إن جولة سريعة إلى بعض البلدان والقرى وحتى المدن في المحافظة وتتبع هذا الموضوع فيها تكشف مباشرة عن الإهمال الكبير لقضية النظافة,فالشوارع الرئىسة لتلك التجمعات تعج بالنفايات والخردة والأوراق المتناثرة,والساحات والمداخل تحولت إلى مقالب للقمامة والأتربة والأوساخ حتى غدت مناظر مألوفة يشاهدها كل الناس.
إن هذا الوضع المأساوي والمؤلم لا تعانيه القرى والبلدات الصغيرة في المحافظة فحسب,بل تشكوه بعض المدن الكبيرة مثل:نوى-جاسم-تسيل-طفس-الصنمين غيرها والتي تحولت فيها الأسواق والساحات العامة والمداخل إلى بؤر مليئة بالنفايات المتنوعة وتشكلت في زواياها أكوام وتلال صغيرة من النفايات التي يرمي بها سكان المنازل كيفما اتفق ودون مراعاة للنظافة العامة وصحة الإنسان.ولا نبالغ هنا إذا قلنا: إن مئات رؤوس الأبقار أصبحت تعيش بين البيوت السكنية في أغلب تلك المناطق...
والغريب في الأمر هنا:أنه رغم كثرة هذه المخلفات والنفايات في أحياء وشوارع الوحدات الإدارية بالمحافظة ورغم صدور قانون النظافة المنظم لهذا الموضوع ومعالجته..فإن مجالس المدن والبلدان لم تقم إلى الآن بالجهود الكافية لترحيلها والتخلص منها وفق الطرق الحديثة.وبلا شك فإن استمرار غياب النظافة عن تلك التجمعات السكنية بدرعا سيعرضها لمشكلات بيئية وصحية متعددة وخطيرة على حياة الإنسان والمزروعات وغيرهما من الكائنات الحية.إذ إن تراكم النفايات والأوساخ في الطرقات ومداخل الأحياء سيؤدي إلى انتشار القوارض والحشرات الضارة التي تنقل الأمراض الكثيرة والخطيرة للبشر كاللايشمانيا والاسهالات والطاعون وربما داء الكلب.ونؤكد هنا بأن بعض أحياء المدن والبلدان بالمحافظة مليئة الآن بالجرذان والفئران والناموس,ولعل أكثر الناس سمع بظاهرة الكلاب الشاردة التي انتشرت منذ شهرين تقريباً في مدينة نوى وبعض القرى المجاورة والتي ألحقت الأذى بعشرات الأشخاص وبخاصة الأطفال منهم.
وفوق هذا فإن انتشار القمامة والأتربة والحجارة على جوانب الطرقات يعكر صفو النفوس ويسيء إلى جمالية المدن فضلاً عن الروائح الكريهة وحالات التلوث التي تسببها هذه الأوساخ لعناصر البيئة المتنوعة ونحن نتحدث عن واقع النظافة في محافظة درعا نعلن هنا بأن الصورة ليست سوداوية تماماً ومعتمة فهناك الأسود..وهناك الأبيض فنحن لا ننكر بأن بعض البلديات في المحافظة قامت وتقوم بالإجراءات التي من شأنها معالجة موضوع النفايات وتخليص السكان منها وذلك من خلال توزيع البراميل والحاويات على الأحياء لجمع القمامة,ومن ثم القيام بترحيلها إلى مقالب خارج المدن والقرى مثل:بلدية درعا وبلدية إزرع وغيرهما.ولكن مثل هذه الطرق والأساليب في التعاطي مع موضوع النفايات ما زالت قاصرة وعاجزة عن تحقيق النظافة المنشودة وتوفير الصحة العامة ومنع التلوث.لأنه لا تكفي -على سبيل المثال- أن تقوم بلدية نوى بتوزيع عدد من الحاويات على بعض الأحياء والشوارع لتأتي سيارة النظافة التابعة لها بعد اسبوع أو أكثر لترحيل ما جمعته تلك الحاويات ونعتقد بأن التصدي الفعلي لموضوع النظافة يتطلب أولاً توزيع الحاويات على جميع الأحياء والشوارع دون استثناء وثانياً يجب أن يتوفر العدد الكافي من الآليات وعمال النظافة للقيام بالطواف على تلك الحاويات بشكل يومي وترحيل النفايات منها إلى مقالب نظامية لدفنها وحرقها بالشكل الصحيح حتى لا تلحق الأذى والضرر بالمزروعات وغيرها من الكائنات الحية.حيث إن أغلب المقالب الحالية التي يتم ترحيل نفايات المحافظة إليها غير نظامية ولا تتوفر فيها الشروط الفنية الصحيحة للمقالب ما يسبب الإزعاج والضرر لبعض السكان المجاورين لها وللبيئة أيضاً.ولعل الحل الجذري والشامل لمشكلة النفايات في محافظة درعا وغيرها من محافظات القطر يستدعي إنشاء معامل لمعالجتها,والاستفادة منها في مجالات أخرى.لقد سبق وأعلنت الجهات المعنية عن وجود دراسة تتعلق بإقامة معمل للنفايات الصلبة في محافظة درعا من قبل شركة فرنسية إلا أن هذا المشروع لم ير النور إلى الآن وما زالت الحكاية مجرد قصة نرويها بين الحين والآخر ونحن نؤكد هنا على أهمية تنفيذ هذا المشروع بالمحافظة نظراً لأهميته خاصة وأن المحافظة تطرح يومياً نحو/450/طناً من النفايات الصلبة.
وعلى أي حال..فإن المطلوب الآن وإلى حين إنشاء المعمل المنتظر في المستقبل أن يقوم رؤساء مجالس المدن والبلدان في محافظة درعا بواجباتهم حيال مسألة النظافة.إذ إن العناية بنظافة الشوارع والأحياء والأماكن العامة في أي مدينة وقرية لا يحتاج إلى مبالغ طائلة تعجز البلديات عن توفيرها فالمسألة تحتاج إلى يقظة الضمير وإلى قليل من الجهود المتواصلة والمتابعة الحثيثة من السلطات المحلية.والعمل كذلك على تطبيق تعليمات قانون النظافة الصادر مؤخراًونشير هنا إلى أهمية دور المواطنين في ذلك.
إذ بإمكانهم أن يبادروا في هذا المجال فالمثل الصيني يقول:إذا قام كل مواطن بتنظيف باب داره يصبح الشارع كله نظيفاً..?! أليس كذلك.