فكانت قضية متصلة بالأدب المقاومة، وخاصة عندما يترافق بالصوت والصورة وكاميرا المخرج ولقاء شخصيات قاومت المحتل، لقد ظهرت قضية احتلال الجولان والنزوح الكبير لأهله إثر العدوان الصهيوني وقصف القرى والبلدات والمواجهة بين جيش الاحتلال والجيش العربي السوري كخلفية للحدث الرئيسي في أفلام المخرج عبد اللطيف عبدالحميد (ليالي ابن آوى) و(رسائل شفهية) و(مايطلبه المستمعون) وحتى فيلمه الأخير (أيام الضجر) لم تغب عنه قضية الجبهة وتواجد الأب مع عائلته على خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني بحكم انتسابه إلى القوات المسلحة.
المخرج محمد ملص تناول الموضوع من زاوية أخرى بعد أن حقق فيلمين وثائقيين عن القنيطرة الأول عام 1974 بعنوان (قنيطرة 74) حيث تأتي الشخصية الوحيدة في الفيلم إلى القنيطرة لا لتتفرج على الدمار بل لتبحث عن ذاكرتها، والثاني (الذاكرة) يقول عنه ملص: حين صورت فيلم (القنيطرة 74) اكتشفت أن هناك امرأة لم تغادر القنيطرة أبداً أثناء الاحتلال ولذلك عدت إلى القنيطرة من جديد وحاولت أن أرى في ذاكرة تلك المرأة (وداد ناصيف) كم حرباً عشنا وكم كان العمر مليئاً بالرصاص ولكنها قررت البقاء، وحتى لم يكن لها إلا قططها العشرون تطعمهم وتبحث عن المفقود بينهم.
أما في فيلميه الروائيين (أحلام المدينة) و(الليل) فيدمج ملص السيرة الذاتية بالذاكرة، إذ ركز في الأول على معاناة النزوح عبر قصة أم تلجأ إلى بيت والدها في دمشق مع ولديها إثر وفاة زوجها ضمن فترة تمور بالأحداث (1954-1958).
وفي (الليل) يدخل إلى عمق الذاكرة حيث تتلاحق انكسارات جيله من نكبة عام 1948 إلى هزيمة 1967 واحتلال القنيطرة والجولان بيد المحتلين.
مخرج آخر كرس معظم أفلامه من أجل قضية الجولان هو غسان شميط منذ فيلمه الأول (شيء مايحترق) الذي كتبه الأديب وليد معماري وركز فيه على معاناة النازحين في تجمعاتهم وواقع الفقر والبؤس والظروف الاجتماعية القاهرة.
الأفلام الوثائقية وحكاية وطن
كما أنجزت مجموعة من الأفلام الوثائقية عن الجولان سنتعرض لبعضها.
رامي فرح قدم فيلماً بعنوان (صمت) يروي حكاية وطن يتحدى الظلم والاحتلال فيقدم شهادات طوت قرناً من الزمن عن علاقة الناس بالمكان كالأزقة وملاعب الطفولة والدكاكين والمدارس والضجيج والفرح والحزن والمروءة وصور التظاهرات والأسرى.
أما فيلم (عندنا في الجولان) للمخرج وسيم الصفدي وهو إنتاج مشترك للمخرج ولجامعة بواتيه الفرنسية فهو يتناول حياة وآفاق تطور فئات عدة من المجتمع الجولاني تحت الاحتلال، فهو يصور الأولاد الصغار يلعبون قرب مصائد الموت (حقول الألغام) المنتشرة بكثرة داخل وفي محيط قرى الجولان، إذ لاتتوفر من أجلهم أماكن أخرى للعب وقضاء أوقاتهم ويتحدث عن الأسرى السابقين في سجون الاحتلال الصهيوني الذين سجنوا لسنوات طويلة بسبب رفضهم الاحتلال ثم خرجوا من الأسر لكنهم بقوا ضمن السجن الكبير الذي هو الاحتلال، بالإضافة إلى مواضيع أخرى كخريجي الجامعات والإمكانيات المحدودة المتوفرة أمامهم.
وهناك فيلم المخرجة الشابة إيناس حقي (المعبر) الذي يتابع تعقيدات وشجون زيارة بعض أهالي الجولان المحتل إلى أهلهم في سورية.
ولا ننسى الشريط السينمائي الوثائقي للروائي والناقد صلاح دهني (زهرة الجولان).
ولاننسى كذلك فيلم (الجولان في عيونهم) وهو الموجه للأطفال وأهميته في بناء ذاكرة وطنية مقاومة للأجيال الصاعدة عندما يتحدث عن الجولان أرضاً وجغرافية وتراثاً، وهو من سيناريو بسام عمر، تصوير خضر الموسى.
أقول: لقد توحد السوريون جميعاً في العمل والعطاء والنضال من أجل عودة الجولان كاملاً إلى السيادة الوطنية في كلماتهم أو كاميراتهم ونضالهم بالقلم والسيف حتى تحقيق النصر.