تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين الاستشراق والاستغراب

رؤيـــــــــة
السبت 6-8-2011
أديب مخزوم

طرحت معظم التجارب الفنية التشكيلية السورية في المرحلة الذهبية لنهضة الفن في الخمسينيات والستينيات هواجس التمرد على الفنون التقليدية، وتمسكت بمبدأ العودة إلى التراث الفني،

وأكدت على أهمية الارتباط بإيقاعات الحداثة في حوارها المفتوح بحرية على حركة اللون والطبيعة والخلاصة الشعرية لعطر الأشكال والرموز القادمة من مؤثرات الجمالية الشرقية واللونية المحلية.‏

لقد عكس الفن في تلك المرحلة أجواء الاختبار التقني والجمالي المفتوح على كل الحضارات والأزمنة. وكان هاجس كل فنان البحث عن خط أسلوبي متواصل ضمن الفنون التعبيرية الحديثة بشكل عام. فالإلهام كان يأتي دائماً من تأمل تقنيات فنون العصر والتراث الشرقي الذي لايزال صافياً ومحافظاً على رونقه وجماله رغم كل محاولات الاستلاب والتشويه التي تعرض لها ولابد من القول إن الكثير من الفنانين جسدوا أيضاً سحر الشرق وأجواءه وأضواءه الساحرة المشرقة والمتوهجة في إطار الرسم الرومانسي والواقعي والانطباعي.‏

فالاهتمام كان يتركز على إبراز النواحي الذاتية في استخدام التقنيات الجديدة والمتداولة في سياق الوصول إلى جمالية مميزة، والإمساك بما يشبه الحركة الحيوية التصاعدية التي تؤكد الناحية الأسلوبية والشخصية الفنية المحلية، على اعتبار أن التجارب الفنية في مراحلها وتحولاتها وتنقلاتها المختلفة لا يمكن أن تتطور بمعزل عن الانفتاح على الفنون القديمة والحديثة معاً.‏

ولم تكن استعادة التقنيات المختلفة والأساليب المتنوعة في أعمال رواد الحداثة التشكيلية السورية، إلا اعترافاًبأهمية البحث والاختبار والتجريب الدائم في خطوات التفاعل مع الفنون العالمية الحديثة والمعاصرة، وبذلك عكست التجارب الفردية وحدتها في التعامل مع التراث رغم الفوارق والاختلاف في الهواجس أو في أساليب الحوار الدائم بين القديم والحديث وبين الشرق والغرب وبين الصمت والتفجير.‏

إلا أن مشكلة الفنانين السوريين والعرب الكبرى تبقى كامنة في طريقة تعاملهم مع مفردات الواقع وعناصر التراث، لأن استلهام الواقع والمفردات الحضارية لا يعني المراوحة في الإطار الذي حددته «مدرسة باريس»وإنما البحث عن نهضة جديدة ومغايرة لاتدور في فلك الاتجاهات الأوروبية، بل تجعل الأخيرة تدور في فلكها أو على الأقل تعمل على إيجاد نهضة تشكيلية مترقبة تدور في فلكها الخاص وتعمل على تجاوز الالتباس القائم في فنوننا بين الاستشراق والتمغرب، على اعتبار أن العديد من الفنانين العرب حاولوا أيضا إحياء أجواء الرسم الاستشراقي حين رسموا زهوة الانتصارات ووقائع الحروب ثم أخذت الأساليب الانطباعية والتعبيرية والتجريدية وغيرها تحتل واجهة الصدارة في اهتمامات الفنانين المحليين والعرب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية