بينما مالك الحزين, فقد اتخذ من بلجيكا موطناً له, وطائر الترغل التركي الذي يعود في أصله إلى البلقان يجوب الآن سماء القارة الأوروبية حتى النرويج.
وطائر الوروار الزاهي الألوان والمعروف أنه يعيش في البلدان الحارة, ويبتعد عن المناطق الشمالية الباردة, يطارد الآن النحل والزنابير, طعامه المفضل في ألمانيا وحتى في انكلترا.
وكثيرة هي أنواع الطيور التي توسعت بمناطقها نحو الشمال خلال أواخر القرن الماضي, وفي دراسة بريطانية أجرتها على /435/ نوعاً يعيش في أوروبا, وجدت أن منهم /196/ نوعاً انتقلوا نحو الشمال أو الشمال الغربي للاستيطان هناك مع نهاية القرن التاسع عشر, بينما هناك /32/ فقط اتجهوا نحو الجنوب أو الجنوب الشرقي.
ومن أجل تفسير هذه الظاهرة في انتقال الطيور لتعشعش في مناطق الشمال, رد عالم الطيور فريدريك ارشو السبب إلى التغييرات المناخية المعروفة التي تشهدها الكرة الأرضية.
بالإضافة إلى عوامل أخرى أقل أهمية, وإن لم يتم اثباتها حتى الآن بشكل أكيد, إلا أن عامل المناخ لا يختلف عليه اثنين, وما زالت الدراسات مستمرة منذ خمسين عاماً على بعض أجناس الطيور.
وما كشفت عليه التجارب هو حصول تبدلات عديدة ومتقاربة فيما يتعلق بالمناخ, وطريقة الهجرة وخطوط العيش.
وعلى الأغلب, تأتي ردود فعل الطيور على التغييرات المناخية من خلال تصرفات طباعية وراثية أي بمعنى التأقلم مع دورتهم البيولوجية, دون ظهور تبدلات وراثية.
وأشارت دراسة بريطانية أجرت تجاربها على /70/ ألف بيضة عائدة ل¯ /65/ جنساً من الطيور, أن جميع هذه الطيور قد وضعت أولى بيوضها قبل موعدها بحوالى تسعة أيام, باستثناء طير الحمام بتأثير ارتفاع حرارة فصل الربيع, وهذه الظاهرة كانت على حد سواء لدى الطيور المستوطنة والمهاجرة آكلة الحشرات وآكلة الحبوب.
وأمام التبدلات المناخية, ظهرت بعض التطورات الجزئية في خصائص الطيور المهاجرة حيث ظهرت لديهم ظاهرة الاصطفاء الوراثي.
وفي ذلك إثبات للنظرية الداروينية ولدينا طير الدخلة ذو الرأس الأسود, خير شاهد على ذلك ومن المعروف أن هذا الطير يمضي شتاءه في بلدان حوض المتوسط.
ومنذ فترة بدأ هذا الطير ذو الرأس الأسود علماً أن إناثه تتميز بالرأس البني الأشقر, يأخذ من جنوب انكلترا مشتى له.
وثمة فرضية تقول, إن أفراداً من هذا الطير قد انحرفت عن مسير سربها -بسبب اصابتها بعاهة وراثية- وابتعدت عن خط سير الهجرة العادية لتجد , من ثم, عند بحر المانش درجة الحرارة المناسبة.
وبالتالي نقلت هذه الميزة الاصطفائية إلى الأجيال التالية, ومن المعروف أن سمة الهجرة لدى الطيور هي سمة وراثية حتى ولو تدخلت مظاهر أخرى. ولكن ثبت أنه وتحت تأثير المناخ والبيئة يمكن أن تخضع الطيور للاصطفاء الوراثي.
ولكن كيف يمكن للطيور التي تعودت على درجة حرارة متوسطة تبلغ + أو -0,6 درجة, خلال عقد من الزمن تحمّل ارتفاع حرارة يتوقع أن تصل من الآن لغاية نهاية القرن إلى 1,4 و 5,8 درجات, وما سيطرأ من تغيرات على سلالتهم الغذائية الخاصة ببعض الأنواع.
وفي تجربة اجريت لوحظ أن طائر القرقب الأزرق لم تتلاءم صغاره مع التطورات التي خضع لها اليسروع, والنتيجة أن صغار هذا الطير تراجع نموهم وأصبحوا غير آهلين للطيران.