فلقد ترعرعنا على مقولة شعبية شهيرة كانت الأساس لحياتنا, بأن الفتاة في مجتمعنا من (بيت أهلها ..إلى بيت زوجها ..إلى.......) مهما تعلمت أو كبر شأنها !!
لكن ... هناك حالات كثيرة تفقد فيها المرأة منزل زوجها لأسباب متعددة كالطلاق مثلاً وعندما تلجأ إلى أهلها قد لا تجد لها مكاناً بينهم وهنا لا يبقى لها سوى الاحتماء بعباءة القانون عله يمنحها الأمان,لتجد نفسها أمام متاهات من الأوراق و الثبوتيات و الشهود ما يجعلها تعيد التفكير مئة مرة و كما يقولون تضع ملحاً على الجرح و تصمت ؟
إن المرأة في مجتمعنا قطعت أشواطاً كبرى في مسيرة تحررها و استقلاليتها سواء في علمها أم عملها إلا أنها لا تزال مهددة بعدم الاستقرار.
لماذا لا نزال نفتقد لقوانين تمنح المرأة اليوم الشعور بالأمان؟ وما السبيل لتحقيق ذلك ؟
كل ذلك خضت في غماره خلال مناقشتي مع المحامي الأستاذ محمد صبرا الذي أكد أن ما نعاني منه في مجمل القوانين هو أننا لا نمتلك فلسفة التشريع القانوني الموحد ,وهذا يعني أن نمتلك رؤية أخلاقية دينية فلسفية ثقافية عن المجتمع ,وبذلك تكون القوانين نتيجة هذه الرؤية و لا يجوز أن تكون القوانين في حالة انفصال عن المجتمع .
ففي ما يتعلق بحقوق المرأة يمكن أن نصدر مجموعة من القوانين تعطي المرأة حقوقاً كثيرة و لكن بالنتيجة هذا لا ينعكس على أرض الواقع و السبب أن هذه القوانين غير منبثقة عن رؤية المجتمع ولا تعبر عن التطور الطبيعي للمجتمع ,فهناك مجموعة من الاتفاقيات التي انضممنا إليها منها إعلان بكين و مجموعة اتفاقيات في الأمم المتحدة حول عدم التمييز بين الرجل و المرأة لم تغير من الواقع ,فالقانون يأتي انعكاساً للواقع ويساهم بتطويره ,لا أن يصبح القانون واقعاً افتراضياً وذلك نتيجة انفصال النص القانوني عن الواقع المعاش الذي تعاني منه المرأة ,وتبقى هنا المشكلة في عدم وجود ناظم واحد للقوانين السورية .
{ تقصير كبير !! »
رغم اقتحام المرأة ميادين الحياة إلا أنها لا تزال في مرحلة الجهل بالنسبة للقوانين التي تتعلق في تنظيم حياتها وهذا يتعلق بمسألة التوعية التي تتحمل مسؤوليتها الاتحادات و الروابط النسائية .
و أشار الأستاذ صبرا إلى أن جميع الاتفاقيات الموقعة لم تظهر إعلامياً ,و أضاف:إن نصف النساء في مجتمعنا يترددن في طلب الطلاق لخوفهن مما يسمى (ببيت الطاعة ) رغم عدم وجوده في القانون السوري ,وهذا سببه وجود تقصير كبير من المؤسسات المعنية سواء الإعلام ..أم الاتحاد النسائي.. أم نقابة المحامين .. وزارة العدل . أم وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل.
فنحن لدينا تقصير هائل جداً بشق المنظومة القانونية التي تسير من خلالها حياة المرأة ,فإلى الآن لا تعرف المرأة أنها تستطيع حق التملك أو أن من حقها أن تحتفظ بأموالها الخاصة عن الزوج فنحن نقدم مجموعة من القوانين و نوقع اتفاقيات لتوضع في الأدراج و السبب هو عدم ترويجها إعلامياً .
« ما يمنحها .. الأمان ! »
وذلك من خلال مقترحات قدمها الأستاذ صبرا أهمها وجود محكمة العائلة و التي لابد أن تكون على ارتباط وثيق مع وضع الزوجين ,و أن تحاول إدخال مفاهيم أخرى غير مفهوم الصدام بين الزوجين في المحاكم ,أي الدخول في المجال الإصلاحي من خلال احتواء هذه المحكمة على المرشد الاجتماعي و مختص بعلم النفس و مختص بالتربية و رجل دين إلى جانب القاضي هدفهم الإصلاح بين الزوجين و مساعدتهم على الاستمرار ,وعندما تكون هناك قناعة من الزوجين بعد هذا البحث النفسي و التربوي و الاجتماعي بعدم قدرتهم على الاستمرار تتم عملية الانفصال بشكل هادئ و منضبط بحيث أن كل واحد منهما يعرف الحقوق التي له و التي عليه .
وأشار أيضاً إلى ما يسمى بالنظام المالي المشترك رغم أنه رأى أن تطبيقه قد يخلق حالة تصادم مع عقلية المجتمع الذي سوف يرى فيه مصدر قوة للمرأة بمسألة التهديد بالطلاق باعتبار أن لها نصف الأموال.
ورأى أن الحل الأمثل هنا أن نترك مجالاً للناس بأن يختار و بعد أن يصبح الاختيار بشكل أوسع يتم تنظيمه تشريعياً بشكل ملزم للجميع ضمن ما يسمى بالشروط الخاصة بالزواج والتي يحق للمرأة فيها أن تشترط ما تشاء بما لا يخالف الثوابت الدينية .
فلا تزال المرأة ونحن في القرن الحادي و العشرين الطرف الأضعف في أي معادلة بانتظار أن تصبح تلك الرؤى المقدمة هي عباءة الأمان لها .