كانت قد وعدتها بها أمها.. مشت سلمى والسعادة تتمايل بدلع وألق في قلبها..
قالت لأمها: أيمكننا أن نطير..؟ سنكون أنا وأنت فقط.. فردت الأم: لا يمكن للإنسان أن يطير يا حبيبتي.. لأنه لايملك جناحين.. فهو له قدمان يسير بهما على الأرض.. فلماذا يطير في السماء؟ أجابت سلمى: لأني أريد أن أصل إلى الدكان بأسرع وقت ممكن.. ضحكت الأم ونظرت إلى طفلتها نظرة ود وحب.. وشدت على يدها بعطف شديد.. وتابعتا المسير مع انسلال الليل حاضناً القمر وهو يشق طريقه ليستقر بين أحضان السماء...
وصلتا الدكان.. فوجدتاه مزدحماً جداً انتظريني هنا.. قالت لها أمها.. ثم دخلت الدكان.. وقفت سلمى تنتظر.. وتنتظر فشعرت بملل رهيب حطَّ رحاله فوق رأسها.. فدفعتها قدماها للعب في الساحة المقابلة للدكان.. ونسيت قلبها يعانق الحلم بالطعم الحلو.. وفجأة.. تفجر الحلم بقنابل الذعر و الدخان.. وقعت.. ترنحت.. جرت قدميها إلى حيث كانت أمها..
رأت سيارة لدورية إسرائيلية تسير تاركة خلفها رياحاً.. تصفر بكل أشكال الإجرام والحقد.. وكلما كانت سلمى تقترب أكثر.. كان الغبار يتكاثف أكثر.. إلى أن وصلت عتبة الدكان.. فوقفت والرياح تحجب عن عينيها الرؤية تماماً.. مدت يدها تتحسس المكان.. فلامست جسدها هامداً ممدداً على الأرض.. تحسسته في محاولة للبحث فيه عن نبض أمها.. فأحست في يدها لزوجة وحرارة..
أخذت تصيح: أمي.. أين أنت؟
وراحت تمسح الضباب عن عينيها.. ولكن كيف..؟ تذكرت أحلامها مع الحلوى.. لحظات مرت بطيئة.. ثم راح الضباب ينقشع تاركاً عينيها ملتصقتين بلزوجة الدم في الجثة الحبيبة الهامدة.. الذي امتزج بقطعة الحلوى..
وسالت من عيني سلمى ملوحة شققت قلب يتيمة حلمت طويلاً بالطعم الحلو.