ومن ثم الالتزام بالمحافظة على هذه الأرض كونها الأساس المادي للحياة والالتزام بمصير المجتمع والارتقاء بتنظيمه إلى أعلى المستويات، وبالتالي لا معنى للمواطنة خارج إطار المشاركة الفعلية وبفاعلية وكل يوم في إقرار تطوير النظام والتنظيم بما يلبي الحاجات المستقبلية المدروسة والمتوقعة، حول هذا الموضوع كانت لنا وقفة مع الباحث الاجتماعي بديع عطية الذي تحدث مطولاً في محاضرة له في إحدى المراكز الثقافية عن ممارسة المواطنة حيث أشار إلى أن ظاهرتها الأولى هي المبادرة الذاتية الواعية، بالتالي لا يمكن أن تكون التبعية من ظاهرات المواطنة السليمة لا من قبل المؤسسات ولا من الجماعات والأفراد وتجاه بعضهم، وبشكل خاص في الشأن الثقافي والشأن التربوي.
وأضاف أن ظاهرتها الثانية هي الاندماج في المجتمع والاندماج في المؤسسات، والفرد بطبيعة الحال ينتمي إلى المجتمع طبيعياً لا بالاختيار وكل فرد هو عضو في المجتمع وهو بالضرورة وبالحتمية عضو في الدولة، والدولة ليست الحكومة وسلطاتها، إنما الدولة هي المجتمع كلة بشكله المنظم، وهي المظهر الحقوقي السياسي للمجتمع والأفراد.
وأشارالباحث إلى أن الظاهرة الثالثة لممارسة المواطنة هي عموميتها على جميع الأفراد وعموميتها على جميع شؤون الحياة والظاهرة الرابعة هي التضحية في سبيل مصالح المجتمع وتقدمه على مستوى فهم الفرد لمواطنته التي يجب أن يرقى بالتربية أولاً وبالقانون وبالممارسة المتوازنة.
مضامينها
وعن مضامين المواطنة قال عطية: إنها نفسية وفي مرحلة الدولة والقانون هي حوافز داخلية وليست رضوخاً، وإلا لما ارتفع الظلم عن فرد أو جماعة في التاريخ، ولهذا إنها اجتماعية تفاعلية أيضاً وفي هذا الخصوص يقول المعري وهو من أهم المعبرين عن فعل الفكر السوري في العالم( والناس للناس خدام ولو جهلوا) لذا فخدمة الناس لبعضهم في المجتمع شأن طبيعي حتى عند أكثر الناس أنانية واستغلالاً من ركوب السرفيس إلى مشتريات الحاجات اليومية، إلى الصناعات على مختلف مستوياتها، إلى خياطة الثياب إلى التربية والتعليم، وبالتالي هي اقتصادية شمولية، ولا يمكن لبقال أو لصاحب السرفيس أو لبائع الخضار أو.....أن يختار زبائنه بموجب أي مقياس جزئي وإلا وقع في النهاية بالعوز والإفلاس.
والمواطنة أيضاً هي تقانية ونوجز ذلك بتصورنا لأم لا تعرف تقنية خدمة منزلها ورعاية أطفالها أو نتصور شاباً لا يتقن ارتداء ثيابه أو تناول طعامه وهلم جرا إلى أعلى السلم، إلى عضو مجلس شعب أمي يناقش في التشريع وصياغة القوانين لحياة الشعب كله .
فماذا نجد في هؤلاء؟ وأيضاً هي تربوية تصقل ممارستها بالقدوة والإفهام، وسياسية شاملة لحياة المجتمع والدولة، وخصوصاً في موضوع حق المشاركة في آلية اتخاذ القرار.
حقوقها
أوضح الباحث أن حقوق المواطنة هي حق الحياة الكريمة، حيث لا تبقى حماية الفرد لجوءاً إلى الحماية البدائية ولكن حماية بالقانون حماية ليست بقرابة الدم بل بالمؤسسات، وحق المشاركة في تقرير المصير العام، وهنا لا بد من شرح آلية هذه المشاركة ما بين الانتخاب وآلية صياغة القرارات، وهذا الحق في المشاركة في صياغة القرارات يجب أن يكون معلناً في الدستور وآلياته.