كتب السيناريو بشير الديك وأخرجه نادر جلال، وإنتاج شركة «الكينج توت». في البداية قيل إنه مقتبس عن قصة حقيقية كتبها اللواء ماهر عبد الحميد عن شخصية عابد كرمان، أو عبد الرحيم قرمان الذي تعاون مع جهاز المخابرات المصرية لسنوات عدة، كعميل داخل اسرائيل، خلال فترة حرب الاستنزاف، تأخر عرضه منذ العام الماضي، بناء على منع الجهات الأمنية المصرية، ثم أجيز عرضه بعد ثورة 25 (كانون الثاني) على عدد من الفضائيات، منها التلفزيون المصري، وإم بي سي والحياة وبانوراما رمضان وقنوات آرتي.
بين الحاضر والماضي
يعود تبلور الدراما المخابراتية والجاسوسية، بصورتها الحالية فعليا عقب حرب حزيران 1967م، وعندما جاء انتصار حرب تشرين أشعل جذوة الحماسة في النفوس، وأعاد الثقة في القيادة العربية العسكرية، وفى البيانات العسكرية، وذاق الناس حينها لأوَّل مرة في تاريخهم الحديث منذ سنوات، حلاوة نصر حقيقي، وزهوة فخر واعتزاز، اشتاقوا إليها طويلا وكثيرا..
وعقب نصر، تشرين /أكتوبر / ظهر أول فيلم مصري، يعبَّر عن دراما الجاسوسية، على نحو مدروس، وينقل صورة فعلية لعمل أجهزة المخابرات، وتقنياتهم، التي كانت مستخدمة في تلك الأيام، وهو فيلم (الصعود إلى الهاوية)، والذي كان، وما زال، أفضل دراما سينمائية قدَّمت حتى الآن، في هذا العالم الغامض المثير..
ثم، وبعد عدة سنوات، قدَّم التلفزيون المصري مسلسل (دموع في عيون وقحة)، من بطولة النجم (عادل إمام)، ليبدأ حقبة جديدة من دراما الجاسوسية، التي تتجاوز مرحلة التعامل ثنائي الأبعاد، إلى الدراما ثلاثية الأبعاد، حيث تكون لكل الشخصيات أبعاد درامية مؤثرة ومتشابكة، تمتزج بأعمال التجسَّس والمخابرات، لتمنح المشاهد صورة أقرب إلى الواقع، جذبت انتباه المشاهدين، وأثلجت صدورهم، وفجرَّت حماستهم، وخلقت رابطة جديدة بين المواطن العادي وأجهزة المخابرات، تختلف بمائة وثمانين درجة عن تلك الرابطة، التي تكوَّنت عقب نكسة حزيران 1967م.
ولكن التفجَّر الحقيقي للعلاقة بين المشاهد ودراما الجاسوسية جاء مع أحد أقوى المسلسلات التلفزيونية في هذا المجال، وهو مسلسل (رأفت الهجان)، الذي نقل تفاصيل معالجة درامية، لأحد ملفات المخابرات الحقيقية، حول أحد أقوى العمليات المخابراتية، وأدى فيها دور البطولة النجم (محمود عبد العزيز)، وحقَّق نجاحا مذهلا، حتى إن شوارع مصر وبعض الدول العربية كانت تخلو تقريبا من المارة، في أوقات عرض المسلسل، كما أن الحماسة قد تفجَّرت في كل القلوب والنفوس، مع استعراض المسلسل للعبة الذكاء المدهشة، التي تم من خلالها اختيار شاب متهم بالتحايل، وتدريبه وصقله، واستغلال مواهبه الفطرية، من خلال خبراء المخابرات العامة المصرية، ليتحول بعدها إلى واحد من أهم عيون مصر، المزروعة في قلب المجتمع الإسرائيلى، ويمارس مهامه بنجاح منقطع النظير، حتى إنه يموت في النهاية في فراشه، دون أن ينكشف أمره.
كانت تلك بداية بالغة القوة، لارتباط المشاهد الوثيق بعالم المخابرات ودراما الجاسوسية، وكان لما أعقب هذا من مقالات صحفية، ولقاءات تلفزيونية، واستنكار إسرائيلي، ثم كشف للحقائق والصور، واضطرار إسرائيل ومخابراتها للاعتراف بالأمر أثره الرائع، في تفجير حماسة الجميع أكثر وأكثر، وارتباطهم على نحو شغفي بدراما الجاسوسية ولعبة المخابرات، حتى إن العديدين من الشباب كانوا يتوجهون، عقب كل إذاعة أو إعادة للمسلسل إلى المخابرات العامة، يطلبون التطوع أو العمل، من شدة حماستهم لهذا العالم.
وتوالت بعدها دراما الجاسوسية، على الشاشتين الكبيرة والصغيرة، وشغف الناس بها أكثر وأكثر لفترة طويلة من الوقت، ثم انحسر الأمر عدة سنوات، قبل أن يعود ذلك الشغف إلى الظهور على نحو ملموس، في السنوات الأخيرة.
هل يضيع عابد كرمان ما بين الواقع والخيال
هل يمكن للحقيقة التي فجرها منتج المسلسل هشام شعبان والتي أعلن فيها أن مسلسل «عابد كرمان» مأخوذ عن رواية خيالية من قصة كتبها ماهر عبد الحميد بعنوان «كنت صديقا لديان» وبالتالي ليست مأخوذة من ملفات المخابرات ولكن من بنات أفكار المؤلف وكل ما ورد بها لا يمت للواقع بصلة، ومن هنا نقول:هل يمكن لتناقض الروايات القائلة المتعلقة بوهمية شخصية عابد كرمان ربما تقلص مستوى المشاهدة، وربما لا يمكن للمسلسل أن يحظى على مستوى المشاهدة التي حققها مسلسل رأفت الهجان، هذا ما ستظهره الأيام المقبلة.
وبخصوص ذلك أشار «هشام شعبان» إلى أن السينما العالمية والمصرية كان آخرها فيلم «أولاد العم» الذي عرض العام الماضي وأيضا عدد من المسلسلات الدرامية تناولت الصراعات بين أجهزة المخابرات والنسبة الأكبر من هذه الأعمال والتي حققت نجاحا كبيرا ليست مستوحاة من ملفات المخابرات وتعتمد قصتها على خيال كتابها وبالتالي ليس شرطا أن يكون «عابد كرمان» مأخوذا عن قصة حقيقية.
وعن أسباب اختيار السوري تيم حسن لدور البطولة أكد منتج المسلسل أن الاختيار أتى من طبيعة المواصفات التي كتبها مؤلف الرواية التي ووجدناها تنطبق على تيم الحسن.
فطبقا لأحداث العمل فان «عابد كرمان» شاب فلسطيني يتحدث باللهجة الشامية وينتمي لعرب48 وقد حصل على الجنسية الإسرائيلية، ويعمل بها ويعيش هناك بشكل طبيعي إلى أن يتم تجنيده للعمل كعميل لدى جهاز المخابرات.
وعن أسباب تغيير اسم المسلسل من «كنت صديقا لديان» إلى عابد كرمان قال: «عابد كرمان» اسم الشخصية الرئيسية التي تدور حولها الأحداث ووجدنا أن الاسم الجديد سيكون معبرا عن المسلسل بشكل أفضل.
«عابد كرمان» بطولة تيم حسن وعبد الرحمن أبو زهرة وشيرين وفاديه عبد الغني وإبراهيم يسري ومحمد وفيق وريم البارودي وميرنا المهندس ومحمد عبد الحافظ وألفت إمام ونبيل نور الدين وأحمد حلاوة إخراج نادر جلال.