بقي أن نقول إنّ تذاكي تركيا بأنها ستخرج كلياً من سورية بعد الحلّ السياسي لن يغيّر من حقيقة ثابتة هي أنّ أيّ وجود أجنبي على الأرض السورية سيواجه بالاجتثاث مهما كلف الأمر .. وسورية في كامل الجهوزية ومنذ زمن طويل لإنهاء قضية إدلب حتى لو كانت وحدها، وهذا يعيدنا إلى قول المفوضية الأوروبية عن الأيام السوداء.
وإن غداً لناظره قريب