وها أنا من جديد أُدمن الإبحار في تلكما العينين الداكنتين .
أقلب لحظات حياتي مع تلك الأمواج الساكنة، وأجد نفسي مشدوداً نحو.. نحو سحره وعنفوانه وكل الانفعالات التي أصبحت جزءاً من شخصيتي، جزءاً لا يمكن أن أفكر مجرد تفكير في التخلي عنه.
أعترف بأنه البحر الأول والأخير الذي لم أقوَ على قهره وهو أول المعلنين عن سقوط مملكتي التي صرفت العديد من السنين في تحصينها وزركشتها وإظهارها على الشكل الذي يليق بالسلطان ولكن ولأول مرة أعلن الهزيمة، وأرفع راية الاستسلام في وجه من لم يستطع أي سلطان حتى الآن في الكون إخضاعه، أعلنت الهزيمة وأنا أرقص فرحاً ، أعلنت هيمنة الحب على كياني ويالها من هيمنة.
أخيراً استطعت الاستمتاع بطعم الحياة الجميل مع الحب والفرح والسعادة، طعم أنساني في تلك اللحظات ـ إعلان الهزيمة ـ شعور المرارة المصاحب للحظات الفشل، وكل ما كابدته في سبيل عدم الضعف أمام طغيان الحب.
وهاأنا مولود من جديد، مولود من رحم تلكما العينين الساحرتين الآسرتين، ومن صلب ذلك الحب الذي لا أريد له أن يصبح في لحظة من اللحظات وهماً وغباراً تذروه الرياح أو كريشة في مهب الريح تتلاعب بها نسمات الربيع المنعشة، لتحملها إلى مصيرها المجهول، حيث لا رجوع ولا إياب.