تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حاجتنا إلى معارضة وموالاة..!

آراء
الخميس 28-7-2011
سليم عبود

حاجتنا في العالم العربي كبيرة إلى وجود معارضة وموالاة، وحاجتنا أكبر إلى مناخ ينتج ثقافة تؤكد أهمية الحوار والنقاش ودور الآخر داخل الوطن

وفي إطاره، يتلاقى فيه الجميع على المشتركات الوطنية والقومية من غير تشنج وعدائية، فالتلاقي على المشتركات عبر الحوار والمواقف ينتج المناعة الوطنية في وجه محاولات اختراقنا من الخارج.‏‏

في العالم العربي لا وجود لمعارضة وموالاة بالمعنى الحقيقي لمفهوم المعارضة والموالاة سياسياً، فإذا ما قام حوار بين طرفين، سريعاً.. يتحول الحوار إلى تشابك حاد بالألفاظ والاتهامات الخطيرة، ومن يتابع اليوم الحوارات التي تبثها الفضائيات، يقرأ تخلف ثقافة الحوار في عالمنا العربي، وفقدان القواسم المشتركة التي يجب أن تشكل مرتكزات لأي حوار.‏‏

وبتعبير أدق..‏‏

لا وجود لثقافة الحوار حتى بين أبناء الطيف السياسي الواحد لغياب المشتركات الفكرية والثقافية والسياسية والطبقية من جهة، ولقناعة كل فرد في هذا الطيف من خلال تضخم عقدة الأنا من جهة أخرى، وسبب هذه الحالة «المرضية» غياب التنشئة السياسية والفكرية الواحدة وغياب مراقبة سلوكيات الممارسة.‏‏

حاجتنا كبيرة في العالم العربي إلى وجود معارضة وموالاة، تقومان على حيوية النقد والحوار، ووحدة التوجه، وعلى وضوح الرؤية والرغبة في التلاقي حول ضرورة بناء الوطن، والإيمان بعدم إلغاء طرف لآخر، لأن عملية الإلغاء ليست قتلاً سياسياً لهذا الفريق أو ذاك وحسب، وإنما هي قتل للوطن بكل مرتكزات وجوده.‏‏

في المعارضة والموالاة داخل مجتمعاتنا العربية تتبدى الأمور بشكل عجائبي «إما أبيض وإما أسود»، بالرغم من المشتركات في الأساس موجودة ولكن يتم تجاهلها، وتختفي صيغ مشاريع وطنية وقومية واحدة يمكن البناء عليها.. لهذا نجد تباعداً كبيراً بين أي فريقين أو شخصين في أي حوار، وهذا ما أشار إليه المغتربون السوريون في مؤتمرهم حيث يواجهون جماعات وأفراداً محكومين بتشنج حاد، وبقناعات مسبقة بالرغم من أن المشتركات التي يجب أن يقوم عليها الحوار موجودة.‏‏

في موضوع ما يسمى بالثورات العربية اليوم.‏‏

في بعض البلدان العربية كان قيام ما حدث من حراك ضرورة كما هو الحال في مصر وتونس، ولكن السؤال: هل لدى أنصار هذا الحراك رؤية تغيير موحدة نحو المستقبل يمكن أن تؤسس لنظام سياسي بديل يحقق الأهداف المطلوبة، إضافة إلى مواقف واحدة حول المشتركات الوطنية والقومية: «العروبة.. قضايا الصراع العربي الإسرائيلي.. المشروعات الغربية والأميركية في الوطن العربي العلاقات البيئية بين البلدان العربية، معاهدات الاستسلام مع العدو الصهيوني، قضية بناء النظام السياسي، مبدأ تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع، ومبدأ قيام الأحزاب الوطنية؟!‏‏

لا أعتقد أن كل تلك القضايا المهمة جداً وطنياً وقومياً نجدها واحدة لدى الجميع في نظرتهم وفكرهم ورؤاهم السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ونظراً لغياب التوافق أو الاهتمام بهذه المشتركات، نجد استمرار حالة من فوضى حادة تسيطر على هذا الحراك تحاول الإدارة الأميركية اقتناصه لمصلحتها، وهذه الفوضى قد تصل بالوضع القائم في تلك البلدان إلى الحالة الصومالية والأفغانية وربما العراقية التي بدأت بالاعتماد على الخارج، وهي بشكل أو بأخر نتاج لمشروع الفوضى الخلاقة الذي تنفذه أميركا و«إسرائيل».‏‏

في الحالة السورية.. ما يطلق عليه اسم «معارضة» وهنا أستثني ما تطلق على نفسها معارضة خارجية لأن هذه المعارضة في أغلبها مجموعات وأفراد ترتبط بقوى وجهات معادية لسورية كوطن ونهج وتاريخ ومواقف.‏‏

أجل.. في الحالة السورية لم تحقق المعارضة شروط المعارضة القادرة على التفاعل الوطني، لعدم توافقها كأفراد وجماعات على مشتركات وطنية فيما بينها أولاً، وبينها وبين القوى السياسية الموجودة في السلطة ثانياً، بالرغم من أن المشتركات موجودة والسلطة فتحت صدرها للحوار لكن المعارضة للأسف لم تستثمر ذلك، ومازالت أسيرة عقلية الرفض من أجل الرفض.. وقد نجد لدى المعارضة الاتهامات نفسها للسلطة.‏‏

في العالم العربي نحن بحاجة إلى تدقيق شديد في مفهوم المعارضة والموالاة..‏‏

والتعريفات الشائعة في الأوساط السياسية في مفهوم المعارضة والموالاة لا تنطبق على ما هو قائم.‏‏

إن المعارضة يجب أن تقوم من أجل الوطن وبنائه، وكذلك الموالاة يجب أن تقوم لأجل الوطن وبنائه وتطويره وصلابة التمسك بثوابته، وإذا ما كان المنطلق لدى الطرفين واحداً، فلماذا لا يقوم بينهما حوار وطني جاد؟!‏‏

لا يكفي أن نقول: إننا معارضة، أو إننا موالاة..‏‏

فالممارسة الوطنية الصحيحة تقرر من هي الموالاة ومن هي المعارضة في ساحة الوطن، وليس خارجها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية