ورمضان خطوة نحو التغيير لمن كان مفرطاً في سلوكه ولمن اعتاد الإسفاف في الكلام أن يغير ما في نفسه فلا يتكلم إلا بخير فالكلمة الطيبة صدقة وحفظ اللسان طريق لدخول الجنة والنجاة من النار، رمضان خطوة نحو التغيير لمن خاصم أحداً من الناس بأن يعفو ويصفح.. ولمن اعتاد الشح والبخل.. ولمن اعتاد الكذب أن يترك هذه العادة السيئة ويتحلى بالصدق.. ورمضان خطوة نحو التغيير لمن قطع رحمه أن يصلها، فصلة الرحم تزيد في الرزق وتطيل العمر، ومن وصلها وصله الله تعالى.
وحتى تقوم بالتغيير يجب عليك أن تواجه نفسك بأخطائها ولا تتنصل من تلك الأخطاء بأن تجد لها المبررات.. واعلم أنك لن تصلح من شأنك إلا إذا كنت عازماً ومصراً على التغيير للأفضل، فلتكن جاداً في تغيير نفسك من الآن ولا تؤجل ولا تسوف، ولا تقل من أين أبدأ ولا تقل من أين طريقي ولا تقل أين نعيمي ولا تقل في الغد أبدأ.. لتكن لك إرادة وعزيمة قوية في أن تغير نفسك للعلياء.
واعلم أن التغيير لابد أن يبدأ من أعماق نفسك. وإذا تهت عن الطريق فعد من جديد وافتح صفحة جديدة وناصعة في حياتك وجدد نيتك واعلم أنك إذا لم تنجح في تغيير نفسك في رمضان فإنك لن تقدر على التغيير.. بل أظنك لا تريد التغيير.. لذلك لابد أن يكون لك هدف واضح تريد الوصول إليه، تعيش من أجله وتجعله دائماً نصب عينيك ولاشك أن أعظم وأسمى هدف يسعى إليه الإنسان في هذا الشهر الفضيل وخاصة في ربوع وطننا ألا نأبه للخبثاء ونحبط ابتكاراتهم العبثية وألا نلتفت إلى الوراء لننعم بالطمأنينة والسكينة والأمان والاستقرار.
ونحن متفائلون بهذا الشهر الكريم لأنه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر كله هبات وعطايا ومنن من الحق تعالى، ينبغي علينا استغلال أوقاته فيما يعود علينا بالنفع العميم فلابد لنا في هذا الشهر الفضيل أن ندرك أن الله أراد أن يمتحن إيماننا ليعلم الصادق من غيره، فالله هو المطلع على ماتكنه الضمائر.. فكم ضيعنا من أعمارنا فكلما حسنت الأقوال ساءت الأعمال..
شهر فيه أجواء روحانية ونفوس مطمئنة ووجوه مبتسمة، شهر أيامه ولياليه معدودة.. ما أعظم دعوة الفقير حينما نمد له يد العون سواء بمال أم بطعام.. وما أعظم صلة الرحم حينما تتآلف القلوب وتصفو النفوس.
وعلينا ألا ننسى أن في كل عام نستقبل هذا الشهر لكن عندما يمضي فإنه يأخذ معه عاماً من حياتنا.. ومن هنا علينا أن نعي أهمية الوقت واستغلال كل جزء منه لعمل شيء له قيمة لنا ولمن بعدنا وإن الزمن هو الفرصة الكبرى التي يهبها الله للإنسان ليثبت أهليته في الحياة على الأرض.. فهناك من يستغل الفرصة، وهناك من تستغله الفرصة والظروف فتخطف أمام ناظريه زمناً ثميناً غادره كما دخل.. ولنجعل من شهر رمضان تقويماً نفسياً يرتفع في داخلنا كمنارة تشير إلى السفن أين تسير.. لتبقى سورية العظيمة منارة وشعلة مضاءة بسواعد أبنائها وتظل «سورية بخير».