ولديها موهبة في تصميم وصناعة الاكسسوارات، أرادت تنميتها عمليا، فمن مبلغ زهيد وقدره 2000 ليرة سورية،كانت تشتري مواد لصناعة الاكسسوار وتبيعه لصديقاتها، فاستطاعت أن تفرض وجودها رغم المعاناة التي وقفت في طريقها ورغم مرضها ووفاة أبيها، إلا أنها لم تستسلم لهذه الظروف،بل كانت دافعا لاستمرارها نحو الأمام، حيث بحثت عن أشخاص مدوا لها يد العون وعلموها كيف تنظم أفكارها وتطور عملها، أرشدوها إلى الطريق الصحيح،لتدخل الحياة العملية من أوسع أبوابها، ونحن نبحث دائما عن كل شاب طموح ونشد على يده للوصول للأفضل، والتقيت مع «إرم الحرك» التي قالت:
أتيت من محافظة حماه مدينة مصياف إلى دمشق لأدرس في كلية الآداب قسم آثار ومتاحف، في البداية كنت أتعرف على هذه المدينة الجميلة، وكأي فتاة أردت العمل إلى جانب دراستي لأعيل نفسي فعملت في عدة مجالات مختلفة، ولكن وبسبب مرضي في الحبال الصوتية اختفى صوتي لمدة شهور فأعاق عملي، فبحثت عن عمل آخر ولم أجد، وكنت قد فقدت الأمل بأن يعود صوتي من جديد، وأنا كنت اصمم لنفسي إكسسوارات، أشتري المواد الأولية واصنعها لنفسي،
وأصدقائي كانوا يسألونني من أين أشتري هذه الإكسسوارات فأجيبهم إنني أنا من يصنعها، وطلبوا مني أن اصمم لهم مثلها، ومن هنا قررت أن أصنع إكسسوارات وأبيعها، وشجعتني عائلتي على ذلك، فصرت اشتري بعض المواد الأولية بمبلغ بسيط،وأبيعها إلى صديقاتي، وأصرف ما يأتيني من مبالغ ثم أعود وأجمع المال لشراء المواد، وهكذا، فكانت المواد التي احتاجها في هذه الصناعة مؤلفة من خشب وعظم وخرز وبلاستيك وحجر، وأيضا الصوف.
ولقد كانت لي طاولة صغيرة في غرفتي هناك، أضع عليها زبادي مليئة بالمواد التي احتاجها في العمل، وكنت اعمل وأنا في غاية السعادة، وهنا بدأت أفكر كيف أطور عملي، أردت مشروعاً كبيراً، فسمعت عن مشروع شباب، ومشروع شباب أحد مشاريع الأمانة السورية للتنمية، وهي جمعية غير ربحية، تهدف لمساعدة الشباب وتهتم بهم، وتمد لهم يد المساعدة، فأنا كطالبة في الجامعة ليست لدي أرضية، في مجال العمل وخططه، وكيف أمتلك رأس المال ومن أين تأتي الأرباح، وكيف استثمرها، فأتيت إلى عيادات العمل، وأخبرتهم عن مشروعي، وأنني لا أملك أي خبرة في هذا المجال، وهم بكل رحابة صدر احتضنوني، وقدموا لي خطة عمل كنموذج، وأضيف عليها، وقدموا لي الكثير من الخبرات والدورات والمهارات، بالإضافة إلى ورشات العمل،التي يحاضر بها شخصيات مهمة من كبرى الشركات في سورية، التي تختص في إدارة الوقت والمهارة في القيادة، لمن يريد أن يصبح من رواد الأعمال وكيفية حل المشكلات التي تعترضه، حتى ولو كانت صغيرة، وكذلك العمل ضمن الفريق الواحد، وأصبح لي في عيادات العمل سنة،وهنا تعرفت على شريكي الذي يدرس في كلية الاقتصاد، وتعرف على مشروعي ومن هنا كانت النقلة التي غيرت مجرى حياتي من فتاة عندها موهبة في التصميم الفني إلى فتاة تعرف ماذا تريد، وقمنا بدراسة العمل بشكل مخطط وبتحليل أوضح، من هي الشريحة المستهدفة؟ وقررنا أن نعمل شيئاً شعبياً ونموذجياً قطع إكسسوارات مؤلفة من 3 نماذج فقط، وبعد ذلك اشتركنا ببرنامج انطلاقة تقدمه شركة شيل للنفط وهو برنامج مجاني لرواد الأعمال الذين يمتلكون أفكاراً لمشاريع، وكانت هذه الدورة مهمة جدا لنا،جعلتنا متفاعلين مع رواد الأعمال بالدورة، وأخذنا المركز الثالث في الدورة وعلى أساسها سنترشح للمسابقة السنوية، التي تقيمها الشركة لرواد الأعمال السوريين،لأفضل فكرة، وأفضل خطة، وكفكرة لمشروعنا الذي يحاكي التراث فكانت خططنا هي كيف نكبر مشروعنا، فنحن لا نطمح أن نفتح محلاً لبيع الإكسسوار، بل أن نقيم المعارض في الفور سيزن وغيره، وكذلك إقامة معارض دولية، وبخطة الإصلاح التي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد نوه إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فأنا أتأمل أن يكون هناك دعم لمشروعي، وبما أن رأسمالي صغير وليس لدي سوق كبير لتصريف منتجاتي، سوى أصدقائي والقليل من المحلات، قررت أن آخذ قرضاً لأوسع عملي مبدئياً، فكانت خطة عملنا هي دراسة المستهلك، من هم، وما هي الأسعار التي سنضعها، فموادنا الأولية ليست مستوردة وغير مكلفة فثمن القطعة التي سنحددها، هو ثمن التصميم والفردية في القطعة، فشريكي سيستلم الإدارة، وأنا الإنتاج فهو لديه القدرة على التحليل سنسوق كلانا للعمل، ولكن كل ذلك يحتاج على الأقل حوالي 200 ألف ليرة سورية، ومن هنا كانت فكرة القرض، كي أضع ستا ندات في كل المحلات وبماركة تحمل اسمي إرم ومعناه دمشق، إضافة إلى حملة الإعلانات الذي سنطلقها في مختلف الوسائل الإعلامية، وأنا أستطيع أن أصمم الموديل الذي تختاره الفتاة مهما كان صعباً وأكفله مدى الحياة، وأتمنى أن يستطيع شبابنا تنفيذ طموحه كما فعلت أنا.
«عبد الحميد» طالب اقتصاد في مرحلة التخرج، والشريك لمشروع إرم قال: بدأت إرم بالمشروع عندما قامت لأول مرة بتصميم الإكسسوار لنفسها، وتشتري المواد الأولية وتصنع منها الموديلات المختلفة ورأيت كيف تعمل، وتتقن عملها بشكل رائع وكم لاقى قبولاً بين صديقاتها، وهنا فكرنا سوياً بأن نجعل هذا العمل على مستوى عال، ودخلنا بمشروع انطلاقة ليساعدنا كيف نخطط للمشروع وندرس الجدوى المالية له، أنا لدي الخبرة الكافية لاختصاصي بالإدارة، ولكن من أجل إرم حتى تمتلك المهارة الفنية والعملية، والجميل بالمشروع هو اعتمادها على المهارة اليدوية فهذا ما يجعل الموديلات التي تصنعها مميزة وبعيدة عن النمط التجاري، ولدينا طموح أن نصل لكل شخص خارج البلد، وذلك لنقل تراثنا للعالم أجمع،
«رشا عيسى» صديقة ارم قالت: الإكسسوار هو عمل من الأعمال التي تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالشخص، فهو يعبر بطريقة أو بأخرى عن إبداع الإنسان وذلك من خلال الرسم للمادة التي في خياله، وتحويلها إلى قطعة ملموسة، وهي تحتاج إلى أبعاد مختلفة من التطور والمتابعة، وفهم لمتطلبات السوق، ورغبة المستهلك بالدرجة الأولى، وطبيعة إرم وشخصيتها المرحة تساعدها على تطوير هذه الفكرة، مما ينعكس إيجابياً على عملها، ويفتح لها أبواباً كثيرة، ويدعها تتواصل بشكل مباشر مع الشباب، وتتعرف على كل ما هو جديد، وهي تمتلك لمسة إبداع وتصور، ولقد كنت من أشد المعجبات بعملها المتقن، ودائما أدعمها وأشد على يدها وكذلك وقوف شريكها عبد بقربها جعلها تثابر وتطمح إلى الأفضل، وهذا المشروع هو تمازج بين الخيال والواقع، ويعطي فرصة على طول الخط، لأنه يحتاج للمتابعة لكل ما هو جديد مع الحفاظ على لمسة تقليدية، وأنا أتمنى لمشروعها الوصول لكل العالم ولها التوفيق الدائم.