بل أغلبها نجد العكس- إصابات في الإنتاج لا نكتشفها إلا عند جني المحصول, فائض هنا ونقص هناك منع لزراعة محصول وزيادة في زراعة آخر والنتائج مثلما هي المقدمات لا أهداف للأولى ولا أسباب للثانية ولم نجد من يستخلص العبر وصولاً إلى سياسة زراعية صحيحة ومنطقية تكون في مصلحة الجميع,بل إ مانجده ومن خلال خبرتنا واطلاعنا على الأمور ليس إهمالاً ولا تقصيرآً ولا نقص كوادر أو خبرات.
قلنا ما تقدم لنشير إلى إصابة موسم ا لقمح هذا العام وذلك من خلال شكاوى وصلتنا إلى مكتب الجريدة تتعلق بعدم استلام كميات كبيرة من القمح إلى مراكز الاستلام بسبب إصابتها بمرض التعفن الأسود الذي أدى إلى إعادة مئات الجرارات المحملة بالقمح إلى أصحابها الذين أصيبوا بالخيبة واليأس مما يجري, ونحن بدورنا قمنا بسؤال ذوي الأمر وبجولات على المراكز والفلاحين المنكوبين لنجد أن هناك من يقول إن السبب هو المناخ المتقلب وغير الطبيعي لهذا العام ,ومنهم من قال إن البذار غير صالح وغير متحمل لهذه الأمراض, ومنهم من قال إن الري بالرذاذ هو السبب ,وكل جهة تبرر بما ينقذها من تحمل المسؤولية ولكن ماذا جرى على أرض الواقع... في مركز حماة أكد لنا رئيس المركز أنه تم استلام ستة آلاف طن من القمح المشول وقد كانت نسبة الآليات المصابة بالتلف أي بالعفن بحدود 20-25% من الآليات المستلمة,ولما سألناه عن المرض الذي أوجب رد هذه الكميات الكبيرة قال أخذنا عينات ووجدنا أن رأس الحبة لونه أزرق مخضر أو رمادي مخضر نتيجة الأمطار والرطوبة الزائدة وهذا يحدث في الطورين اللبني والشمعي, وكان من المفروض على الجهات المعنية في مديريات الزراعة أن تكشف ذلك.
في مركز استلام القلعة قال رئيس المركز تم حتى تاريخه استلام 55100 طن من القمح كما تم أيضاً رفض 500 آلية محملة بالقمح المعفن ,ولما قلت له إن المزارعين قالوا لنا إن التجار اشتروا القمح المرفوض وأعادوا تسليمه مرة أخرى إلى المركز قال: قد يكون التجار خلطوا المصاب بغير المصاب لتقل النسبة إلى حدود 2% وهذا مقبول ويتم استلامه.
في مركز معردس لم نجد رئيس المركز ولكن علمنا من الجداول أنه تم استلام 11135 طناً وكمية القمح المعفن المرفوضة غير معلومة.
وفي مركز سلمية تم استلام 9827 طناً من القمح لم يذكر اسم القمح المعفن.
وفي مركز سلحب تم استلام 31560 طناًَ من القمح, وتم رفض 65 آلية محملة بالقمح المعفن .
وفي مركز كفربو كانت كميات القمح المسلمة حتى تاريخه 47000 طن وتم رفض 340 آلية مصابة بالعفن وقد أكد لنا رئيس المركز أن هذا حدث في عام 1997 نتيجة ظروف مماثلة(ولم نتعظ), وقال إن السبب هو الرية الأخيرة يجب أن تكون قد أعطيت في أوقات مبكرة عما تم تنفيذه في هذا الموسم, حيث كان القمح قد دخل في الطور اللبني وأكد لنا رئيس المركز أن هذه هي بداية الأزمة والتي قد تمتد إلى عدة سنوات فقد يرفض المزارع زراعة القمح بعد نكبته هذه بالإضافة إلى أن هذا حاصل في جميع المحافظات مع اختلاف بالظروف الجوية وأنواع الريات,ففي السويداء تم الرفض بسبب السونة, وفي دير الزور بسبب التفحم, وفي مركز شطحة حيث كانت بداية الأزمة أي رفض الأقماح المعفنة أكد لنا رئيس المركز أنه تم استلام 10752 طناً من القمح دوكمه وتم استيعاب كافة المساحة المقررة لاستلام 10 آلاف طن, وقال لنا أيضاً إنه تم رفض بحدود 2500 طن من القمح المصاب بالعفن ,ولما كان مركز شطحة هو أول مركز يرفض بسبب التعفن فقد قمنا بإعلام كافة الجهات المعنية في المحافظة وصولاً إلى رئاسة مجلس الوزراء كما اجتمع السيد المحافظ بلجان التسويق ورؤساء المراكز لهذا الغرض.
في مركز الزيادة تم استلام 22000 طن من القمح وفي مركز السقيلبية 39600 طن ولم نعلم عدد الجرارات المرفوضة لأننا لم نجد رؤساء المراكز تلك.
في المؤسسة التقينا المهندس محمد سمير جمال مدير فرع المؤسسة في حماة ووضعنا أمامه ماسمعناه ورأيناه فقال: بالفعل توجد إصابة وقد تم رفض كميات لا بأس بها من الأقماح المصابة, ولكن الأمر ليس كما يقال وإعداد الآليات ليست على ما تم ذكره من رؤساء المراكز فقد تقوم بعض الآليات المرفوضة بالذهاب إلى مراكز أخرى أي تحاول التسليم في عدة مراكز وترفض, وقال : إننا نفذنا حتى تاريخه 95% من الخطة أي بحدود 282000 طن من القمح من أصل الخطة البالغة 300000 طن,وقال :إن أحوال التسويق جيدة وتسير بشكل حسن وبدور مسبق..ولكن هنا نسأل إذا كان الدور مسبقاً فكيف تذهب الآليات من مركز إلى آخر وهي المصابة بالعفن وترفض ومن المفروض ألا تقبلها وألا يكون لها دور في المراكز الأخرى.
ونحن بعد ما تقدم نقول: إن محافظة حماة هي من المحافظات الإنتاجية الأولى في القطر وذلك بسبب طبيعتها ومناخها الملائم وتقبلها لزراعة كافة المحاصيل ,ولكن رغم هذا لا نجد إلا الإخفاقات والتقصير والإهمال حيث لا نكتشف المخاطر إلا بعد أن تقع وتستفحل وكأن لا أحداً يعنيه ما يجري ولا يهمه ذلك وبالأخص من ذوي الخبرة والاختصاص والذين يتحدثون دائماً عن أنفسهم إنهم أبطال إنتاج وإشراف وإدارة.
إننا نتوجه للجهات المسؤولة وصاحبة العلاقة في المحافظة ونتمنى عليها أن تذهب إلى مواقع العمل والإنتاج فهناك دائمآً أسباب ومسببات...ونذكر تلك الجهات أنه لدينا في كافة المجالات كوادر وخبرات لا مثيل لها يفترض أنها تقود عمليات التنمية إلى النجاح لا إلى الاخفاق...!!!
ونؤكد في النهاية أنه آن الآوان ليتحمل كل منا المسؤولية كاملة حتى لا نجد أنفسنا في النهاية وجميعنا دون استثناء ندفع الثمن