تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خوان غريس الرسام التكعيبي الذي ظلت أعماله مغمورة

ثقافـــــــة
السبت 6-8-2011
ترجمة: سراب الأسمر

يعرض متحف بول فاليري دي سيت لوحات ورسومات استعادية للرسام الإسباني خوان غريس Juan Grzis (1887-1927).

في هذا المعرض نلاحظ بروز الجانب الجميل لسنوات 1910، حيث تظهر مشاركة الفنان في الفن التكعيبي بوضوح ويكثر التنويع في أسلوبه بين لوحة وأخرى من لوحاته الخمسين.‏

وبشكل خاص تلك التي تشبه محاولاته للتخلص من هذا التيار التكعيبي في سنوات 1920.‏

فها هي رسمة الرجل ذي الغليون وامرأة المعرفة والطبال حيث رسم تلك اللوحات بأسلوب لا قياسي مدهش، كان فناناً مذهلاً لكن غلبه مرض الربو باكراً واختطفه الموت وهو لايزال في الأربعين من عمره.‏

فلوحة الرجل ذو الغليون تشد انتباهك بشكلها المستطيل الذي تتوسطه لوحة مربعة أصغر حجماً بإطارها الخشبي المعتم المحفور والنظرة المائلة.‏

فالإطار المربع يشغل بمجمله رأس رجل شاب تطبق شفتاه على غليون، يفرق شعره من المنتصف ووجهه مقسوم إلى نصفين بفضل خط أنفه الفاصل حتى بداية ذقنه، عيناه زرقاوان والسماء خلفه أكثر وضوحاً.‏

هل كنا لننسب هذه اللوحة لـ خوان غريس لو أننا شاهدناها في مكان آخر غير هذا المعرض الاستعادي لـجوان؟‏

هذا غير مؤكد إذ تعود هذه اللوحة إلى العام 1925، حين كان غريس لا يزال يتمتع بصحة جيدة أي قبل عامين من قضاء مرض الربو عليه، في سن الأربعين تماماً.‏

وهذه اللوحة ليست بورتريهاً تمثل الفنان نفسه لكنها مجرد رسمة لوجه ابتكره، وجه شخص ينتظر أو مكتئب.‏

وإن ما يميز عمل غريس بشكل كبير في فنه التكعيبي هو استخدامه الزوايا والخطوط المائلة في الإطار الخشبي والخط الذي يقسم الوجه، بدءاً من عام 1911 أصبح أحد المحركين الأساسيين للفن التكعيبي وانضوى فيما بعد تحت لواء الفن الذي عمل به بابلو بيكاسو وجورج براك بدءاً من عام 1908 وكان من أساسيات عمله للطبيعة الصامتة، آلات موسيقية، أطباق الفاكهة، الزجاج ، الصخور، والزجاجات.‏

هذا الفن التكعيبي وما نشأ عنه في سنوات 1920 شكل بشكل طبيعي أساس فنه الاستعادي والذي تجلى في خمسين لوحة ورسمة.‏

لم يحظ بمعاملة مجاملة في المتاحف الفرنسية كما لم تحظ بذلك التكعيبية عموماً إذ لم يتم عرض أي أعمال تكعيبية كبيرة منذ سنوات ورغم ذلك تشدنا أعمال سنوات 1920، أولاً لأنها ليست معروفة جيداً ولأن الكتب التي تحدثت عن تاريخ الفن التكعيبي لم تأخذ هذه الأعمال باعتبارها، ولأنها لاحظتها أخيراً من خلال عمل جوان غريس بعد عام 1918.‏

وتحررت هذه الأعمال أخيراً لأن هذه الأجساد الأنثوية والذكورية تحررت من الخطوط التي طوقتها في مستويات مضلعة لتأخذ المساحة اللازمة لحجومها.‏

أكتاف، مرفق، أوراك تدفع بأطر اللوحة.‏

فالرؤوس تهجم نحو الأمام والنصف الأعلى من الجسم يتحدب ليخترق الفراغ حيث يمكن للوجه أن يكون.‏

ليست جميع اللوحات فاتنة فهي أقل فتنة من رسومات الطبيعة الصامتة التي رسمت في نفس الفترة الزمنية، ففي لوحات الطبيعة الصامتة أظهر غريس قدرته التحكيمية الكاملة.‏

ونلمس هذا من لوحات 1913-1914 التي يظهر فيها تقطيعاً ممتعاً وتنوعاً في المهارة أبداها غريس فظهر شريكاً أفضل لـبيكاسو، أكثر إبداعاً من براك في استخدام الألوان فلوحات عامي 1925و 1926 ذات نوعية مختلفة، تركيباً صافياً، تضاد في المستويات الأحادية اللون، تقارب مع التجريد وهذا على حد قول الرسام ومؤرخ الفن تيوفان دوسبيرغ.‏

وهذه الأعمال الكاملة ما هي إلا دلائل واضحة على الأسلوب وهي أفضل طريقة تم اتباعها في الوقت نفسه الذي رسم فيه عشرات الرسامين لكن بقواعد جامدة.‏

لم يكن غريس آخر من تخلى عن تلك القواعد. لكنه وبعد بيكاسو كان أحد الأوائل الذين قاوموا هذا التجديد الذي أصبح أكاديمياً.‏

كانت ردة فعل قاسية لأن محاربة (معاكسة) التاجر المعروف دانيال هينري كاهنويلاد الذي ادعى كتابة النظرية الفلسفية عن التكعيبية ردة فعل معرضة لأن تفهم بشكل خاطئ لأن أنصار (العودة إلى النظام) الوطني أي تقاليد (الواقعية) الفرنسية كانوا يحاولون تسجيله، هو المولود في مدريد، كانت ردة فعل مؤلمة لأن جوان بدا غير قوي ليشرحها بمفهومه.‏

من هذا المنطلق لم يظل سوى بعض اللوحات مثل لوحة الرجل صاحب الغليون.‏

عن اللوموند‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية