تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرهاب الاجتماعي... عائق في طريق النجاح

مجتمع
السبت 6-8-2011
منال السماك

اعتقد أن مشكلته فريدة من نوعها وأن لا حل لها، وأنه الوحيد من يعاني من ذاك الارتباك والتوتر والقلق، حدثني بمعاناته التي تنغص عليه حياته وتقف حائلاً بينه وبين النجاح،

رغم أنه شاب طموح بذل أقصى جهده للتفوق في دراسته، ويملك كماً لا بأس به من الثقافة والمعرفة، إلا أن الفشل حليفه في كل مرة يتقدم لأي وظيفة، وتكررت المحاولات ومعها يتكرر نفس الموقف عندما يواجه غرباء وجهاً لوجه ، فإنه يتلعثم ويرتبك وينسى كل الكلام، وتصبح ذاكرته صفحة بيضاء خالية.‏

ولم يقف الأمر عند حياته العملية، بل انعكس على علاقاته الشخصية، فكلما شعر بعاطفة قوية تجاه أي فتاة وأراد الارتباط بها، عوضاً عن إيجاد طريقة للتعبير عن مشاعره، فإنه يتخبط بتصرفاته وينتابه خجل شديد وارتباك واضح، وكلما حاول أن ينطق بكلمة للبوح بمشاعره انعقد لسانه وسال عرقه وتشنجت تعابيره، لذلك فإنه يفشل في الارتباط العاطفي مرة تلو الأخرى.‏

اضطراب نفسي له علاج‏

هو يدري أن لديه مشكلة، ولكنه يجهل أنه اضطراب نفسي وله علاج، فالرهاب الاجتماعي، حسبما يعرفه المتخصصون أنه خوف غير محدد مع توتر شديد وتوقعات تشاؤمية، وهو أيضاً الخوف من المواقف العامة، ورغم ان نسبة حدوث هذا المرض حسب عدد من الدراسات تتراوح بين 3-5٪ من عامة الناس، إلا أنه يعتقد أن هذه النسبة غير صحيحة، وأنها تزيد في مجتمعاتنا العربية عن النسبة المذكورة، بحيث تتضمن حالات بسيطة ومتوسطة، وفي مثل هذه الحالات، لا يذهب المريض للطبيب النفسي، ويظل يتألم كلما وضعته الظروف في موقف اجتماعي.‏

تجنب المواقف الاجتماعية‏

وبحسب المتخصصين فإن هذا المرض يتشابه مع مرض اضطراب الشخصية التجنبية، بحيث يتجنب الشخص المواقف الاجتماعية، ولما يحدث له من قلق وارتباك وقد يصاب بعض الناس العاديين بالتوتر والقلق والارتباك في وجود بعض الناس أو عند دخولهم على شخص مسؤول أو عند التحدث أمام جمع من الناس، ولكن تظل مجرد سمة أو سلوك ولكن سواء كانت هذه المشكلة محدودة أم شديدة، فإنها تعيق الكثيرين عن النجاح في حياتهم الاجتماعية والعملية، حتى إن بعضهم لا يستطيع أن يأكل أمام الآخرين لأن يده ترتجف.‏

د.كشيك: يعيق التواصل الاجتماعي‏

ولمشكلة الرهاب أثر في التواصل مع الآخرين، هذا ما أكدت عليه الدكتورة منى كشيك الاختصاصية التربوية في جامعة دمشق، حيث أشارت إلى أنها تؤثر بشكل كبير على آلية تواصل الفرد مع الآخرين، والأهم من ذلك تواصله مع ذاته، فالإنسان اجتماعي بطبعه، يحب تكوين العلاقات وبناء الصداقات والتواصل الفعال مع الآخرين، ومن الناحية الضرورية الحاجة للانتماء، ومن الفطرة أن يكون اجتماعياً، والفطرة السليمة ترفض الانطواء والانعزال، وترفض الانقطاع عن الآخرين، والفرد مهما كان انطوائياً يسعى لتكوين علاقات مع الآخرين، وإن كانت محدودة، ويصعب بل ويستحيل عليه الانكفاء على الذات والاستغناء عن الآخرين، ومشكلة الرهاب تؤثر على علاقات الفرد الاجتاعية لما تؤثر في التواصل والاتصال مع الآخرين، بشكل يؤدي إلى حدوث إعاقة في الاتصال.‏

من الضروري تأكيد الذات‏

وترى د. كشيك أنه من الضروري العمل على تأكيد الذات من خلال تدريب الفرد لنفسه باستمرار على التعبير عن نفسه بثقة ودون مبالغة، وأن يعبر مشاعره وآرائه، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، وعليه أن يدرب نفسه على تنمية قدرته على التعبير عن مشاعر الحب أو الاعجاب أو التقدير، وأيضاً عن مشاعر الرفض أو الغضب أو الكراهية تعبيراً لفظياً واضحاً ومباشراً.‏

حيث يؤدي اتباع هذا الأسلوب إلى الثقة بالنفس واحترام الذات، وهذا يؤدي إلى تغييرات تكمن في ادراك الفرد لذاته وادراك الآخرين له، وتحسين القدرة على التوافق الاجتماعي وعدم كبت المشاعر.‏

ولفتت ..كشيك إلى أن بعض المعالجين يتبعون مثل هذا الأسلوب بتدريب مرضاهم على كيفية أداء المواقف الاجتماعية المختلة، مثل كيف يتحدث الفرد مع رئيسه في العمل وكيف يعبر عن رأيه ومشاعره أمام الآخرين من ذوي السلطة والنفوذ، وتتعدد أساليب تأكيد الذات، فبعضها يعتمد على المهارات اللفظية وبعضها على المظهر والسلوك العام، من خلال المران وعدم الخوف من النقد الاجتماعي وعدم المبالغة في تأكيد الوجود والصدق في التعبير عن النفس.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية