تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بعد ثلاثة عقود على تجربة الزراعات المحمية.. لماذا عجزنا عن إنتاج البذار محلياً واكتفينا باستيرادها

مراسلون
الخميس 11-8-2011
غانم محمد

عندما لم يكن أمام آبائنا وأجدادنا سوى الاعتماد على أنفسهم في العملية الزراعية نجحوا في استخلاص العبر من تجاربهم فكانوا يستخرجون البذار الجيدة الصالحة للزراعة يدوياً

لإعادة تدوير العملية الزراعية بشكل جيد وسليم وعرفوا كيف يعقّمون البذار لتبقى صالحة للزراعة من عام إلى آخر, لكن ومع الانفتاح على الاستيراد أصبح الاتكال سمة أساسية لدى المزارعين الذين يشترون البذار المستوردة بأسعار مرتفعة ولا يفكّرون بتوفيرها بأيديهم ووقفت الجهات الزراعية في سورية متفرجة معظم الأحيان مع بعض الاستثناءات القليلة ولمحاصيل معينة بحدّ ذاتها دون مبرر واضح لهذا الأمر!‏

تجربة الزراعة المحمية في سورية وتحديداً في محافظة طرطوس وبعد مضي حوالي ثلاثة عقود عليها توقعناها أن تعطي نتائج أفضل على صعيد البحث الزراعي فترافقها صناعات مكمّلة وضرورية ومكلفة بالوقت ذاته لكن هذا لم يحصل وبقيت البذار مستوردة والأدوية والمبيدات كذلك رغم عديد مراكز الأبحاث الزراعية ووجود كليات هندسة زراعية في جامعاتنا وعديد المهندسين الزراعيين الذين تحوّل معظمهم إلى تجار يبيعون في مراكزهم الزراعية ما يأتيهم استيراداً أو تهريباً..‏

جلنا على بعض المزارعين في سهل عكار الذين بدؤوا بزراعة بيوتهم البلاستيكية للموسم الجديد 2011-2012 أو يستعدون لذلك وناقشناهم في هذه التساؤلات فنقلوا أمنياتهم على شكل تساؤلات نعرّج عليها بعجالة...‏

هناك الكثير من الأمراض في تربة سهل عكار ولم نعثر بعد على الأدوية الوقائية وكلّ ما يمكننا فعله استخدام الأدوية العلاجية المستوردة أو المهربة ونعتمد على التجريب دون وجود ضمانات فعالية لهذه الأدوية .‏

بذار البندورة والخيار وهما المحصولان الأكثر انتشاراً في البيوت البلاستيكية مستوردة بالمجمل ويتحكّم التجار بأسعارها ولا توجد أي كفالة لها لا من حيث الإنبات ولا من حيث جودة إنتاجها ومع هذا أسعارها مرتفعة وقد يصل سعر البذرة الواحدة إلى (6) ليرات بالنسبة للبندورة وإلى (15) ليرة بالنسبة للخيار.‏

يتذكّر بعض الفلاحين تجربة المؤسسة العامة لإكثار البذار في بداية الثمانينات حيث بدأت بتجارب لإنتاج بعض البذار فأين هي الآن من المشهد؟‏

السؤال الأبرز هو: هل تفكّر أي جهة رسمية بإنتاج البذار اللازمة للزراعة المحمية بدل استيرادها بأسعار مرتفعة؟‏

المهندس غسان درويش مدير الزراعة في طرطوس فقال: طُرحت هذه القضية خلال لقاء السيد وزير الزراعة مع الكوادر الزراعية في محافظة طرطوس وقد عهد إلى مركز البحوث الزراعية ومؤسسة إكثار البذار هذا الأمر أما عن دور مديريته في هذه العملية فتقتصر كما قال على إجراء الاختبارات للبذار المستوردة من حيث نقاوتها ونسبة إنباتها ونتابعها حتى بعد زراعتها في البيوت البلاستيكية لنتأكد من مردوديتها وعطائها.‏

واتفق المهندس درويش معنا على أهمية أن ننتج هذه البذار محلياً وأن يكون هناك فريق بحث في هذا المجال قادر على إنتاج بذار بجودة وقيمة البذار المستوردة.‏

السيد إبراهيم شيحا مدير مركز البحوث الزراعية في طرطوس أكد أهمية هذا الموضوع ولكن وضع المركز خارج العلاقة مؤكداً أن السيد وزير الزراعة كلّف مؤسسة إكثار البذار بالتعامل مع هذا الموضوع ويفترض أن يكون الجواب عندهم ولكنه أعادنا بالذاكرة إلى التسعينيات عندما كانت مؤسسة إكثار البذار قد بدأت بإنتاج بذار الخيار ثم توقفت كما باشرت بإنتاج درنات البطاطا ثم توقفت، ولكن لا علاقة لنا بالموضوع وهو موضوع حيوي ويؤثر على العملية الإنتاجية في الزراعة.‏

وصلنا بتساؤلنا إلى مؤسسة إكثار البذار في طرطوس ووضعنا هذه التساؤلات أمام المهندس حيان عبد الله الذي قال: بداية وتعقيباً على ما طُلب منّا كمؤسسة خلال جولة السيد وزير الزراعة في محافظة طرطوس هو أن ندخل السوق كتاجر بحيث نستورد البذار ونبيعها بأسعار منافسة قد يجبر تجار السوق الخاصة على تخفيض أسعار مبيعهم لهذه البذار وقد باشرنا على الفور بالإجراءات التنفيذية ورفعنا للوزارة قبل أيام أسماء أكثر أنواع البذار استهلاكاً وجودة في البيوت البلاستيكية ليصار إلى استيرادها وبيعها بسعر التكلفة للأخوة المزارعين أما كمؤسسة فإنه لا يُسمح لنا بإنتاج البذار بل بإكثاره وتكاثره، والشركات المنتجة لهذه البذار لا تتخلى عن حقها الحصري بإنتاجه لأنه نتيجة سنوات طويلة من البحث والتجريب المعتمد على الهندسة الوراثية، ولكن وبدل أن يبقى استيراد هذه البذار محصوراً بشركات محدودة تتحكم بسعره فقد طُلب منّا استيراد قسم من هذا البذار لتحقيق المنافسة الإيجابية.‏

نعود للتأكيد على أن آبائنا كانوا يستخرجون بذار موسمهم التالي من موسمهم الحالي ولجميع أنواع المزروعات وكانوا يعرفون كيف يحافظون عليها ويعقمونها.‏

ونعلم أن الوصول إلى نوعية متطورة من البذار يحتاج إلى جهود وإمكانيات كبيرة وإلى باحثين ومراكز بحث ولكن من حقنا أن نسأل ماذا تفعل مراكز البحوث إن كانت لا تفكّر بمثل هذه الدراسات؟‏

علينا أن نبدأ المحاولة ولو أخذت بعض الوقت فنحن بلد زراعي والاعتماد على الاستيراد يكلف مزارعينا الشيء الكثير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية