وذهبت بعض وسائل الإعلام العالمية لطرحها أسماء دول قد تكون جاهزة لردم هذا الفراغ ، فقد أعلنت (الديلي تلغراف)نهاية العصر الأميركي في مقالة نشرتها مؤخراً.
و أكدت أن الولايات المتحدة التي وصلت إلى حافة الإفلاس وعدم القدرة على دفع رواتب القوات الموجودة في منطقة العمليات الحربية بأفغانستان واجهت واقعاً جيوسياسياً جديداً ، فقدت واشنطن إمكانية التحلي بصفة الشرطي العالمي ، وتقول إن قسماً ملموساً من النفقات بمبلغ 2،4 ترليون دولار التي تم الاتفاق على تقليصها ، يعود للميزانية العسكرية .
وتكتب (الديلي تلغراف)أن سحب القوات الأميركية المقرر من أفغانستان في الأغلب لأسباب مالية إضافة إلى السياسية والعسكرية.
وترى الصحيفة أن الوضع المتعلق بديون الدولة الأميركية أظهر ان البلد لم يعد قادراً على تحمل النفقات التي ترتبط بالحفاظ على صفته قائداً مطلقاً ، وتؤكد الصحيفة انه توجد على الدوام مع ذلك الدول التي بوسعها وجاهزة لملء الفراغ الذي ينشأ ، وعلى سبيل المثال : روسيا والصين ، اللتان ستكون لهما مكانتهما المؤثرة واعادة التوازن الدولي المفقود .
إن اقتراب الولايات المتحدة من الافلاس قاب قوسين أو ادنى وان الانهيار بات وشيكاً جداً ربما اسرع مما نتخيل وسنجد انفسنا امام هذا السقوط المفاجئ مثلما فوجئنا بانهيار الاتحاد السوفييتي فجأة، ومن العوامل التي تعتبر كمؤشر على انهيار الولايات المتحدة الأميركية كامبراطورية عظمى وأفول نجمها وعلى رأسها ارتفاع العجز في الميزانية الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة ، إذ إن عجز الميزانية الأميركية بلغ أكثر من 1350 ترليون دولار في عام 2010 ، وتوقع خبراء ان تتسبب موازنة عام 2011 بعجز ما يقارب 10 تريليونات دولار على مدى عشرة سنوات اضافة إلى ارتفاع العجز في الميزان التجاري بسبب زيادة نسبة الاستيراد وتراجع الصادرات الأميركية إلى الخارج ، ومن المؤشرات على الانهيار الوشيك ارتفاع الديون الأميركية العامة خلال السنوات العشر الماضية ، فقد طالبت الصين مؤخراً باتباع المنطق السليم في معالجة إدمانها على الديون ، أي إن الولايات المتحدة لا محالة في طريقها إلى الافلاس ، اضافة إلى التكلفة الباهظة للحربين في العراق وافغانستان والدعوة لدعم ميزانية الدفاع والحروب ومواصلة ما اصطلحوا على تسميته بالإرهاب والمساعدات التي تقدم وباستمرار إلى الكيان الصهيوني والتي انهكت الخزينة الأميركية ، اضافة إلى تدخلها السافر في كل انحاء العالم وزرع الفتن وانتهاجها سياسات الغطرسة والغرور والقوة والاستعلاء والاعتماد على حصار الدول وشن الحروب ، واستناداً إلى سجلات الكونغرس فإن الحرب تكلف الولايات المتحدة شهرياً 90 مليار دولار ، إلى جانب عوامل اخرى تتعلق بتراجع النمو وانخفاض معدلات الاستثمار ، كذلك اغلاق عشرات الآلاف من المصانع والشركات الأميركية وتسريح العاملين منها وتزايد معدلات الفقر ...وهو دليل على الإفلاس والانهيار الوشيك نتيجة لتعرضها لأكبر أزمة مديونية في تاريخها .
من خلال كل هذه الامور فإن تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بمجمله يمثل سلسلة من الاخطاء الفادحة والمدمرة ، بل سلسلة من الجرائم البشعة بحق الشعوب ، إن الظلم الذي لحق بالكثير من دول العالم جراء التصرف الامبريالي الأميركي واعلان الحروب وفرض العقوبات والحصار والعزل بحجة وأخرى ضد الدول التي لا تنصاع لأوامرها ولفلسفتها ولمنطقها ولإرادتها ، وإضافة إلى ذلك فإن تلك العدوانية ولدت الكراهية ومقتاً ورفضاً لكل وجود أميركي ، بحيث باتت الكراهية غير مقصورة على الشعوب التي ابتليت بهذا الوجود والعدوان ، بل إنها تشكل نسبة عالية لدى جميع سكان العالم.
واثبتت التجارب ان الاسباب الحقيقية التي تجعل الولايات المتحدة تندفع باتجاه خوض الحروب هو في مقدمتها تحقيق مصالحها الاقتصادية العالمية والتي بدأت بالانحسار وبالضعف ونهب ثروات الشعوب ، حيث تعتبر هذه الدولة كالوحش الذي لا يشبع ويريد احتكار كل الاسواق ،ورغبتهافي الحفاظ على تفوقها العسكري في العالم ، إن أميركا تريد فرض ارادتها السياسية ونموذجها ورؤيتها الاحادية لما يجري في العالم ولكل شؤون الدنيا في السياسة والاقتصاد وشطب الآخر رأياً وقولاً ، على الرغم من مواصلة سياستها الفاشلة هذه.
إن على أميركا الراغبة والمتلهفة في السيطرة المطلقة على العالم ان تتخلى عن المنظار الصهيوني الذي يحجب امكانية اتخاذ أي موقف متوازن أوموضوعي حيال الاوضاع في المنطقة ، ويجعل منها طرفاً منحازاً وبشكل اعمى لسياسة الكيان الصهيوني العنصرية والعدوانية والتوسعية ، ويعطل دورها ويسرع من سقوطها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً