تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإعلام ومسؤولياته

آراء
الخميس 28-7-2011
د. هزوان الوز

في ظل النقاش الوطني الذي يجري حالياً لمشروع قانون الإعلام الجديد بين مختلف النخب السياسية والثقافة والاجتماعية، أشير إلى أن الإعلام فكر وتكنولوجيا، وهما وجهان لعملة واحدة،

فإن إغفال أي من الوجهين يفقد الإعلام قوته وقدرته على الممارسة المهنية، ويؤكد الدكتور سليمان صالح أن دول العالم الثالث التي عانت من غبن تكنولوجي ومعرفي طوال خمسين عاماً، لم تساعد نفسها في الخروج من الأزمة، كون مؤسساتها الإعلامية لم تقترب من النضوج الذي يحقق حرية التعبير، ويجعل من الإعلام مادة صالحة للتطور الصناعي والنمو الاقتصادي.‏

فأخلاقيات الإعلام تؤدي إلى تحسين جودة الرسائل الإعلامية، وزيادة قدرة هذه الرسائل على إشباع الاحتياجات الإعلامية للجمهور، كما أنها تمثل ركيزة مهمة لتحقيق طموح المتلقي في بناء صناعة إعلامية مستقلة خاصة فيما يتعلق بالمصداقية التي يفترض أن يتمتع بها الإعلام ونقاط الصناعة الإعلامية تتخلص في:‏

-إعداد الكوادر المؤهلة بمعرفة نظرية علمية.‏

- القدرة على إنتاج رسائل إعلامية تتميز عن تلك الرسائل التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية، فالتميز هو الذي يمكن أن يكفل النجاح لوسائل إعلامية عربية جديدة، حيث يشعر الجمهور أنها تقدم له ما لا تقدمه له الوسائل الإعلامية الغربية.‏

- إن مصداقية الوسائل الإعلامية في كل العالم تتناقص،وتتناقص ثقة الجمهور فيها، لذلك يجب العمل على زيادة مصداقية وسائل الإعلام، وكيف يمكن الحصول على ثقة الجمهور.‏

- إن دراسة علم أخلاقيات الإعلام، وتطوير هذا العلم، وتحقيق التضامن المهني للمحافظة على أرفع المعايير المهنية والأخلاقية، يشكل خطوة مهمة نحو الارتفاع بمصداقية وسائل الإعلام.‏

- إن علم أخلاقيات الإعلام يساهم في تحديد وظائف ودور وسائل الإعلام في المجتمع.‏

وهذه الأخلاقيات تتمحور في عدة نقاط، من أهمها:‏

أولاً: الصدق:‏

وهو الدافع لأدبيات التعامل مع المادة الإعلامية، فالحقيقة هي المحور المحرك للإعلامي، والوصول إليها يجب ألا يتم عبر الطرق الملتوية، ولا القصيرة، المشوبة بما يخدش دقتها وصدقها وواقعيتها، بل يمكن الوصول إليها عن طرق صعبة ولكن سليمة، ولأن الحقائق ليست دوماً في متناول من يريدها، فلا بد من الوصول إلى مصدرها بشتى الطرق، مهما كلف ذلك من جهد ومشقة.‏

ثانياً: احترام الكرامة الإنسانية:‏

ما يقتضي عرض الأخبار بما لا يمس هذه الكرامة جماعية كانت(فئة أو ثقافة أو دين)، أو فردية،وهذا الأمر يجب أن يتم باستعمال وسائل قانونية سليمة للحصول على المعلومات، دون اللجوء إلى أساليب الخداع أو التوريط أو الابتزاز أو التلاعب.‏

ثالثاً: النزاهة:‏

وتعني تقديم الخبر والصور بنوع من الحياد، وتجنب الخلط بين الأمور مثل: الخلط بين الخبر والتعليق، وبين الصالح العام والصالح الخاص، والتجرد من الاعتبارات الذاتية، والاستقلالية، وعدم الخضوع لأي تأثير.‏

رابعاً: المسؤولية:‏

يجب على الإعلامي تحمل مسؤولية الصحة والحياد في التقارير أو المقالات التي يعدها، فلا يجوز له أن ينقل أي خبر دون التحقق منه، كما يجب التزام الدقة في معالجته، والحذر من نشره قبل التأكد من مصداقيته.‏

خامساً: العدالة:‏

فالعدالة تقتضي توخي الحكمة في عرض الأخبار والصور، والابتعاد ما أمكن عن أساليب المبالغة والتهويل والإثارة الرخيصة.‏

ولكن هل تنطبق هذه الأخلاقيات مع وسائل الإعلام الحديثة؟‏

أثبتت الدراسات والتاريخ أن نشأة أي وسيلة إعلامية جديدة لاتلغي ما سبقها من وسائل، فالمذياع لم يلغ الصحيفة، والتلفاز لم يلغ المذياع، وبالرغم من هذه الحقيقة العلمية إلا أن ظهور الانترنت، والإعلام الالكتروني، فرض وسيفرض واقعاً مختلفاً تماماً،إذ إنه لا يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام السابقة، وإنما هو وسيلة احتوت كل ما سبقها من وسائل.‏

ويرى البعض أن الإعلام الجديد هو الإعلام الذي أصبح يصوغ عقول الجمهور، والناشئة منهم على وجه الخصوص والشباب، من الجنسين، يتعاملون اليوم مع وسائل اتصالية رقيمة الكترونية لاتخضع للإشراف أو المراقبة، وهذا يجعل من هذا الإعلام قوةً مؤثرةً على الجميع دون استثناء بحكم أن مستخدمي الانترنت من جميع الفئات الجماعية والفردية.‏

إن قضية(أخلاقيات الإعلام الجديد) باتت اليوم تتصدر الاهتمامات المجتمعية، وإن الدراسات العلمية تضعنا أمام الأرقام والحقائق والبراهين العلمية عن تأثير التعرض لمضامين الإعلام الجديد على سلامة المجتمع وأمنه وتماسك نسيجه الاجتماعي بما يضمن حصانة أفراده من تأثيراته السلبية.‏

هذا إضافة إلى أن أخلاقيات العمل الإعلامي في وسائل الإعلام الحديثة لا تختلف عن وسائل الإعلام التقليدية إلا في درجة أهميتها، فإنها أكثر أهمية بسبب احتوائها على وسائل الإعلام التقليدية واتصالها بعدد أكبر من الناس وبسبب مميزاتها التي قد تقلل من درجة دقتها ومصداقيتها، وكذلك وجود معلومات قد ينسخها الفرد وينسبها إليه، وهذه من أخطر السلوكيات التي يتعرض لها الناشر، كل ذلك بسبب الحرية المطلقة التي يتمتع بها الانترنت، لذلك كان لابد من إيجاد هذه الأخلاقيات كي يأخذ بها كل من الناشر أو العامل في المجال الإعلامي في إرسال الرسالة الإعلامية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية