تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


واشنطن..الفوضى المزمنة بذريعة محاربة الإرهاب

متابعات سياسية
الاثنين 20-10-2014
منير الموسى

لا تأتي واشنطن بجديد عندما تصرح على الملأ أنها ستنفق على تدريب الإرهابيين - مهما كان توصيفها لهم - نصف مليار دولار سنوياً لقلب الدولة السورية، فهي لم تترك تكتيكاً إلا واستخدمته خلال السنوات الأربع الماضية.

جندت لهذه الغاية مستشارين عسكريين ومنظرين وعلماء نفس، ومفتين وهابيين تكفيريين، وخونة سوريين وأعضاء في تنظيمات سياسية مارقة، وجيشت وسائل إعلامية، ورؤساء دول ومشايخ نفطٍ ومنظمات إقليمية ودولية وتنظيمات إرهابية، وعملت على تجنيد المرتزقة، وفرضت العقوبات الاقتصادية، ولم تترك نوعاً من الأسلحة الفتاكة إلا وأغدقت به على الجماعات الإرهابية.‏

جعلت إرهابييها يرتكبون أبشع أنواع المجازر بحق السوريين العزّل في أبشع جرائم تمارسها إمبراطورية عبر التاريخ، جعلتهم يركنون السيارات المفخخة بالمئات وتفجيرها عن بعد لقتل السوريين وتدمير المنشآت الاقتصادية، واستهدفوا كل المناطق السورية بقذائف المورتر والصواريخ واستخدموا الكيميائي في خان العسل والغوطة.‏

لم تترك واشنطن اتهاماً إلا ووجهته للدولة السورية وحركت مجلس الأمن مراراً للحصول على قرار دولي للتدخل المباشر بناء على أكاذيب بالجملة وكانت قواعدها وأساطيلها دوماً على أهبة الاستعداد لضرب سورية، وداورت وناورت ثم أخفقت المرة تلو الأخرى.‏

فرضت واشنطن على ذيولها الخليجية أن تدفع رواتب كل الأشخاص الاستراتيجيين والإرهابيين وثمن السلاح والتكاليف اللوجستية وتكاليف تجنيد الإرهابيين من القاعدة وساهم الموساد الصهيوني بصناعة داعش بإشراف مباشر من السيناتور الأميركي جون ماكين، وقد تحملت السعودية وحدها 60% من التكاليف عبر أربع سنوات، في أكبر عملية لإهدار الثروات الوطنية لشعب الحجاز العربي، ولأهدافٍ تخدم العبث بأمن المنطقة، تنفيذاً لإملاءات أميركية.‏

تتظاهر واشنطن بمحاربة ذراعها الإرهابية الرئيسية داعش بقصف جوي لم يثبت أي فاعلية ضدها، فظلت إمكانات التنظيم الإرهابي على حالها وظل التمويل المالي المقدم له من الخليج مستمراً وكذلك التسهيلات اللوجستية من تركيا.‏

وبدأت لعبة خلط الأوراق.. فتارة يعترف ماكين بعلاقاته مع داعش، وتارة يقر بايدن بأن حلفاء بلاده في الخليج وتركيا يدعمون الإرهاب الداعشي في سورية، ثم يعتذر منهم عن إفشاء هذا السر، وتشترط تركيا للمشاركة في محاربة داعش إقامة منطقة عازلة شمال سورية ثم تخرج المدعوّة جينيفر بساكي من الخارجية الأميركية لتوبيخ تركيا وحثها على التوقف عن دعم داعش، ليصدر في اليوم التالي تصريح أميركي بأن تركيا وافقت على تدريب المسلحين «المعتدلين!‏

فما دامت الضربات الجوية ضد داعش لا تجدِي نفعاً، فما غايتها إذن؟ هل هي إقامة منطقة عازلة وجعلها أمراً واقعاً ومنطقة حظر جوي لمنع الجيش العربي السوري من استهداف التنظيمات الإرهابية في المناطق الشمالية كمرحلة أولى؟ ثم التمهيد لعدوان إرهابي بري ينطلق من هذه المنطقة العازلة بمشاركة عناصر من جيوش خليجية، وغربية، وتركية، مزودة بكل صنوف الأسلحة وتحمل رايات سوداء على أنها معارضة معتدلة؟‏

الفائدة المبدئية التي سيجنيها الحلف الغربي من إقامة منطقة عزل تنطلق منها أعمال العدوان، هي إيهام العالم بأن الجيش التركي على الحياد، كي تتجنب أنقرة الهجوم المعاكس من محور المقاومة على أراضيها، وسيبدو حلف الأطلسي مجرد متفرج يلّوح بالعمل بموجب الفصل الخامس الخاص بالدفاع الجماعي من ميثاقه لحماية تركيا.‏

هجوم داعش المكشوف على عين العرب يبرهن أن واشنطن لا تكافح الإرهاب، لأن جزءاً من القوّة المعتدية التي تحاول اقتحام المدينة وارتكاب المجازر فيها من الأتراك الذين يرفعون علم داعش، وعسكر خليجيون ومستشارون غربيون والباقون مرتزقة أجانب، والدبابات التركية على الحدود للإسناد والدعم.‏

السيناريو ذاته تريده واشنطن في الجولان، لوضع سورية بين فكي كماشة رداً على انتصارات الجيش العربي السوري المتسارعة على الإرهابيين على كامل الجغرافيا السورية، وفي تمثيلية هزلية إثر نشر مجلة فورين بوليسي لوثائق تكشف عن دعم قطر لجبهة النصرة المدرجة في قائمة الإرهاب الأميركية، وبخت واشنطن الدوحة على نمط توبيخها لأنقرة، بينما لم توبخ إسرائيل التي تدعم داعش والنصرة معاً.‏

وإذا أرادت واشنطن أن تحارب داعش والنصرة 30 سنة للقضاء عليهما مثلما أعلن وزير الدفاع السابق جون بانيتا، فهي كمن يحارب طواحين هواء. ولكن الأمر ليس كذلك لأن أول الفوائد التي جنتها من الضربات الجوية انتعاش أسهم شركات السلاح لديها لأن رواد ملاهي لندن وباريس من الأغبياء الذين تفوح منهم رائحة النفط، يدفعون ثمن الطلعات الجوية بأضعاف تكاليفها، ويبدو أن ساسة أميركا بدؤوا التعلم من دروس فيتنام ولبنان والصومال والعراق وأفغانستان بألا يرسلوا ولو جندياً أميركاً إلى أي معركة ما دام الحمقى في أوروبا والسفهاء في الخليج وتركيا والتكفيريون جاهزين للحلول مكان جنودها، وقد ضحكت واشنطن على الجنود البريطانيين والفرنسيين والأتراك في أفغانستان عندما كان الضباط الأميركيون يرسلونهم في مهمات خطرة وقذرة ليموتوا دون جنودها.‏

ولكن الفوضى المزمنة التي تريد واشنطن نشرها بزعم محاربة الإرهاب لتنهب ثروات المنطقة ستحرق كل الشرق الأوسط بما فيه مصالحها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية