فأين هي هذه المنظمات وأين دعاة الإنسانية في صفوفها؟ وهل يكفي أن تدق ناقوس الخطر وتنتظر موت الآلاف هناك؟!
إن الإجابة عن هذه الأسئلة المهمة تشير إلى تقاعس المنظمات الدولية المتخصصة بالإغاثة عن أداء دورها الكامل في منطقة القرن الإفريقي بذرائع واهية رغم أن العالم شاهد بعضها يعمل بجد ويقدم مساعداته لهذه الدولة أو تلك أثناء الفيضانات والزلازل والمجاعات والحروب والكوارث الطبيعية.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره الرغبة بتصوير الأمر على أنه مؤامرة على الصومال، بل هو حقيقة أكدتها أكثر من جهة دولية، فقد اتهمت منظمة أوكسفام بتاريخ 20/7/2011 الحكومات الأوروبية بالإهمال المتعمد عبر التسبب في نقص تصل قيمته إلى 800 مليون دولار في المعونات الغذائية والتباطؤ في الاستجابة لاحتواء أزمة الجفاف التي تضرب منطقة القرن الإفريقي.
وأوضحت المنظمة البريطانية أنه لم يتم حتى الآن تأمين سوى 200 مليون دولار من الأموال اللازمة لتجنب وقوع كارثة إنسانية في الصومال وكينيا وأثيوبيا.
وحذر المدير الإقليمي للمنظمة فران ايكيزا من عدم تقدير حجم الكارثة الإنسانية هناك وإضاعة الوقت الذي يمكن أن يفاجئ العالم بكارثة غير مسبوقة في هذه المنطقة، متهماً العديد من الجهات بالتقاعس عن تقديم العون اللازم.
كما أكدت مصادر صحفية إفريقية أن الوضع الإنساني في الصومال بات يقترب من الكارثة وسط مشاعر استياء عام من المتضررين من الجفاف الذي دفع بمئات الآلاف منهم للتوجه إلى معسكرات النازحين في كينيا وأثيوبيا، وتوقعت المصادر أن يكون إعلان حالة المجاعة هذه الأيام بمثابة تحذير جدي من الأمم المتحدة أن كارثة المجاعة تهدد مناطق واسعة من الجنوب بسبب تراجع المحاصيل الزراعية وتوقف المساعدات الإنسانية وغياب التمويل اللازم لمشاريعها في تلك المناطق علاوة على عدم استقرار الوضع الأمني، محملة منظمات الإغاثة وبعض الجهات الدولية مسؤولية تردي الأوضاع هناك.
أما الدول العربية التي يفترض أن تكون قد أقامت جسراً جوياً لتوفير المساعدات الغذائية العاجلة لإنقاذ المتضررين تحسباً لتفاقم الوضع المأساوي في القرن الإفريقي فإن تحركها كان بطيئاً جداً ولا تزال مواقفها حتى الآن تتأرجح بين إمكانية إصدار بيان حول الوضع هناك وضرورة إقامة الجسر المذكور فوراً وبين رصد مبالغ مالية معينة للإعانة من حساب الأمانة العامة من أجل تقديم مواد إغاثة طبية وغذائية للمتأثرين بالجفاف في منطقة القرن الإفريقي وسيتم توزيعها عبر بعثتي الجامعة في مقديشو ونيروبي بالتنسيق مع الهيئات الدولية المعنية، وعلى هذه الأساسات أصبحت الجامعة مثلها مثل منظمات الإغاثة حيث اقتصر دورها على تقديم مساعدات طفيفة ولم تستطع معالجة الأزمة من جذورها.
والدليل على وجود أزمة في عمل منظمات الإغاثة أن جميعها تقريباً يصدر البيانات التي تحث الأطراف الصومالية على تسهيل توصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها دون إعاقة والتي تدعو جمعيات الصليب والهلال الأحمر ومنظمات المجتمع المدني للمساعدة في إنقاذ النازحين وكأننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً والخاسر الأكبر سكان تلك المناطق التي يفتك بهم الجوع.