تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من ظرفـاء دمشـق (7).. أحمد الجندي ورجا الشربجي

ساخرة
الخميس 11-8-2011
نصر الدين البحرة

في الحلقة الأولى من حديث «ظرفاء دمشق» بينا أن العرب هم من أقدم الأمم الظريفة الضاحكة، وأشرنا إلى عدد من الأدباء والظرفاء في تاريخنا مثل:

الجاحظ والهمذاني والتوحيدي وابن الجوزي وأبي نواس وبشار وأبي دلامة.. إلخ.‏

وقدمنا من ظرفاء دمشق: فخري البارودي، سعيد الجزائري، أبو سليمان الجيرودي، أبو درويش سويد، نجاة قصاب حسن، غسان الألشي.‏

موعدنا اليوم مع اثنين آخرين هما: أحمد الجندي ورجا الشربجي، وقد كان أحمد الجندي صديقاً عزيزاً، كانت لي معه لقاءات وجلسات كثيرة في مطارح مختلفة في دمشق ومتنزهاتها، وهو بالطبع الأديب الباحث الناقد المؤرخ، صاحب المؤلفات العديدة، والموسيقي العارف، وعازف العود الممتاز.‏

رجا .. سليل أسرة الظرف‏

أما رجا الشربجي - هو في الأصل رجاء - فقد كانت لقاءاتي به محدودة، وعرفته إعلامياً ممتازاً، لكن الظرف كان ألصق به، ويرى الأستاذ عبد الغني العطري في كتابه «دفاع عن الضحك»(1) أنه سليل أسرة الظرف والنكتة وخفة الروح.‏

ويستطرد الأستاذ العطري قائلاً:‏

- كان والد رجا، من عشاق النكتة ورواتها، ولذا فإن النكتة عاشت مع رجا ورافقته منذ نعومة أظفاره، مع الفنانين ورجال السياسة.‏

وكان زهرة المجالس وكوكب السهرات، تربطه بكبار الفنانين وعدد من رجال السياسة روابط صداقة ومودة(2).‏

وقد اعتقل رجا الشربجي في أيام الوحدة بين سورية ومصر، فسأله أحد ضباط المباحث بإلحاح: نريد أن نعرف هل أنت معنا أم ضدنا؟‏

حاول رجا أن يتملص من الجواب، لكن ضابط المباحث أصر على معرفة رأيه.‏

وهنا قال رجا:‏

- يا أخي أنا معكم.. وضد هالشعب كله.‏

يقول العطري: لم يستطع ضابط المباحث إلا أن يقهقه عالياً، وقد عرف أن السجين يسخر من موجة الاعتقالات الظالمة.‏

في عيادة الدكتور قباني‏

وكان رجا الشربجي يتردد كثيراً على عيادة الدكتور صبري القباني الذي كان يطلب إلى مرضاه نظراً لكثرتهم، أن يخلعوا ثيابهم سلفاً استعداداً للمعاينة، وذات يوم شاهد رجا هذا المنظر، والمرضى شبه عراة ينتظرون دورهم للمعاينة، فقال للدكتور قباني:‏

- إذا واحد عم توجعه عينه أو أذنه.. كمان لازم يشلح؟ وإذا إجى موزع البريد ومعه رسالة، كمان لازم يشلح؟!‏

أحمد الجندي‏

على الرغم من أن الأستاذ أحمد الجندي الشاعر والباحث والموسيقي والظريف هو من مواليد «سلمية» إلا أنه قضى معظم سنوات عمره في دمشق، ورافق أحداثها وسامر ظرفاءها، وكان كما يصفه الأستاذ العطري آية في الظرف وحضور البديهة والجواب اللاذع(3)، وكان بين أبنائه شاب يشبهه كثيراً في خفة ظله هو ابنه البكر ويدعى: حيان وقد عرفته بين طلابي في صف الشهادة الثانوية في ثانوية ابن الأثير عام 1971، وكان نهماً مثل والده الذي شكاه إلي يوماً قائلاً إن زوجته - زوج الأستاذ أحمد الدمشقية - أمضت نهارها وهي تعد أكلة «كبة» دعت أهلها لتناولها في اليوم التالي، وقد أودعت الصحون جميعاً في البراد. قال أحمد الجندي: استيقظ حيان جائعاً في الليل فالتهم «العزيمة» كلها.‏

وقد سأله أحدهم يوماً:‏

- يا أستاذ أحمد لو خففت طعامك قليلاً.. ألا يخف وزنك؟‏

فأجاب: والله لو أكلت هوا فقط لسمنت.‏

بينه وبين علي الجندي‏

وسئل يوماً عن صلة القربى بينه وبين علي الجندي، فقام بحركة امتعاض في وجهه وشفتيه، لأنه لم يكن متحمساً لمذهب علي في الشعر وقال:‏

- هو ابن أخي.. ولكن.. على مضض.‏

ويروي الأستاذ العطري(4) أن الظريف المعروف حسني تللو، دعي إلى الغداء لدى أحد أصدقائه. وفي المساء التقى بأحمد الجندي فراح يعدد ألوان اللحم الذي تناوله: كان الغداء عشرين كيلو من اللحم، وعشرين زوجاً من الكلاوي، وعشرين زوجاً من بيض الغنم، وعشرة كيلو.. كبدة، فقال له الأستاذ الجندي:‏

- الظاهر يا حسني.. كنت معزوماً بالمسلخ.‏

عن دعوة غسان الألشي‏

وعلق أحمد الجندي على دعوة للغداء أقامها غسان الألشي في بيته الصيفي في الزبداني، وقد قام المدعوون بتقاسم لوازم الدعوة، من مآكل وحلوى وفاكهة وآلات طرب، فقال: أنت يا غسان، مقدم البيت وبس.‏

الحواشي‏

1- دفاع عن الضحك - عبد الغني العطري - دار البشائر - دمشق 1993.‏

2- 3- 4- المرجع السابق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية