والذئب بالشراسة، والنملة بالعمل الدؤوب، والغزال بالرشاقة، والفيل بالضخامة، ولا يوجد على وجه البسيطة حمار يشنف نهيقه الآذان، وكل كنار يحظى بصوت شجي، والسعدان مولع بالتقليد، وهو مهرج بامتياز، والسمكة تموت خارج الماء، والقطة تموت إذا وقعت في نهر أو ساقية، وهناك نوع من الطيور بحجم العصافير، يعيش الذكر مع إنثاه، وكل منهما على درجة عالية من العشق والإخلاص لرفيقه، وتسميه العامة «طيور الحب» فإذا مات أحدهما امتنع الآخر عن الطعام والشراب وأعلن الحزن حتى يموت ألماً ويلحق بمحبوبه قبل أن يمر بمرحلة الجنون على قرار قيس صاحب ليلى.
وإذا تابعنا هذا الإحصاء فسنصل إلى تقرير يؤكد أن حيوانات الفصيلة الواحدة تتشابه في كل الطبائع والسلوك والصفات، لا يشذ أي واحد منها عن جميع أقرانه في الفصيلة الحيوانية الواحدة، وهذا يعني أننا لن نقع على نمر جبان، ولن نجد ثعلباً مخبولاً، أو طاووساً يحمل فضيلة التواضع، أو أرنباً يتباهى بنياشين البطولات.
عجيب أمر هذا الإنسان الذي وحده من سائر المخلوقات يجمع بين الصفات المختلفة لباقي الكائنات الحية في هذه المعمورة، فهو أي الإنسان من ثقب الأوزون، ويحاول أن يرتق هذا الثقب، وهو الذي يضرم الحروب ثم يتنادى لعقد مؤتمرات السلام، وهو الذي أوجد نظام العبودية، ويجاهد بعدها لتحرير العبيد والصراخ لأجل المساواة، وهو الذي يأكل حتى التخمة ويخترع الكازوز، وهو ومازال الكلام عن الإنسان الذي يرتكب الفظائع والموبقات دون أن يرف له جفن ثم تسيل دموعه مدرارة على خديه حين يقع على لقطة مؤثرة في مشاهدة فيلم أو قراءة كتاب.
ترى لو قدر للحيوانات أن تطلع على حياة الإنسان فهل من المستبعد أن تجحظ عيناها من الدهشة، أو تفرط خواصرها من شدة الضحك؟!.