تشن صنيعة الغرب في منطقتنا (إسرائيل) حرباً استخباراتية قذرة على طهران تستهدف علماءها النوويين في محاولة يائسة منها لعرقلة الجهود الإيرانية الرامية لامتلاك الطاقة النووية السلمية أسوة بالدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، بعد أن أيقن حكام تل أبيب أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية عسكرياً سيكلفهم مالا طاقة لهم به عدا كونه سيجر على كيانهم العدواني مالا تحمد عقباه.
فمنذ نحو سنة ونصف السنة تقريباً تمت تصفية واغتيال ثلاثة علماء إيرانيين هم العالم النووي محمد علي مسعودي والبروفيسوران في الفيزياء النووية مجيد شهرياري ودرويش رضائي، في حين كتبت النجاة للعالم والفيزيائي المتخصص بالليزر فريدون عباسي، وبينما كانت إسرائيل تلتزم الصمت حيال الاتهامات الإيرانية لها وللولايات المتحدة بالمسؤولية عن هذه الاغتيالات التي ينفذها مرتزقة مرتبطون بالموساد والـ سي آي إيه، أكدت مجلة دير شبيغل الألمانية عقب اغتيال رضائي على موقعها الإلكتروني الشهر الماضي نقلاً عن مصادر استخباراتية إسرائيلية أن اغتيال العالم الإيراني في طهران كان العملية العلنية الأولى لرئيس الموساد تمير باردو منذ تسلم منصبه بداية العام الجاري.
وقد نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية هذا النبأ معتبرة أن الموساد يقود حرب إسرائيل ضد البرنامج النووي الإيراني بذريعة منع طهران من تطوير أسلحة نووية، وأشارت دير شبيغل إلى أن رضائي كان آخر ضحايا الاغتيالات الغامضة التي ضحيتها علماء فيزياء بارزون في إيران منذ نحو عشرين شهراً.
ولفتت المجلة الألمانية نقلاً عن المصادر الإسرائيلية إلى أن هناك العديد من الضباط في القوات الجوية الإسرائيلية يضغطون باتجاه تنفيذ ضربات جوية على المنشآت النووية الإيرانية وهو مايعارضه الموساد على حد قول هذه المصادر، وأوضحت المصادر أن إمكانية شن هجمات إسرائيلية في المستقبل ضد مواقع نووية إيرانية تتوقف على قدرة المؤسسة العسكرية أو الموساد على حسم الصراع الداخلي الذي يدور بينهما حول هذه المسألة، مشيرة إلى أن الموساد سيظل يحصل على الميزانية الكبيرة طالما أنه يقود الحملة ضد البرنامج النووي الإيراني.
وبعيداً عن العدوانية الإسرائيلية التي لم تعد تحتاج إلى إثبات أو برهان والتي سبق لها أن استهدفت مفاعل تموز العراقي عام 1981 وقامت باغتيال مئات العلماء العراقيين خلال سنوات الاحتلال الأميركي لهذا البلد كان لافتاً أن العلماء الإيرانيين الذين تمت تصفيتهم بطريقة استخباراتية كانوا جميعاً مدرجين على لوائح العقوبات الأممية ضد إيران بذريعة إسهامهم بأدوار أساسية في البرنامج النووي الإيراني، وهذا مايعكس تماهياً واضحاً بين الاستهداف الغربي للطموحات النووية الإيرانية والاستهداف الإسرائيلي للعلماء الإيرانيين.
فهذه الحرب الإسرائيلية ضد العلماء الإيرانيين تأتي في خضم سلسلة من العقوبات الغربية ضد إيران لحرمانها من حق مشروع وهو الحصول على الطاقة النووية السلمية كجزء من حقوق الدول الموقعة على معاهدة منع الانتشار النووي التي تكفل للدول حق تخصيب اليورانيوم بهدف الحصول على الكهرباء والطاقة من أجل الاستفادة منها في المجالات الطبية، ولكن المؤسف حقاً هو الدور السلبي الذي تلعبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا والتي تحولت إلى أداة ساسية بيد بعض الدول الغربية لتنفيذ بعض أجنداتها الاستعمارية ضد الدول النامية، بحيث ساهمت بعض تقاريرها المنحازة والمسيسة بنقل ملف إيران النووي بهدف إخضاعه والتأثير على مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية وللمقاومة العربية ضد إسرائيل، ومن الجدير بالذكر أن البرنامج النووي الإيراني يعود بجذوره إلى سبعينيات القرن الماضي, حيث كان شاه إيران المخلوع يمثل شرطي الغرب في المنطقة بينما كانت إيران صديقة إسرائيل وحليفتها آنذاك.
وما يدل على تواطؤ الوكالة الدولية في اغتيال العلماء الإيرانيين، هو أن هذه الوكالة كانت قد أكدت ماتناقلته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن العالم النووي الإيراني درويش رضائي كان يعمل على تطوير المفاتيح الخاصة بتفجير القنابل النووية وهو ماجعله هدفاً دسماً للاستخبارات الإسرائيلية ولعملائها داخل إيران.
بطبيعة الحال يبدو أن الحرب الاستخباراتية الإسرائيلية التي باتت معلنة ضد إيران لن تتوقف مالم تصل إلى أهدافها الخبيثة، غير أن إيران تبدو أكثر تمسكاً بحقوق شعبها ومبادىء ثورتها في ظل هذه الضغوط وهذه الاستهدافات, وكما قال وزير خارجيتها علي أكبر صالحي في رده على جرائم الاغتيال التي تطول العلماء الإيرانيين: إن هذه الأعمال الإرهابية لن تنال من عزيمة الشعب الإيراني في تحقيق أهدافه النووية وأضاف مخاطباً الأعداء: عليكم أن تعلموا أن الشعب الإيراني سيواصل مسيرته بقوة.