تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فنون ومهارات أدائية متألقة لكوادرنا الموسيقية..

ثقافة
الأثنين 27-8-2012
آنا عزيز الخضر

من عالم الموسيقا ومن عالم المسرح والحكايا وفنون أخرى، استعرض العرض الفني (بيتر والذئب) في دار الأوبرا بدمشق عوالمه الغنية، فأبدع في مفرداته الرائعة، حيث أطلعنا على حالة فنية استثمر عبرها كافة أنواع الفنون، فرأينا مشهدا إبداعيا بحق،

بعد أن جمع بين تفاصيله المهارات الفنية المتميزة بأداء خاص وتوليفة مدهشة، رغم أن قصتها مألوفة جدا، ويحتمل أن يفتقد العرض الفني التي يجسدها أي إبهار، لولا توليفة العرض الخاصة، والعمل عليها بآلية موسيقية تضمنت أبعاداً درامية جديدة، لم نعرفها كجمهور سوري، وقد تم عرض نفس القصة عبر احتفالية دمشق كعاصمة للثقافة العربية، وها هي تعاد اليوم، حيث خصوصيتها ولغتها الجديدة التي خاطبت بها جمهورها، حفظت لها مكانتها كعمل فني يتوجب تكراره، والعمل على إنتاج أمثاله بشكل دائم.‏

العرض عمل أوركسترا لي متفرد في آلية خطابه للجمهور، حيث اعتمد على آلات الاوركسترا المختلفة كالإيقاعي منها والوتري وغيره، ليس للعزف فقط، وإنما من أجل تجسيد الحكاية، التي كتبها (سيرجى بروكيفيف) على شكل سيناريويعًرف من خلال قصة بسيطة، بآلات الاوركسترا وطبيعة كل منها وطابعها، وذلك بعد تشابكها مع تلك القصة الحاملة للكثير من القيم التربوية والسلوكية الجميلة، والتي يحتاجها الإنسان دوما، لذلك تشكل انطلاقة متكررة، يتم الاعتماد عليها في الكثير من الأعمال الفنية، وهنا حملت أسلوبا وشكلا خدم العرض، عبر أوجهه كافة، حيث تعتبر القصة ذاتها من أشهر القصص العالمية، التي أخذت منحى مختلفاً هنا، فحققت حضورا له خصوصيته في اتجاهات فنية عدة، أولها الجانب الموسيقي ثم التعليمي و المسرحي، حيث شاركت الفرقة السيمنفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو (ميساك باكبودريان) في العزف وترجمة القصة عبر الأداء الموسيقي، ثم حضور الراوي الذي يحكي مراحل تلك القصة الشهيرة بطريقة ساهمت في إيحاء تصعيد أحداثها وخطواتها، إذ جسدت كل آلة موسيقية على حدا إحدى شخصيات الحكاية، ليتم التعريف بها، عبر الالتزام الدقيق بما يوازيها من صفات عامة يمكنها التعريف بها بحق، ومن ثم يأتي الانتقاء لشخصية من الحكاية، توازيها في تلك الصفات، فأدى ذلك بأن تختص كل آلة بشخصية على حدة، لتثبيت لونها الخاص وطبيعتها، وقد رسمت بدقة وفق تقنيات وتنويعات موسيقية تجسدها بالفعل، كأن يرمز للذئب بالهورن، والبطة بالابوا، والطبول للصيادين، وغيرها حيث حضرت شخصيات القصة عبر آلات الاوركسترا بدءا، من بيتر إلى الذئب إلى البطة والقطة والصيادين إلى الجد، وتم اختيار التقارب بعناية شديدة ليحقق العرض عالما مركبا وموفقا بنفس الوقت في مقارباته مابين الشخصية وطبيعتها وصفتها الغالبة وطبيعة تلك الآلة الموسيقي.‏

وقد تضمنت الأمسية جوانب فنية عديدة، أولا التعريف بالآلات الاوركسترا، ثم العزف الموسيقي بأداء متميز، أوصل كل مراحل وخطوات القصة، بشكل بديع، لذلك وان كان العرض موجها للأطفال إلا أن آليات التوليف الإبداعية لتلك العملية الفنية، التي ربطت بين كافة المعطيات المتشابكة والمختلفة، جعلت منه عالما يحمل الكثير من الإبداعات والمتعة الفنية، فهويقدم الآلات الموسيقية بأسلوب فني خاص، يغني الثقافة الموسيقية حتى للكبار، مقدما أجواء موسيقية تتابع، فتودع عند المتلقي حالات، تتقارب فيها الأحاسيس وتترافق، كي توحي بمهارتها بالأصول الموسيقية الأولى، حيث استشفها الإنسان وخلق هذا الإبداع، منطلقا من المشاعر الإنسانية، لان أصوات الآلات، اختيرت موحية بصفات الشخصيات التي جسدتها، ونجحت، وقد وضع كل عازف إشارة توحي بالشخصية، التي يرمز لها، وبرزت مهارات فنية خلاقة، أظهرت أبعاداً غنية وواسعة، يمكن للموسيقا تصويرها، والتحليق في عالمها، كي تبلور الإبداع من خلالها، ويعرف بالتالي جمهور العرض، بالثقافة الموسيقية عزفا وأداء وتلونا بالأدوات والمفردات الفنية، مبلورا علاقة الموسيقا بالإنسان من جهة، ومن جهة أخرى مذكرا بأن التلون الفني والشكل الفني المتجدد، يمنح الأفكار أبعادها المختلفة، خصوصا بحضور الإتقان، مثلما اظهر العازفون في ذاك العرض الفني، وقد ظهرت تقنيات مختلفة، أكدت موهبة كوادر موسيقية متمكنة، أوصلت الأفكار رغم أن الطرح قد يكون بسيطا، لكن تلون المعالجة الفنية وتنوعها، أكدت حضور الإبداعات الجديدة والمتطورة، وإمكاناتها الحقيقية في سورية في خلق التألق في كل الأشكال الفنية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية