تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صناعة الإرهابيين.. مرتزقة الناتو أنموذجاً

متابعات سياسية
الاثنين 13-10-2014
 منير الموسى

بريطانيا وفرنسا كانتا تقومان بتجنيد المرتزقة من الدول الفقيرة منذ بداية ثمانينات القرن العشرين لمصلحة الناتو، وكانت مدة العقد 5 سنوات يتقاضى خلالها المرتزق راتبا شهريا يعادل 5 آلاف فرنك فرنسي آنذاك ويخضع لتدريبات عسكرية على يد مدربين سيكوباتيين وساديين يجرى انتقاؤهم خصيصا لهذه المهمة،

وهي تدريبات مرهقة جسديا ومدروسة نفسيا بإشراف خبراء نفسيين ويجربون عليه أنواعا من المخدرات ويتغاضون عن كل الموبقات وأحيانا يعرضونه للاغتصاب. وكان المرتزق يتلقى أفكارا متطرفة، تكفيرية ووهابية إذا كان مسلما، بشكل مدروس على يد زملاء مزيفين في المعسكر تدربوا في السي آي إيه والاستخبارات الأطلسية والخليجية، ويغرسون في اللاوعي لديه التطرف والقتل والنزعة الجهادية.‏

دفعات هؤلاء المرتزقة المتوالية على مدى 30 عاما وأكثر وهم بمئات الآلاف، قلما شارك أحدهم في حروب لمصلحة الأطلسي بشكل مباشر وخاصة إبان الحرب الباردة، وأنهيت عقود بعضهم قبل أوانها، ومعظمهم عاد إلى بلاده وبعضهم بقي في دول أوروبا. ولكن ما النتائج التي نجمت عن تجنيد تلك الدفعات وما أهدافها؟ وهل ثمة أهداف مركّبة أي هل كانت دول الناتو تنتظر منهم أن ينزلقوا بشكل تلقائي وعفوي نحو نشاط تخريبي في بلادهم؟ وهل غسل أدمغتهم منذ التحاقهم بوحدات المرتزقة الأطلسية تمّ ليعطي فيما بعد نتائج معينة، وهل نشاطهم الإرهابي اللاحق مجرد استعانة للعراب الأطلسي بأبنائه القدامى في العصابة ليروعوا شعوب المنطقة، أي هل تم ترتيب كل شيء عن قصد أم عمد ؟‏

عاد أولئك المرتزقة إلى بلادهم بعد انخراطهم عدة سنوات في الجيوش الغربية في الأجنحة والوحدات المنضوية تحت لواء الناتو، ومعهم كل الشذوذ الذي تعرضوا له، فبعضهم انضم إلى تنظيم القاعدة وآخرون كانوا في بلادهم كالسوس ينخر في بيئته الاجتماعية، علماً أنه توافر لدى بعضهم من رواتبهم أثناء الخدمة، مدّخرات مالية باهظة قياسا إلى الظروف المعيشية في بلادهم، وقد تحول جزء منهم إلى مافيات للتجارة بكل محرمات الأرض ولا سيما أن الفكر الوهابي علمهم أن صكوك الغفران تلازمهم. ومن تزوج منهم أنشأ جيلا تكفيريا متطرفا أفسد معه أترابه من الفقراء والمحتاجين من أمثال أبو سياف الذي يساند داعش هذه الأيام والذي صُنع عام1990 بأموال دول في الخليج بمباركة أميركية.‏

وداعش وجبهة النصرة وكل الشبكات الإرهابية الأخرى تضم مجموعات مرتزقة جديدة تنحدر من أولئك المرتزقة الأوائل في الناتو أو منهم هم أنفسهم، والذين كان الهدف منهم بعد غسل أدمغتهم، غسل أدمغة مجتمعاتهم. وهؤلاء هم المتطرفون الذين جندتهم دول خليجية بناء على طلب حلف الأطلسي بقضهم وقضيضهم، وتعود جذورهم إلى اندونيسيا، وتايلاند، وماليزيا، والفلبين، وبينهم رعايا لدول عربية وأوروبية.‏

والسيناريو الأميركي الصهيوني يرسم لإنشاء دولة خلافة في المنطقة بحيث يتم التغير فيها ديمغرافيا وجلب أناس من كل أصقاع الأرض وجعلهم أكثرية ومحاولة تهجير أكبر عدد من سكان المنطقة الأصليين، وفائدة ذلك لأميركا وإسرائيل محو قضية فلسطين من ذاكرة أبناء المنطقة وجلب مهاجرين شذاذ آفاق إليها من فقراء العالم لا يمتون بصلة مع الحس الوطني تجاه هذه المنطقة ولا تكون بينهم وبين أميركا وإسرائيل أي ضغائن عندما تبدأان بنهب خيرات المنطقة. وفكرة الخلافة هي أحد السيناريوهات الأميركية التي خطط منذ بداية الألفية الثالثة على أن تنجز وتكتمل بحلول عام 2020 بحسب وثيقة نشرتها صحف أجنبية، ولو قوض لهذه الخلافة أن تنشأ بعد حروب الجيل الرابع، فإنها ستعيد المنطقة إلى القرون الوسطى وعصور الجهل والعبودية، والتي ستشكل تحديا كبيرا لقيم وأعراف المنطقة وهوياتها التاريخية والإسلامية، وتعد الشبكات الإرهابية في سورية والعراق هي نواتها. ولكل ذلك إن الضربات الأميركية المزعومة ضد داعش غير منطقية وغير مقبولة، وهذا التحالف «مسخرة ومهزلة» لأن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تقوم بها الدول التي مولت الإرهابيين بالعتاد والمال والمستشارين العسكريين وبالأمور اللوجستية، بعد خطط ودراسات استمرت 13 عاما منذ أحداث أيلول 2001 مباشرة، والتي لا تزال الشكوك والظنون حول مرتكبها الحقيقي تدور! .‏

أطماع الاستعمار الغربي ومعرفة الآليات والخطط التي يضعها للعودة إلى المنطقة عبر تقسيم جديد يلغي سايكس بيكو، يجعلاننا نعرف لماذا هذه المجازر التي ترتكب في المنطقة خلال الخمسة والثلاثين عاما الماضية، من حرب الخليج الأولى إلى الثانية ثم احتلال العراق، وقبلهُ إجرام الإخوان المسلمين في الثمانينات في سورية والإرهاب الأطلسي هذه الأيام، والطائرات من طيار من باكستان إلى سورية، لتغيير مستقبل المنطقة.‏

وما يحصل هو أن الإمبراطورية الأميركية تصنع الفوضى بحدودها القصوى في البلدان التي تستهدفها كسورية والعراق أو تضعها على أبواب الدول التي ستستهدفها لاحقا، كإيران وروسيا والصين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية