سبيله للخير والنجاح والتفوق وفي أحيان أخرى قد تكون سبيلا وسببا للفشل والانحدار الأخلاقي، وهو الأمر الذي يمهد لكثير من السلوكيات الخاطئة وغير المقبولة تربويا واجتماعيا ولعل من ابرز تلك السلوكيات الشجار المستمر بين الأبناء بوجهه السلبي الذي يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأبناء والأسرة والمجتمع بشكل عام لما يحمله من تداعيات مستقبلية على سلوك الإنسان خارج منزله .
شجار متواصل ..
السيدة أم مجد قالت :إن أولادها الأربعة المتقاربة أعمارهم يتشاجرون كثيرا وعلى أتفه الأسباب وهي لا تستطيع أن تدخل بينهم لإبعادهم عن بعضهم البعض لأنها قد تحصل على ضربة من هنا أو ضربة من هناك لان أولادها قد تجاوزوا السابعة عشر عاما، وتضيف أم مجد أن هذه المشكلة كانت موجودة عند أبنائها منذ أن كانوا أطفالا صغارا لكنها لم تكن تعرهم أي انتباه سوى سبهم وشتمهم وأحيانا ضربهم لكنها لم تتصور أن تلازمهم هذه الحالة حتى سن المراهقة والشباب.
بدورها قالت أم سومر: إن طفليها يتشاجرون في كثير من الأحيان وأنها تقوم بتعنيفهم للحد من هذا السلوك أو لفض الاشتباك بينهم، مضيفة أنها تخشى أن يستمر هذا السلوك حتى سن المراهقة والشباب، أما السيدة أم جمال فتقول :إن طفليها التوءمين في صراع وشجار دائمين بسبب خلافهما على الألعاب أحيانا لكنها دون أن تعرف قد ذكرت السبب الرئيس للخلاف وهو ابتعادها وإهمالها لهم لفترات طويلة وتركها لهم عند جدتهما وأحيانا تأخذ واحدا معها وتترك الآخر لعدة أيام .
وعي الوالدين ..
وقد يبدأ الشجار باختلاف في وجهات النظر ثم يتطور الأمر إلى السب والشتم والكلام الجارح والنابي وقد يتطور أحيانا إلى الضرب المتبادل وهنا تكمن الخطورة، على اعتبار أن هذه النوع من الشجار أي الذي يتطور إلى مرحلة الضرب من شانه أن ينمي السلوك العدواني داخل الأبناء خاصة الأطفال منهم حيث يكبر ويتطور هذا السلوك معهم وقد يستمر معهم إلى مرحلة الشباب وما بعدها، حيث يصعب في تلك المرحلة معالجة هذا السلوك التي أصبح جزءا من شخصيتهم وطبيعتهم وثقافتهم الاجتماعية.
ويعتبر غياب الوعي عند الوالدين السبب الرئيس في تطور صراع الأشقاء، وذلك نتيجة لسلوكيات الوالدين الخاطئة أمام أبنائهم كالشجار الدائم أمامهم والقيام ببعض السلوكيات الاجتماعية غير اللائقة والتحدث بكلمات وألفاظ نابية، وكذلك الفظاظة بالتعامل معهم بالإضافة إلى عدم غرس القيم والمبادئ الاجتماعية الصحيحة كالحب والحنان والعطف على بعضهم البعض، دون أن ننسى أن تفضيل طفل على الآخر من حيث الدلال والتربية وتلبية كل متطلباته يؤدي إلى حالة من الغيرة وأحيانا الكره عند بقية أخوته، كما أن تفضيل الذكور على الإناث من شانه أن يولد البغضاء والكره والحقد بين الأبناء، كما إن انشغال الأهل عن أبنائهم وغيابهم المتكرر عن المنزل وإهمالهم بقصد أو دون قصد يلعب دورا كبيرا في نشوء الخلافات والصراعات بين الأبناء.
غرس بذور الحب ..
إن رعاية الأهل لأبنائهم وغرس بذور الحب والحنان فيهم منذ الصغر يعد من الأمور الهامة والأساسية التي تنمي فيهم المشاعر النبيلة تجاه بعضهم البعض التي من شأنها أن تكون اللبنة الأساسية التي تحكم علاقاتهم فيما بينهم على أساس الاحترام والحب، وانطلاقا من ذلك فان الأسرة المتفاهمة التي يتعامل أفرادها بود ومحبة متبادلة تعتبر هي الأساس لتربية السمات الطيبة عند الطفل ومعاملته الحسنة للأخرين، ولعل الأسلوب الصحيح لتربية أطفالنا على تلك المشاعر النبيلة يتمثل بأن نجعل أنفسنا قدوة حسنة ومثالا يحتذى به الطفل في سلوكه لذلك علينا كمجتمع وأسرة أن نولي اهتماما اكبر بمسألة زرع مشاعر العطف والحنان في نفس الطفل كونها ضرورة ووسيلة هامة لمكافحة الجفاء واللامبالاة والقسوة التي يظهرها الطفل في تعامله مع أخوته داخل المنزل ومع الاخرين، كما يتوجب على الوالدين في حال نشب خلاف بين أبنائها المسارعة إلى حل تلك الخلافات والتقريب بينهم عبر تعويدهم الحوار الهادئ والمتزن والخلاق، دون أن ننسى تعليمهم على احترام واحتواء بعضهم البعض وعدم البوح بكلمات جارحة وغير لائقة فيما بينهم وتعويدهم التسامح والاعتذار، كما يجب على الأهل تدريب الأبناء على مهارات حل مشكلاتهم بأنفسهم وبالحوار والنقاش، بالإضافة إلى مكافأة الأبناء المتسامحين والمتعاونين.