هؤلاء المليارات السبعة جميعهم من أب وأم واحدين أقصد آدم وحواء، على ما جاء في الكتب، إذاً فهم ينتمون لأسرة واحدة، أي إخوة أو أبناء عمومة، وبحسب ما هو متعارف عليه، فالأم تطبخ وتعد المائدة للجميع، طبعاً هذا في البيوت التي لا يوجد فيها خادمات والخدم ذكوراً أم إناثاً هم ليسوا حالة جديدة في الأسرة البشرية التي تكونت من الأب الأول والأم الأولى، بل الخدم حالة موغلة في القدم الإنساني، لم تنجبه الظروف الموضوعية التي يتحدث عنها المثقفون. بل هو قدرات جسدية وعضلية جعلت بعض الإخوة في هذه الأسرة الكونية يستخدمون إخوتهم ويستعبدونهم ويقدمون لهم الفتات، ليستأثروا وحدهم بالمائدة العامرة بكل الأطاييب وسائر الملذات.
وللتخفيف عن مصاب أولئك المساكين، فقد اخترع لهم البعض مصطلحات مسكنة مثل: الصبر، القدر، الرضى، القبول، واقع الأمر، الحلم بغد أفضل، إضافة إلى مصطلحات تحفيزية مثل: فضل القيمة، الحتمية التاريخية، العدالة، المساواة، الاشتراكية، وأيضاً مصطلحات توصيفية مثل: الأخلاق، القيم، الفساد، الضمير، الخير، النوازع الإنسانية.
وكل تلك المصطلحات وآلاف المجلدات التي كتب عنها لم تطعم جائعاً، ولم تخفف ألماً لجوع.
وما زالت الأم الأولى - أي الطبيعة - تقدم خيراتها لكل أبنائها بحصص كافية ومتساوية لكن بعض الأبناء المتسلطين يتولون تلك الأرزاق فيستأثرون بالوافر والوفير، ويتركون الفتات للبعض، ويحرمون البعض الآخر حتى من هذا الفتات.
وعلى الجياع ألا يقلقوا، فالمنظمات الدولية التي تواصل اجتماعاتها في صالات أنيقة ومترفة قد اعترفت بأسى بالغ بتسعة وعشرين ألف طفل صومالي دون سن الخامسة من العمر، قتلهم الجوع خلال تسعين يوماً قبل بدء هذا الاجتماع، وأن اثني عشر مليوناً وأربعمئة ألف إنسان في القرن الإفريقي يهددهم الجوع بالموت.. ومازالت الاجتماعات قائمة للخروج بالتوصيات اللازمة للقضاء على هذا الجوع ومازال الجوع أقوى من كل تلك الاجتماعات وما ينتج عنها من توصيات ومازالت الطبيعة الأم تدر خيراتها على الجميع، وتقف عاجزة أمام تسلط الأبناء على الأبناء.