أزمة المديونية وتأثيرها على الانتخابات الأميركية
شؤون سياسية الخميس 4-8-2011 د. إبراهيم زعير مع بدء الحملات الانتخابية الرئاسية وانتخابات الكونغرس دخلت الولايات المتحدة مرحلة الصراع على زعامة البيت الأبيض فالرئيس باراك أوباما الحالم بإعادة انتخابه مرة ثانية أسوة بمعظم الرؤساء الذين سبقوه يشن الجمهوريون
حملة شرسة ضده لقطع الطريق عليه وتبؤ هذا المنصب الذي فقدوه بفعل سياسة رئيسهم الأسبق جورج بوش الابن الخرقاء والتي أدخلت الولايات المتحدة بنفق الأزمة الاقتصادية والمالية التي كان من الممكن التخفيف من آلامها لو تمتع الجمهوريون بشيء من الواقعية في سياساتهم الداخلية والخارجية وخاصة فيما يخص حروبهم المجنونة في أفغانستان والعراق والتي ساهمت في تراكم ديونها حيث سيبلغ حجمها في شهر آب القادم نحو 14،43 تريليون دولار وفق آخر الاحصاءات الأميركية.
والرئيس أوباما الذي ورث هذا الحمل الثقيل وعوضاً عن العمل للتخفيف من كابوس المديونية العالية زاد في الطين بلة بإصراره على تدعيم الحرب في أفغانستان وإظهار رغبته بتمديد تواجد قواته العسكرية في العراق ولم يفكر أن استمرار الحرب لن تعود على بلاده الأميركية الجاثمة على صدر التاريخ والشعوب أي نتائج أو تحقق أي أهداف من تلك التي وضعت لهاتين الحربين، بل على العكس فإرادة الشعبين الأفغاني والعراقي ومقاومتهما البطولية للغزاة الأميركان أفشلت كل ما كانوا يحلمون به في وضع اليد على هذه المنطقة الفائقة الأهمية بالنسبة للاستراتيجية الأميركية التي سعت من خلال غزو أفغانستان والعراق توجيه ضربة قاتلة للدول المناهضة للهيمنة الأميركية إيران وسورية اللتين تشكلان محور المقاومة على الساحة الاقليمية اللتين منعتا الولايات المتحدة بصمودهما ورفض أي تنازل أمامها الاقتراب من بحر قزوين الغني بالنفط الذي يعتبر الاحتياطي الاستراتيجي للطاقة العالمية الذي لا يمكن للولايات المتحدة غض النظر عن هذا الكنز المتوقف على وضع يدها عليه مصيرها الجيوسياسي الآسيوي والعالمي.
وروسيا المتشاطئة مع بحر قزوين تدرك بعمق أن نجاح الولايات المتحدة في الاقتراب والسيطرة على بحر قزوين سيحرمها من عامل حاسم في مكانتها الدولية ودورها في السياسة العالمية وهي تعرف أن أميركا لم تترك وسيلة إلا وفعلتها لإقصاء روسيا عن مسرح التاريخ فعادت من جديد لمحاصرة روسيا وحلفائها في المنطقة بمنظومة الدرع الصاروخي الذي يشكل خطورة بالغة على أمن واستقرار روسيا وأمن واستقرار هذا الاقليم الواسع من العالم والعملاق الصيني يعمل كل ما بوسعه لمنع الامبراطورية الأميركية من الاقتراب من حدودها والتمركز في محيطها الجغرافي الذي سيضيق عليها حريتها التجارية وتقدمها السريع في التربع على عرش العالم اقتصادياً ومن الواضح أن الصراع الأميركي الداخلي حول الدين القومي الأميركي يعكس وجهتي نظر هدفهما النهائي واحد، فالرئيس أوباما وحزبه الديمقراطي يبذل الجهود للمحافظة على سمعة الولايات المتحدة بتوفر القدرة على سداد التزاماتها المالية لشعبها وللدائنين الأجانب على السواء شريطة أن لا يكون ذلك على حساب خفض الانفاق المخصص للرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وغيرها من البرامج ذات الطبيعة الخدمية للمجتمع الأميركي والتي يرفضها الجمهوريون الذين يرون أن الحل يكمن بالذات على تقليص النفقات الاجتماعية ورفع الضرائب على المواطنين بينما أوباما وإدارته يعملان لفرض ضرائب عالية على الأغنياء والشركات الكبرى الاحتكارية التي جنت أرباحاً هائلة من خلال حروب بوش واستمرارها في عهد أوباما، وأوباما يفكر بذلك ليس حباً وحرصاً على مواطنيه الذين ضاقوا ذرعاً من كثرة الضرائب وتفشي البطالة والفقر بل لأنه يدرك أن مزيداً من سلب المواطنين مكتسباتهم الاجتماعية التي وعد بها وطبقها تفقده شعبيته نهائياً وتفوت عليه فرصة الفوز مرة أخرى بكرسي رئاسة البيت الأبيض وهو لا يفكر جدياً بتقليص الميزانية العسكرية الأميركية التي تقضم نحو أربعين في المئة من الانفاق العسكري العالمي وبلاده متورطة بحربين كبيرتين وأقحمت نفسها في العمليات العسكرية في ليبيا. إن استمرار عجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية في الداخل الأميركي وقد تضطر لإشهار إفلاسها وسيؤدي ذلك أيضاً إلى اضطرابات خطيرة في الاقتصاد العالمي وأكثر الدول تخوفاً من انزلاق الولايات المتحدة في عجز سداد الدين هي الصين التي تمتلك الحصة الأكبر من سندات الخزينة الأميركية والمقدرة بحوالي تريليون دولار وإذا ما فكرت الصين بحسب هذه السندات فإن القارب الأميركي سيغرق جارفاً معه الجمهوريين والديمقراطيين المتصارعين لاستغلال مشكلة الديون لمصالحه السياسية والانتخابية أكثر منها منافسة لإيجاد حل لها..!.
|