تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المؤتمر الرابع لمجمع اللغة العربية.. مشاركات عربية هامة .. وأبحاث متميزة

ثقافة
الثلاثاء 29/11/2005م
فادية مصارع

كثيرة هي الندوات والمؤتمرات التي تعقد لمعالجة قضايا اللغة, ومن ثم تصدر التوصيات والقرارات.. وهي سنة حميدة..

لكن إذا خرجت من حيز القول الى حيز الفعل, ومن الورق الى التطبيق, حتى لانضطر أن نتحسر ونندب لغتنا (والغتاه)..لأن المدية بلغت العظم, وما يبنى في كل دورة وما يخرج من قرارات لايلقى صوتاً ولاتطبيقاً.‏

هل ستكون هذه الدورة أفضل من سابقاتها? أم سيبقى العرب يتقبلون الأكذوبة أكثر من صنّاعها, ويعتبرون لغتهم عقيمة, لاتولد المصطلحات ويفتتون باللغات الأخرى?‏

تساؤلات كثيرة ومحاور عدة على درجة كبيرة من الأهمية طرحها المنتدون خلال المؤتمر الرابع لمجمع اللغة العربية بدمشق والذي كان عنوانه (اللغة والمجتمع) وقد تم اختياره لأن اللغة تبقى ظاهرة اجتماعية تتغير بتغير المجتمع, وتتقدم بتقدمه, وتتخلف بتخلفه.‏

سبل الارتقاء بمستوى اللغة‏

كيف نرتقي بلغتنا في المجتمع? سؤال طرحه د.صالح بلعيد رئيس قسم اللغة العربية بجامعة تيزي وزور الجزائرية. وخلص الى أن لمجامع اللغة العربية دوراً كبيراً, وكثرتها ليست بلوى كما يعتقد البعض, بل يجب أن تزداد ويكون في كل بلد عربي مجمع شرط عدم التشتت وذلك من أجل تجديد شباب اللغة لحالات تناسب العصر.‏

واقترح أن تكون مؤسسة واحدة مشرعة يعود اليها القول الفصل. وهذا برأيه هو السبيل الوحيد للتوحد. وذكر أن العربية تنتقل من طور الى طور يصدر عنه وينهض عليه, ومن هنا يطلب من وزارتي التربية والتعليم العالي والبحث العلمي أن تعملا في الاتجاه الذي يقره المجمع المشرع, ثم يأتي دور وزارتي الثقافة والإعلام لما لهما من أثر بالغ في إرهاف الحاسة اللغوية, وإذا ما أكدنا على ضرورة قيام تكتل إعلامي قوي, فإننا نبغي من ذلك مواجهة الزخم الإعلامي الغربي والتفاعل معه على أن تصدر التشريعات اللازمة لحماية هذه اللغة.‏

مشاريع قومية طموحة‏

وذكر د.بلعيد أن هناك مشاريع قومية طموحة مثل تأسيس المعهد العربي العالي للترجمة, الذي يعمل على تكوين مترجمين على مستوى عالٍ, باعتبار أن الترجمة مفتاح العلوم, ومشروع (الانترنت العربي) نرمي من خلاله تجسيد ذاكرة العرب وتخزين رصيدهم المعرفي في مختلف المجالات حيث يسترجعه المستعمل في أي وقت, وبأقل جهد وتكلفة وقد وصفه بمعجزة العصر /هذا أن تحقق/.‏

ظاهرة التغريب‏

أما الدكتورة وفاء فايد من جامعة القاهرة, فقد كانت ورقتها حول ظاهرة تغريب الاسماء التجارية في بعض عواصم المشرق العربي, وأثرها الخطير على لغتنا العربية, وميزت وبعد التغريب والتعريب الذي حدث في العربية منذ القدم وحينها لم تكن العربية تقترض الا ما تحتاج اليه من الكلمات الأجنبية, أما التغريب فيحدث بنقل الكلمة وكما تنطق في لغتها بحروف عربية, وبهذا تتاح الفرصة أمام الكلمات المغربة لتزاحم الكلمات العربية ومن خلال دراسة أجرتها وجدت أن أعلى نسب للتغريب في لبنان 100% يليها الكويت بنسبة 95% بلغت أعلى نسبة للتغريب في سورية 15,75% وهي أقل النسب العليا للتغريب في العواصم المدروسة, وأرجعت أسباب هذا التلوث الى عوامل عدة منها: عدم وضع قانون يمنع كتابة اللافتات الاجنبية بحروف عربية, وعدم وجود رقابة على المواد التي تتقدم للدعاية في الاعلانات التجارية في وسائل الإعلام, فالمعلن يدفع بما يحلو له, وما على وسيلة الإعلام إلا الخضوع لمشيئته. ورأت أن المشكلة اجتماعية وتحتاج الى تشريع, لأن نسيان الذات خطر كبير يحدق بنا, وتعميق الانتماء والولاء الوطني واجب قومي.‏

مسخ الكلمات‏

الدكتور عبد النبي اصطيف رئيس قسم اللغة العربية وآدابها(جامعة دمشق) رأى أن للغة سلطاناً, وأي سلطان, فثمة علامة وثيقة بين اللسان والسلطان. ومن هنا كان الاهتمام بلغة الاعلام بوصفها سلطة مدنية تدخل الى كل بيت دون استئذان, حتى باتت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الرفيق الملازم لانسان العصر الحديث ومن يتحكم بهذه الوسائل يمتلك القوة بالقدرة على التحكم بأفكار الناس وآرائهم في مختلف شؤون الحياة, لأنه يستطيع أن يشكل تفكيرهم ووعيهم بالأطر المرجعية التي تحكمها. وعلى هذا النحو فإن الإعلام الصهيوني يود أن يعزز هيمنة الكيان الصهيوني, فوسائل الاعلام الصهيوني تهدف الى تقويض الحق العربي, وإعلامنا هو اعلام متلق وغير صانع للخبر, مصادره غير عربية وهي وكالات الأنباء العالمية التي تصوغ الخبر بلغتها ومصطلحاتها وهنا تكمن عبودية الاخر في الاعلام العربي.‏

تحصين اللغة في فلسطين‏

إن اسرائيل تسعى ليل نهار الى احياء اللغة العبرية, وتتفاوض لتبني مستوطنة لغوية, كما تفاوضت على الأرض والموقع, الدكتور أحمد حسن الحامد رئيس مجمع اللغة العربية الفلسطيني أكد أن الشعب الفلسطيني بكل فئاته يدرك خطر العبرية وسياستها الاستيطانية, ويسعون جادين مخلصين لنصرة العربية, وحفظها من كل ما يلوث أصالتها ومن الوسائل التي تكفل نصرتها: المجلة, الصحافة, الاذاعة المرئية والمسموعة. وختم د. الحامد محاضرته بأن العربية ستبقى في فلسطين شامخة صلبة ولن تسمح للاستيطان اللغوي الدخيل أن يبني له حجراً في هذا الوطن.‏

هل العربية متحيزة ضد المرأة?‏

سؤال أجاب عليه الاستاذ الدكتور حسين محمد نصار من كلية الاداب جامعة القاهرة حين ذكر أن المجتمع العربي واجه في السنوات الأخيرة هجمة شرسة وكان ? للدهشة وصفها بالذكورية, أي أنها متحيزة ضد المرأة ويستدل الرماة بتمييزها بين المذكر والمؤنث ويجيب: هل حقاً ميزت العربية بين المذكر والمؤنث, لكنها لم تنفرد بهذا التمييز فالساميون القدامى كانوا يميزون بين الذكر والانثى, وكذلك اللغة العبرية, ولوحظ ذلك أيضاً في اللغات الهند أوربية.إذاً التفرقة لاتعد كونها لغوية, لاتنظر الى جنس, ولاتحمل تعصباً على هذا أو ذاك.‏

اللغة العربية وطرائق اكتسابها‏

الاستاذ الدكتور محمد حسين الطيان رئيس مقررات اللغة العربية بالجامعة المفتوحة الكويت: رمى بحثه الى معالجة ضعف اللغة معتمداً نظرية ابن خلدون في اكتساب اللغة والتي عدها ملكة صناعية ونظرية تشوسكي في القدرة الفطرية لتعلم اللغة. لكن حدد شروطاً لاكتسابها, من هذه الشروط: - تنشئة الطفل على سماع الفصيح, لأن فترة الخصوبة اللغوية لديه تنحصر في المدة الواقعة بين السنة الأولى والسادسة عشرة, الى حد جعل التربويين يفكرون بتلقين الطفل عدة لغات بآن واحد في هذه السن كما يجري في سدني واستراليا. ثم قراءة النصوص الفصيحة وحفظها وأولها القرآن الكريم, فالحديث النبوي لما فيه من عيون البلاغة والفصاحة, فنهج البلاغة للإمام علي كرم الله وجهه فهو مجمع من مجامع الفصاحة, وشدد على ضرورة تعلم مبادىء التجويد والتمرس به فمن لم يجود القرآن فلن تكتمل له أدوات الفصاحة, ولا يتوقف أمر الفصاحة على اللسان, وإنما يشاركه فيها القلم, فالقلم أحد اللسانين وهو أبقى أثراً. وبيّن د. الطيان أثر وسائل الاعلام في اكتساب الفصاحة, فقد أثبت البرنامج التلفازي المشهور (افتح يا سمسم) ذلك إذ كان له الأثر الناجع في لسان الأطفال, فالتفوا حوله على اختلاف لهجاتهم وأقطارهم ليفهوا كل كلمة فيه لأن استخدم اللغة العربية الفصيحة المأنوسة, فإذا كان الدافع الرغبة في الربح والتجارة فلم لا يكون الرغبة في نشر اللغة السليمة في كل صقع عربي? لمَ لا يجتمع الأمران فنخضع هذه البرامج لرقابة لغوية تنفي عنها أثر الركاكة والخطأ الشائع واللحن, وتكسوها ثوباً قشيباً من الفصاحة والبلاغة والبيان. واعتبر أن مثل هذا العمل واجب ديني وقومي ووطني, ينبغي أن يحظى بالقرار السياسي الحكيم, الذي يفرض هذه الرقابة اللغوية على كل ما تنتجه وسائل الاعلام ليصل نتاجها الى أبناء العربية بريئاً من كل ما يشوب اللغة من أوضار العجمة واللهجات المحكية.‏

مقبولية الألفاظ المستحدثة‏

د. قاسم سارة المستشار الاقليمي للاعلام الصحي في منظمة الصحة العالمية عدّ أن استحداث الألفاظ المعبرة عما يستجد من مفاهيم ومخترعات من أهم الأنشطة الابداعية التي تتطلب ممن يزاولها قدراً كبيراً من المهارات المعرفية, الى جانب سلامة الفطرة, وبراءة الطبع من التكلف وسعة الاطلاع والاعتدال في التعامل مع الأمور, وتلك أمور يصعب أن تصادف جملة واحدة عند الناس, وإن وجدت لدى أحد منهم احتاجوا لغيرهم لاستكمال ما يلزمهم من معارف, واحتاجوا لآخرين غيرهم لتوصيل ما ابتدعوه من ألفاظ الى من يحتاج إليها, بالوقت المناسب, وبالوسائل المناسبة, وقبل أن يهجم لفظ آخر يفتقد للرشاقة أو للصحة والدقة, ليغتصب الساحة الذهنية المخصصة للمفهوم ذاته في أذهان الناس ونحن في حاجة ماسة لمثل هذه الألفاظ المستحدثة لما يتسم به عصرنا من تطور متسارع في وسائل التواصل بين الناس.‏

وبين د. سارة أن كثيراً من الأمم والشعوب المولعة بالحفاظ على لغاتها وحمايتها من الانتهاك سبقتنا بإنشاء مراصد للألفاظ المستحدثة, يعنى كل منها بمراقبة ما استمد من ألفاظ خلال السنوات المنصرمة ويحددالخطوات التي يجب اتخاذها لمواجهة هذه الألفاظ.‏

إعادة الاعتبار للغة العربية‏

استجابة لما يتطلبه العصر ذهب أ.د. عبد الرحمن الحاج صالح أن إعادة الاعتبار في التعليم يكون بالتواصل الشفاهي الشامل أي ما يسمى (بالعامية الدارجة) مع إبقاء الأداء الآخر على ما هو عليه, وهذا برأيه يحتاج أن يصدر بشأنه قرار في المستوى العربي الدولي, ويعد العدة له في القطاع المعني بالتعليم وبين أن حركة الترجمة ضعيفة جداً في الوطن العربي لأسباب كثيرة منها عدم الدعم المادي والتقني لهذه الحركة, وفقدان التكوين في الترجمة في أكثر البلدان وقصد بالترجمة, ترجمة العلوم. فالتواصل الوثيق بين العربية واللغات الأجنبية هو ضروري ومفيد في عصرنا, والنقص في نظره هو في التكوين العلمي الذي يعتمد كله في جميع أشكاله على لغة واحدة. فالباحث الذي لا يستطيع أن يرجع الى مرجع أجنبي ولا يستطيع أن يرجع الى شبكة الانترنت يكون قد أغلق نفسه على جميع أبواب الترقي العلمي والتكنولوجي, وكذلك الأمر بالنسبة الى اللغة العربية فإن منعت أن تكون لغة التعليم للعلوم والتكنولوجية وأقصيت عن هذا الميدان فستزوي وتزول كلغة حية.‏

هوية المصطلح وثقافة التغيير‏

يبدو أن ما يعصف بأمتنا العربية, وما يتعرض له بلدنا من ضغوطات, امتد تأثيره على نفوس حتى المختصين باللغة العربية فأصبحت أبحاثهم تتناول هذا الجانب.‏

الأستاذ د. حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية في بحثه أراد أن تقوم حملة مركزة من قبل المفكرين والقادة السياسيين, توظف القوة الجبارة لثورة الاعلام والاتصالات والتقنيات ويدل عليه قناة (الحرة) التي ظهرت في عام 2003 فضلاً عن إذاعة /سوا/ فأمريكا تؤسس لهيمنة طويلة لثقافتها وفلسفتها تلبية لمصالحها الخاصة, وتطرق الى بعض المصطلحات والمفاهيم التي لبست زركشات العولمة وإغراءاتها وتسلحت بتضليل الصهيونية وخبثها ومنها مصطلح:‏

الإرهاب: والذي دلالته في العربية والاسلام تؤكد معنى ردع العدو أو الآخر المعتدي, من دون أن تحمل أي نمط من أنماط العنف أو القسوة أو الاعتداء. وقد شاع استعمال هذا المصطلح في الصحف ووسائل الاعلام والفضائيات, وفق مفهوم الدوائر الأمريكية, وهو يرى أن عملية تزييف المصطلحات والمفاهيم هي الارهاب الحقيقي الذي يقوم بقتل ثقافة الأمة, وقلب مفاهيمها لتصبح حاملاً اجتماعياً تابعاً..‏

(السلفية-الأصولية): فالسلفية التي استحضرتها الثقافة الغربية لاتنتمي الى الثقافة الاسلامية, لأنها لا تؤسس إلا التخلف والاستعباد للماضي. لذلك أريد للسلفية أن تصبح مرضاً نفسياً واجتماعياً فكرياً يلغي العقل والمنطق ويتبع فقط ما جاء به الآباء وتطبيقه على الأبناء.. ومن ثم على الحكومات محاربتها باعتبارها إرثاً كاملاً, فالسلفية في اللغة العربية والعقيدة الاسلامية بريئة من الدلالات التي تريدها ثقافة العولمة الأمريكية ومنها أيضاً الأصولية والشرق الأوسط والعالم العربي وانتهى د. جمعة الى أن هوية المصطلج جزء لا يتجزأ من هوية الانتماء لكل أمة, وهو رأس التغيير في عالم اليوم لأنه خلاصة اللغة والفكر والمشاعر على مختلف الصعد والمجالات.‏

لبنان القريب البعيد‏

على الرغم من قرب المسافة بيننا وبين لبنان الشقيق إلا أن المشاركة اللبنانية كانت غائبة!.. هل لعدم وجود مجمع للغة العربية هناك? أم أن موضوع اللغة العربية ليس ذا أهمية بالنسبة لهم.. بعد أن تبين لهم أن أعلى نسبة للتغريب سجلت لديهم ولا نستغرب هذا الأمر إذا علمنا أن بعض شعرائهم يكتبون الشعر باللغة الفرنسية.. وأن أحدهم نال جائزة لأجل ذلك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية