يقول عبيد: تم تشكيل لجنة للإصلاح الاقتصادي لدراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي في سورية ووضع المقترحات المناسبة حولها من خلال استقراء الواقع وتطبيق الخطط الخمسية السابقة وخاصة الخطة الخمسية العاشرة ومدى سلامة الخطة الخمسية الحادية عشرة في معالجة الواقع وما حققت الخمسية العاشرة للاقتصاد والمجتمع وما كان صائباً أو منحرفاً منها أو عن توجهات مقررات القيادة في التوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي خاصة وأنه مع بداية العام الجاري تم مناقشة الخطة الخمسية الحادية عشرة التي حملت في مضمونها ومحتوياتها توجهات وأولويات تم وضعها في سبعة فصول تناولت كافة مناحي الحياة استجابة لحاجات يمر بها الاقتصاد الوطني بدءاً من الإصلاح الإداري والمؤسساتي إلى الاقتصاد الكلي إلى القطاعات الاقتصادية والتنمية البشرية والمتوازنة والبيئة وإدارة الكوارث ونظم الرصد والتقييم وأن تحقيق أهداف هذه الخطة يحتاج إلى تحقيق معدل نمو لا يقل 5.5٪ على مدى سنوات الخطة.
لكن المشكلة أنه عند طرح الخطة على الحكومة السابقة لإقرارها تم التوقف عند تكاليفها المقدرة بـ 4000 مليار ليرة والتي اصطدمت بالعجز في تأمين مبلغ الخطة وأن الحكومة حسب رأي هيئة التخطيط والتعاون الدولي لا تستطيع بأقصى حالاتها تأمين أكثر من نصف المبلغ فقط؟؟ وهذا يعني البحث والتوجه نحو مصادر أخرى لتنفيذ الخطة.
وأشار عبيد بأنه من المفترض (إن لم تكن هيئة التخطيط هي من تقوم بوضع الخطط دون العودة لرأي الوزارات، فتضع الهيئة الخطة ويقرها مجلس الوزراء وتعمل الوزارات على تنفيذها) وهذا يترتب على الهيئة ومجلس الوزراء تحمل المسؤولية تجاه تأمين مبلغ الخطة بغض النظر عن رأينا في هذا الشأن أو أن تكون هذه الخطة هي محصلة لمجموع خطط وضعتها الوزارات وأعتقد أن هذا المنحى هو الصحيح، بمعنى أن كل وزارة تضع خطتها الخمسية وبرامجها وفقاً لرؤيتها وتطلعاتها وإمكاناتها في تطوير آلية عملها آخذة بعين الاعتبار جميع الانحرافات والمخاطر والمعوقات التي قد تحول دون تنفيذ هذه الخطط وما يضمن نجاحها، وبالتالي فكل وزارة معنية يتحمل مسؤولية تنفيذ ما وضعته لخطتها الخمسية وما حددت لتنفيذه بشكل سنوي وفق إمكاناتها، وإلا فهذا يعني عدم قدرة أو عجز في إمكانية وضع السياسات والخطط الاستراتيجية والتحقق من إنجاحها بالشكل المطلوب من قبل القائمين على وضع هذه الخطط والسياسات.
ولعل ما يثبت ذلك هو أن جميع الخطط الخمسية التي وضعتها الحكومات السابقة أخفقت في إنجاز خططها الاستراتيجية بالشكل الأمثل نتيجة عدم وجود قائمين على المتابعة والرقابة وتقييم الأداء بشكل مستمر لدى الوزارات والمؤسسات المعنية بالخطط للوقوف على الواقع التنفيذي لهذه الخطط ومتابعة إنجازها ومعالجة المعوقات التي تمنع أو تعترض تنفيذها ومحاسبة المقصرين فيها وهذا ما اعترفت به هيئة التخطيط والتعاون الدولي في معرض طرحها للخطة الخمسية الحادية عشرمعترفة بعدم وجود هيئات متابعة ورقابة وتقييم للأداء بشكل دوري وهي بصدد السعي للتعاقد مع جهات لإجراء عملية المتابعة والتقييم نظراً لافتقار الحكومة لعناصر التقييم والمتابعة.
وحول الإصلاح الإداري يرى عبيد أن فتح ملف الإصلاح الإداري مرة أخرى وبكل مفاصل الحكومة يعد مدخلاً للإصلاح ومكافحة الفساد حيث وضعت اللجنة ستة محاور تبدأ بإصلاح وتحديث هيكلة الإدارة الحكومية - تحسين العلاقة الحكومية مع متلقى الخدمة - إدارة الإنفاق العام ومراجعة السياسات العامة بهدف الهيكلة - تحسين إدارة الموارد البشرية ورفع الكفاءة المهنية وإحداث هيئة للموارد البشرية - قيم النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد وتعزيز دولة القانون ونظام الإقرار بالذمة المالية، إلا أن هذا الإصلاح أيضاً قد وجد عائقاً له كما هي العادة تمثلت له هذه المرة بالتمويل اللازم لهذه العملية، وبغض النظر عن المعوقات التي تحول دون تطبيق الإصلاح يبقى أن السؤال:
في حال عزمت الحكومة على تجاوز المعوقات فهل سيتم تحديد مدة زمنية للإصلاح؟ ومن هي الجهة التي تتولى عملية الإصلاح؟
وهل هي الجهة نفسها التي انتشر فيها الفساد وتفشى وهل سيفتح المجال للقادرين على المشاركة في عملية الإصلاح أن يسهموا في عملية الإصلاح؟
وهل هي العقلية ذاتها التي ركبت موجة الإصلاح سابقاً ولم تفلح ولم تنجح منذ سنوات بتنفيذ شعار الإصلاح لتعارضه مع مصالحها وقناعاتها والاستفادة من هذه أوضاع؟
هل هناك فعلاً إرادة جاهزة وقادرة على التغيير في تفكير الجسم الحكومي حتى يتم العمل على إدارة التغيير بشكل صحيح وفعال؟
وختم عبيد: لقد بات الإصلاح حاجة وضرورة بالتزامن مع الإصلاح السياسي القائم في سورية ولعل من أجل انجاح عمل الحكومة لابد من البدء بتنفيذ الإصلاح لتحسين مستوى الأداء وتقييمه بالشكل الأفضل ومن الطبيعي ان يكون هناك متضررين من الإصلاح وهناك جهود فاسدة مقابل جهود إصلاحية جادة يهمها مصلحة الوطن وسلامته لذا لابد من البدء في تنفيذ عملية الإصلاح بشكل جدي وفوري وبشكل عملي وملموس بالتزامن مع ما يتعلق بمعالجة المتطلبات التي تلامس حاجات المجتمع وحياتهم المعيشية اليومية بشكل فوري ومحاولة سد الفجوة بين الحكومة والمواطن والتفاوت الكبير بين طبقات المجتمع فالفقر والبطالة هي البؤرة التي تتوالد فيها مشاعر الغضب والإحباط وتضع المجتمع أمام مختلف الاحتمالات التي قد تعيق تقدمه.