فالسينما عبر تاريخها الطويل كانت ومازالت تقوم بدور بارز ولافت في إيصال الرسالة التي تريدها حيث المرمى والهدف، ربما في إيصال تراث المجتمعات أو أشكال الفنون أوكيفية انعكاس القضايا وفق رؤية صناعة السينما وصناعها من أكبر قامة إلى أصغرها، وبالتالي غالباً ماتجعل السينما في حرفيتها من المرء جزءاً من الحدث أو لصيقاً به وفي قلبه في أوقات كثيرة.
وفي حالتنا السورية فقد رصدت السينما الوطنية حيزاً لابأس به من طرح القضايا العامة، ومن أبرزها دائرة القضايا الاجتماعية مع تلميحات متواضعة وإشارات بسيطة أو أعمال قليلة لبعض الحالات السياسية والتي أحوج ماتلحظ إسقاطاتها اليوم وفي مختلف الاتجاهات... ففي فيلم الحدود الذي عالج حالة الانقسام العربي وخطر التجزئة في جسم الأمة والانعكاسات السلبية المادية والمعنوية يكاد يكون حاضراً بقوة اليوم رغم مرور عدة سنوات لابأس بها على انجازه وعرضه، وإذا ماتوقفنا قليلاً عند بعض أحداثه نجد أن أحلام المستعمر الغربي الذي يحاول إيقاظ غرائزه وشهوته تجاه خيرات ومقدرات بلادنا تسلك اليوم سبلاً وطرقاً شتى لتحقيق هذا الحلم القديم الحديث وكان ذلك المواطن الفقير ( الذي جسد شخصيته الفنان دريد لحام الذي كان يعيش على طرفي الحدود وما أدراك ما الحدود ؟!
هذا الموقع المزري لأمتنا التي تشهد سايكس بيكو جديداً ووعد بلفور جديداً واستعماراً عثمانياً جديداً يحلم أن يعود ، هذا الموقع المزري هل يكفيه فيلم أوحتى ثلاثة أفلام أوأكثر، خاصة مع ماتشهده حركة التطور الدرامي المتصاعد التي تشهدها سورية، ألم تستأهل حالة الأمة التي يعود تاريخها وحضارتها إلى آلاف السنين أن يكون لديها مجموعة من الأفلام ذات اللون الخاص والمعنى والمغزى الخاص في معالجة مختلف الزوايا التي تعاني منها الأمة العربية بشـــكل عـــام وسورية على وجه التحديد التي كانت ومازالت وستبقى المحور الحقيقي لقلب هذا الشرق ومحركه؟؟!!
صحيح أبرزت بعض أفلام السينما الوطنية أهمية المعارك التي خاضتها سورية منذ الاستقلال ولغاية اليوم، ولكن هذه الأفلام على أهميتها وأبعادها الوطنية وقيمتها الوجدانية والإنسانية والاجتماعيةوالحضارية، إلاأن المطلوب بل الواجب من الجميع ومن المؤسسة العامة للسينما خصوصاً وكل من يعمل في كنفها من كتاب ومخرجين، ومصورين، وممثلين أن يكون إنجاز هذه المؤسسة فيما نأمل ونريد فيما يخص الأعمال أو التفاعلات التي تشهدها المنطقة أن ترصد لاحقاً وبأكثر من اتجاه أفلاماً سينمائية ضمن إمكاناتها وقدراتها وهي قادرة على ذلك، وثقتنا كبيرة بهذا الشأن.
وذلك إلى جانب ماقامت به وركزت عليه من رصد لواقع الريف بدءاً من رسائل شفهية وليالي ابن آوى، قمران وزيتونة، حادثة النصف متر... شمس في يوم غائم، كومبارس... وغيرها من الأسماء الأخرى، وهذه جميعها مهمة بالتأكيد وقد أدت أكثر من غرض وهدف...
فاليوم هناك قضايا جديدة وحديثة تهم وتمس كل فرد منا بكل المقاييس مع ضرورة تصوير الإيجابيات والسلبيات، وليس السلبيات فقط في الوطن حين يئن يجب أن تستنفر جميع القوى لإبراز قواه بالوجوه المختلفة، فمن تمتد حضارته كما أسلفنا آنفاً لآلاف السنين ويمتلك كل هذا الطيف الجميل من اللون البشري، وهذه الخصوصية الفريدة لهذا الشعب والوطن يستحق من كل أصحاب العزائم والقلوب الصادقة والمعطاءة والوفية، والمخلصة لتراب هذا الوطن وسمائه وبره وبحره، إبراز هويته الحقيقية فالنوايا الحسنة لاتكفي، والأماني والرغبات يجب أن تقترن بالقول والفعل، فهل آن الأوان لنتحدث بشيء من العشق والهيام وحتى الثمالة عن أيقونة الشرق «سورية»، خصوصيتها، هويتها، رجالاتها،قادتها،خيراتها قدراتها ومقدراتها.
كلنا أمل بالمؤسسة العامة للسينما فلها الوزن الثقيل والقيم في آفاق الخط الوطني العام بكل مفرداته...