الأسباب:
تتعدد أسباب سوء الامتصاص الرئيسية والتي تؤدي إلى خلل معمم في مخاطية الأمعاء الدقيقة، فقد يكون ناجماً عن إدخال مادة محسسة للأمعاء مثل إدخال مادة الغلوتين الموجودة في القمح والشعير والشيلم والتي تؤدي إلى تظاهر الداء الزلاقي بعمر إدخالها في الحمية الغذائية مابين 6 أشهر و24 شهراً ويتماثل الطفل للشفاء التام بعد سحب هذه المادة من الحمية الغذائية، ومن الأسباب الأخرى وجود خلل خلقي في مخاطية الأمعاء على مستوى الزغابات المعوية التي تقوم بعملية امتصاص المغذيات المهضومة أو الخمائر الهاضمة التي تفكك الطعام، ما يؤدي إلى بداية الإسهال في عمر مبكر، ومن الأدواء الأخرى الاعتلال المعوي المضيع للبروتين والذي يؤدي إلى خسارة البروتين بالخاصة، ولا تغيب عن البال الأسباب الإنتانية مثل الطفيليات وبعض الجراثيم التي تساهم في تخرب مخاطية الأمعاء وتعرض الطفل لسوء الامتصاص المعوي في حال تأخر الكشف عنها ومعالجتها، وأخيراً قد تساهم اضطرابات المناعة بالإصابة بأدواء سوء الامتصاص.
المتظاهرات السريرية
ترتبط التظاهرات السريرية بالعمر فكلما صغر عمر الطفل بدا المرض بصورته الوصفية أكثر، بسبب استهلاك الحريرات المأخوذة عبر الوارد الغذائي في كسب الطول والوزن، حيث يتبدى المرض وصفياً بإسهال كبير الحجم شاحب اللون وكريه الرائحة بالإضافة إلى نقص في الوزن رغم شهية الطفل الجيدة للطعام والوارد الغذائي المناسب لعمر الطفل، إلا أنه في بعض الأحيان قد يترافق المرض مع ضعف في الشهية وتطبل وتمدد في البطن.
أما في الأطفال الأكبر سناً فيتظاهر سوء الامتصاص بتأخر في النمو بالنسبة للأقران، وقد يكون المرض دون أعراض سريرية تكشفه التحاليل المخبرية.
كما ترتبط التظاهرات السريرية بنوع المادة التي يتعرض امتصاصها لخلل، فسوء امتصاص البروتينات يتسبب بتطور وذمات وضمور في العضلات، وسوء امتصاص الدسم ينتج عنه إسهال كبير الحجم شاحب ودهني، وسوء امتصاص السكريات يتسبب في إسهال مائي مع تطبل في البطن وحمامي إليوية وعدم تحمل الحليب أما سوء امتصاص الفيتامينات فيتظاهر بفقر دم وإصابة عصبية في عوز فيتامين الكوبولامين، وبفقر دم أيضاً في عوز حمض الفوليك، وبتشققات في الشفتين والتهاب في اللسان والمعدة ونهايات الجلد في عوز مجموعة الفيتامينات «ب»، أما خسارة الفيتامين «أ» فينتج عنه العشى الليلي وفرط التقرن، وتبدأ ملاحظة النزوف بعد ضياع الفيتامين «ك»، ومن المعروف أن خسارة الحديد تتسبب في فقر الدم والتهاب اللسان، أما عوز الكالسيوم والفيتامين «د» فيؤدي إلى نقص تمعدن العظام والكسور والتكزز.
وهكذا نرى أن تظاهرات أمراض سوء الامتصاص قد تساعد الطبيب في الكشف عن المرض والتنبؤ بالعلة، إلا أن متابعة البحث بإجراء التحاليل المخبرية والاستقصاءات المناسبة هي مفتاح آخر لتحديد نوع المرض، ولا ننسى أن اهتمام الأهل والمتابعة الدقيقة لطفلهم ومراجعة الطبيب في الوقت المناسب هي من أهم العوامل التي تساعد في إنقاذ الطفل من تبعات مرض خطير قد يؤدي إلى معاناة طويلة وتهديد لحياته، في حال إهماله.
الاختصاصية بأمراض الأطفال والرضع