وكان المراجعون وأصحاب الحاجات والزوار يستدلون على وجود رئيس البلدية إذا ما شاهدوا البغلة وهي على باب رئاسة البلدية مربوطة بواسطة اللجام إلى الحلقة الحديدية المثبتة إلى الواجهة الأمامية لمبنى دار البلدية، فيعرفون أن الرجل في مكتبه.
كانت تلك البغلة بيضاء اللون تبدو عليها آثار النعمة من صحة وافرة نتيجة الغذاء الصحي من مأكل ومشرب ونظافة ورعاية يقوم بها الخادم الموكل إليه هذا الأمر، وهو ما يعادل الآن سائق مارسيدس المسؤول.
وهذا هو الطبيعي والسائد لدى الحيوانات الأليفة أو المدجنة في كل بقاع الأرض، فقطة الأميرة هي أميرة القطط وكلب الثري يختال على أقرانه من كلاب العامة.
فالنخبة ذات الثراء والسلطان لايمكن مقارنة معيشة حيواناتهم الأليفة بمعيشة باقي الحيوانات ونقرأ بين الفينة والفينة الأخرى عن حيوان أليف من فرس أو كلب أو قطة أو طير أو طاووس في وهذا الحيوان يكلف صاحبه ما يفيض عن مصروف مجموعة من الأسر والعائلات.
ولعل ما يصرفه هؤلاء «البطرانين» على حيواناتهم المدللة يكفي للقضاء على المجاعة في الصومال.
في حين أن هذه الحيوانات المترفة لن تموت جوعاً إذا ما تركت وشأنها تسعى برزقها في أراضي الله الواسعة شأنها شأن جميع الكائنات الطليقة من البهائم.
لكنه الإنسان ياسبحان الله وقد نصب نفسه سيداً لكل ما تقع عليه عيناه في الأرض من أبناء جنسه وغير جنسه هو الذي يغوص حتى أذنيه فيما يفتعل من أزمات ليبدأ بعد ذلك بالصراخ طلباً لحل لتلك الأزمات التي هو سببها.
أتساءل أحياناً عن الحيوانات البرية التي تعيش في الغابات بعيدة عن تطفل الانسان رغم كدها وتعبها في الحصول على رزقها أو ليست بحريتها أكثر سعادة من كل أقرانها المدللة التي ترفل في النعيم والهناء وهي تخضع لنزوات وأوامر صاحبها سواء كانت في القطاع الخاص أي في المنزل أو المزرعة أم كانت في القطاع العام من سيرك أو حدائق حيوان؟!