من جميع الأخطار التي تحيط بهم سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية وغيرها من المشكلات.
وهذا بطبيعة الحال يعود إلى استقرارهم النفسي الذي زُرعت بذوره منذ الطفولة، فنرى بعض الأطفال واثقاً بنفسه قيادياً واجتماعياً، بينما نرى في الطرف المقابل طفلاً ضعيف الشخصية مهزوزاً، غير قادر على التواصل الاجتماعي، وعاجزاً عن إثبات ذاته وتقبل نفسه والآخرين.
توفير الهدوء النفسي
فالاستقرار النفسي نقطة الانطلاق نحو تأسيس شخصية ناجحة مستقبلاً وهذا ما أكدت عليه الاختصاصية التربوية، الدكتورة منى كشيك مدرسة في جامعة دمشق فقالت: إن الاستقرار النفسي من منظور علم النفس هو شعور الفرد بأنه محبوب ومتقبل من الآخرين، له مكانة بينهم، ويدرك بأن بيئته صديقة ودودة غير محبطة، ويشعر فيها بندرة الخطر والتهديد والقلق.
ويتضمن الاستقرار النفسي عملية إشباع الفرد للحاجات التي تثير دوافعه بما يحقق له الرضا عن النفس والارتياح للتخلص من التوتر الناشئ عن الشعور بالحاجة وتوفير الهدوء النفسي والاطمئنان بما يمنحه شعوراً بالتقبل والحب وعلاقات المودة والقدرة على التعاون مع الآخرين، والشعور بالانتماء للجماعة والمكانة فيها، والإحساس بالطمأنينة وغياب مهددات الأمن، بما يؤدي إلى سكون النفس وطمأنينتها.
أجواء أسرية مضطربة
ولضعف الاستقرار النفسي لدى الطفل العديد من الأسباب التي تطرق إليها المختصون في محاولة لوضع النقاط على الحروف، ومن ثم وضع الحلول المناسبة، وهذا ما أشارت إليه د. كشيك بالقول: ما يزعزع الاستقرار النفسي للطفل وجود اضطرابات في الأجواء الأسرية وعدم الاستقرار بسبب انفصال الوالدين، أو بسبب وجود إعاقة جسدية أو عقلية لدى الطفل، وأحياناً بسبب أساليب التعامل الوالدية غير السليمة، كالحماية الزائدة والتذبذب وعدم الاستقرار في المعاملة، والمقارنة بين الأبناء وعدم المساواة وعدم وجود دعم كاف لدى التعرض للأزمات والصدمات، وسوء الأوضاع الاجتماعية والفقر.
انعكاسات نفسية وجسدية
ولفتت د. كشيك إلى مظاهر انعدام الاستقرار النفسي لدى الطفل والتي تتبدى في عدد من الحالات الجسدية والنفسية، مثل ضعف الشخصية ونقص الثقة بالنفس، حيث هناك علاقة وثيقة بين الثقة بالنفس والصحة النفسية، فالشخص السليم نفسياً يتصف بالثقة بالنفس بينما يتصف الشخص المريض نفسياً بضعف الثقة بالنفس، ومن دلائل الثقة بالنفس القدرة على التعاون مع الآخرين في أداء العمل، في حين تحجم الشخصيات التي تنقصها الثقة بالنفس عن التعاون خوفاً من أن تتهم بالضعف، وأن الآخرين يسيطرون عليها، ويمسكون بالقيادة ويحددون خطواتهم، كما يتصفون بالقلق المرتفع الذي يقف عائقاً عند كل أداء أو إنجاز مايفقدهم القدرة على العمل والاستمتاع بالحياة، ويتبدى هذا القلق باضطرابات في نوم الطفل ونوبات الفزع والخوف من الأشياء العادية.
ومن مظاهر انعدام الاستقرار النفسي حسبما أشارت د. كشيك، العدوانية وسرعة الانفعال والعناد، حيث يتولد لدى الأطفال هذا الشعور برفض الوالدين أو الآخرين لهم، فيصبحون عدوانيين بأطباع عنيدة، وقد يعود ذلك إلى عدم تمكن الأسرة من تحقيق حاجات الطفل أو منحه الحب والحنان وغالباً ما يتصف الطفل غير المستقر نفسياً بضعف المستوى الدراسي، وأحياناً رفضه الذهاب للمدرسة، بسبب عدم توافرالأمن النفسي في المنزل، مايؤدي إلى اختلال توازنه الانفعالي.
الحماية من الصدمات
وأخيراً قدمت د. كشيك مجموعة من الإرشادات التي تساعد في حال اتباعها على توفير جو مساعد على الاستقرار النفسي للطفل، كتوفير جو أسري ينعم فيه الطفل بالألفة والمحبة، وتأمين احتياجاته الأساسية وإحاطته بجو من الحنان والعطف والاستقرار داخل الأسرة، وحمايته من الصدمات على تتنوع أسبابها، وتشجيعه على التعبير عن نفسه وعن مشاعره.